قراءة في الديوان الشعري ( أناشيد زورق ) للشاعر جميل حسين الساعدي
    السبت 1 يونيو / حزيران 2019 - 15:19
    جمعة عبد الله
    موهبة شعرية فرضت نفسها على الواقع الثقافي , منذ صغره وهو يافع , يخوض تجربة  غمار الشعر في موهبته الاصيلة . التي تحمل في طياتها جمال الاصالة الشعرية . ومنذ ذلك الوقت , وهو يبحر  غمار الشعر في تجربته وخبرته الطويلة . قد تتجاوز  على  على خمسة عقود . . وقد اصدر من خلالها اربعة دواوين شعرية . والكثير من القصائد التي لم توثق في دواوين شعرية اخرى . وهذه الدواوين الاربعة : 
    1 - الديوان الاول ( اللواهب ) عام 1975 . 
    2 - الديوان الثاني ( رسائل من وراء الحدود ) عام 1980 . 
    3 - الديوان الثالث ( أناشيد زورق ) عام 2005 . 
    4 - الديوان الرابع ( طقوس ) عام 2006 . 
    كما اصدر رواية باللغة الالمانية . رواية ( تركة لاعب الكريات الزجاجية ) . 
    ونتناول في هذه المقالة . بمثابة استكشافات  في عمق  الرومانسية العذبة والشفافة من خلال ديوانه الثالث المعنون ( أناشيد زورق ) . في عوالمه الرومانسية .  بالمشاعر الملتهبة والجياشة . والديوان الشعري , يأتي  ضمن انجازه الشعري الطويل في تجربته المتألقة  , التي  تتميز في اسلوبية متفردة وجادة , و تملك لون خاص في تناول العالم الحالم بالرومانسي  , في احاسيسه المرهفة والملتهبة من اعماق الوجدان . ويتميز شعره الرومانتيكي في صياغة  جمالية الاحساس  بالمشاعر التي تبحر في بحر العشق والهوى  . ولكن  رغم جراحها ومعاناتها , لكنها لاتدلف الى مناقب  النوح والبكاء . رغم المحنة والعذاب في  الحب والعشق ,  الذي يتلاعب بمشاعر القلب والوجدان  . ان قصائده الشعرية , تمتلك آفاق واسعة وخصبة في عشبة  الخيال الرومانسي الخلاق . وهي ليس محض خيال صرف . وانما تملك فعل وتجربة صادقة , في تجربتها ومعاشيتها , الفعلية والحقيقية . تملك ارضية واقعية في التناول في خوض تجربة   الحب والعشق . في الهوى والهيام , في طينة الحب الجياش الصادق الذي يفور في الضلوع  , أن  قصائده ليس للاستهلاك الرومانسي العابر . بل أنها منفلتة  من اعماق الوجدان ونبض القلب . في العشق الذي يجري نبضاته  في العروق والشرايين . يقدمها في  هالة الشعور الرومانتيكي . في اطار شعري حديث في الفنية في  تقنياته المتطورة في الصياغة . يشد القارئ اليها ,  ويجعله يبحر في الرؤى الرومانتيكية  بكل  الشوق والاشتياق   . ويتعاطف وجدانياً مع الشاعر . الذي ترجم مشاعره الصادقة والحساسة في رؤى الشعر  . التي تعطي قيمة للحب والعشق , تعطي قيمة للمرأة الحبيبة , حتى في خصامها وخلافها وانفصالها عن رابطة الحب والعشق . فهو يمتلك مشاعر جياشة في الحب العذري , ولا ينزلق مطلقا الى الشبق الايروسي الملتهب . وانما يعطي قيمة معنوية لهالة الحب , في الحنين والاشتياق في العطش والظمأ الروحي . رغم معاناة الحياة وشقاء قسوة الحياة , التي تجني على الحب الصادق الملتهب في مشاعره الجياشة . لنسافر في رحلة الديوان الشعري ( أناشيد زورق ) في بعض قصائده المختارة , التي تعطي الخطوط العامة لعالمه الرومانسي . 
    1 - حين يهدر الحب فرصة التسامح والتصالح : ويقود آفاقه  الى مجاهيل مسدودة  . ليس لها شراقة وبسمة أمل ,  من الشوق والهوى , وانما تجعل سماء الحب , ملبدة بالغيوم بالرعود والبروق والتشاجر  , في العواصف الهائجة , التي تفضي الى  هجرة الحب وسد ابوابه  . لكنها في نفس الوقت  تفتح باب  الجراح بالفراق والهجر .  ولا  تختار طريق الندامة    , ولاترجع الى مسالك الحب الصافية ,  الحب ليس التلاعب على العواطف التي تقود الى أطفاء شعلة   , فهذا الطريق والاختيار  مرفوض , بدلاً من ان ترجع نادمة . 
