الإحتلال المتعدد والمنافع المتبادلة!!
    الأربعاء 22 مايو / أيار 2019 - 05:15
    د. صادق السامرائي
    العراق بلد تعددت القوى التي تحتله وتنوعت أهدافها وتطلعاتها وتشترك في أنها تتعايش فيه وفقا لآليات تبادل المنفعة.
    فالقوى المحتلة للعراق , لا تعادي بعضها أو تتنافس فيه وإنما قد توافقت وإتفقت ونظمت وجودها فيه , وفقا لما يساهم في تحقيق إراداتها جميعا , فكل قوة تسعى نحو تعزيز المنافع المتبادلة مع القوة الأخرى.
    وهذا يعني أن العراق سيبقى على هذا الحال لعقود متواصلة , لأن العصر لا يشبه أي عصر سبقه , وآليات التفاعل قد تطورت , والمصالح تعددت , والفرائس تكاثرت , وما دام البلد فيه من أهله مَن يكون مؤهلا للقيام بأي دور ضده , فأن الإستثمار في أهل البلاد في ذروته لتأمين مصالح القوى وترسيخ مفاهيم المنافع المتبادلة.
    وهناك قوتان رئيسيتان مهيمنتان على الواقع القائم , وعدد من القوى التي تدور في فلكيهما وفي أفلاك قوى أخرى غير رئيسية , لكنها فعالة ومؤثرة في مسيرة الأيام والحياة.
    فالإحتلال الذي يتعرض له العراق هو عولمي , وتوفر له القدرات العالمية أحدث ما توصلت له مختبرات الإعداد لإبادة البشر وإفتراس البلدان.
    والمشكلة الكبرى أن البلاد قد تم إحتلالها بواسطة عدد من أهلها , الذين تم تأهيلهم وبرمجتهم ليكونوا أشد عدوانية على البلاد والعباد من الساعين لإمتلاكها وتدميرها.
    وهذه ظاهرة قاهرة ومؤثرة في بناء المواقف والحالات والتداعيات , الكفيلة بإطلاق قدرات التدمير الذاتي والموضوعي , ودفع الناس إلى حيث لا يريدون بإرادتهم التي يخيم عليها الخداع والتضليل والإعماء المدروس والمحسوب , وفقا لما تقتضيه المصالح وتطمح إليه الأهداف.
    ومن هنا فأن القول بأن هذه القوة ستقاتل تلك وأنها تريد النيل منها , نوع من الهذيان المريض , فالقوى المحتلة للبلاد متكاتفة ومتعاضدة ويؤمّن بعضها مصالح البعض الآخر , وجميعها تأخذ ولا تعطي , والناس هي التي تبذل كل شيئ والوطن ينزف ثرواته , والناس في أصفاد الحاجات والحكم بالحرمان من أبسط أدوات الحياة التي هي حق لكنها تجاوزت أفق الأمنيات.
    ولا يمكن الخروج من هذه الشبكة الإحتلالية التي تزداد نسجا وحبكا إلا بإسترداد الوعي الوطني والإيمان بالمواطنة , والسعي الصادق نحو بناء مستقبل يكون فيه للإنسان قيمة كبرى , وقوة إيجابية للحيلولة دون الوقوع في أفواه المفترسين الذين صار بعض أبناء البلاد يقدمون لهم البلاد وأهلها بأطباقٍ من ذهب!!
    فهل من إرادة وطنية ووعي لمفاهيم الحياة المعاصرة وتقديس المواطنة؟!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media