    إني أنتظرت بأن تعودي نادمة              لكن رجعتِ كما السماء القاتمه
    مزروعة بالرعدِ والامطار تنْ......         تنفضين في وجهي زوابع ناقمه
    ان تعصفي مثل الرياح وتعبثي              بعواطفي أو تعودي  غائمه
    هذا الخيار رفضته ورفضت أن             أحيا بغير مشاعري المتناغمه 
    ------------------- 
    لا لنْ يغامر من جديدٍ زورقي             حيث العواصف والسماء الغائمه 
    إني عرفت البحر في هيجانه             واخاف من امواجه المتلاطمة 
    لا تذكري الماضي فقد ودعته            لا توقظي في الجراح النائمه 
    2 - حكاية الحب : مغامرة الابحار في سفينة الحب , تتطلب السفر الدائم للعاشق المغامر, ان يجد عشبة الحب المشتهاة  . حتى تكون بلسم لهمومه النازفة , فهي البلسم الشافي  , ليجد روضته الزاهية , ليسكر في نبيذ الحب والعشق  الى حد الثمالة . ولكن يتطلب ذلك الوفاق والانسجام والوفاء . وليس ان يتخذ من الحب ساحة لتصفية الحسابات ,  فالحب النقي والصادق  , هو اكبر من كل الحسابات. واذا تحول عن ذلك , فيصبح  صب الزيت ليحترق الهيام والهوى , ليتحول الى رماد وفحم . ان ازهار العشق تتطلب المياه النقية الجارية من اعماق القلب . تتطلب الهواء النقي ولا الهواء الفاسد بالحماقات في تذكر الماضي وجراحاته النائمة . 
      لا تذكري الماضي فقد ودعته                  لا توقظي في الجراح النائمة 
      لا تفسدي بحساب صفو أوقاتي                فالحب اكبر من كل الحساباتِ 
     دعي المشاعر تجري في منابيعها             طوعاً فلا  تحبسيها بانتقاداتِ 
     ولا تنبشي في الذي فات من عمري           ولا تعيدي على سمعي حكاياتِ 
    والذكريات دعيها في مخبئها                    مدفونة مع احزاني وآهاتي 
    طويت صفحة اسفاري فلا تسلي                كم كنت أعرف قبلاً من محطاتِ 
    لا تسكبي الزيت في نار قد أنطفأت             إلا قليلاً  فذا احدى الحمقاتِ 
    3 - الحب من أول نظرة : الحب المخبؤ في سحر العيون , المتعطشة للهوى والهيام . تبرق في بريقها الجذاب . لكي تلهب عواطف القلب والوجدان . ليهيم في بريق العيون ونورها المشع . لترسم جنينة الهوى والاشتياق , لترسم بريشتها الاحلام الوردية . لتفتح الطريق لرحلة العشق , ليسكر بطعم حلاوة الحب . لتذوب العواطف , في المشاعر الجياشة , لتذوب في سحر العيون البراقة  في الهوى والهيام . ليجد مرفئه الحاني والموعود . 
    ذبتُ في حبكِ من أول نظرة                     وفؤادي لم يعد يملك امرهْ 
    منذ أن أبصرت عينيك وبي                      لهفة تلهب أعماقي كجمرهْ 
    ذهب الشوق بصبري كله                        آه لو أملك من أيوب صبرهْ
    سكن الحب عروقي كلها                         صار يجري في دمي كل قطرهْ 
    أن في عينيك سحراً نافذاً                       أثقن الساحر في عينيكِ دورهْ
    كل شيءٍ صار شيئاً اخراً                       في عيوني اصبح العالم غيرهْ
    4 - أغنيات الحب : الحب الذي يلهب في لهيبه اعماق الروح . ويتمرغ  في انغامه واناشيده العذبة  , التي تعزف بلحن العشق والغرام , يتلألأ في سحر العيون الناظرة . التي تسرح وتتمرح في آفاق الهوى , لتطفيء شعلته المتوهجة  في خلجات الفؤاد , تعجز الكلمات عن الوصف والتصوير . في بريق اغاني العشق التي تموج وترقص على لحن الشوق والاشتياق . فالحب اسمى من كل الاشياء, وفوق كل الاشياء . وتذوب فيه كل الاشياء  . فهو المبتغى والمنشود ,وتطير به الروح رقصاً وطربأً واغاني  يتسامر بها  العشاق . 
    أصبحت أجمل أغنياتي كلها                  توحي بها عيناكِ والبسماتُ 
    غنيتها فترددت ملء الفضا                  والى المجرة طارت النغماتُ 
    لا تسألي كم احبكِ ليس لي                    كيل أكيل به ولا أدوات ُ 
    لتعذري لغتي اذا قصرت                      هل تحصر الحب الكبير لغاتُ 
    أني أحبك ِ فوق كل معدل                    حباً به تتحدث النجماتُ  
    5 - المخادعة في  الحب : لاشك ان العلل  الظنون والشك  ومخاتلته في الحب , في التردد والتذبذب والمخادعة , والضحك على عواطف القلب . تجعل الحب يموج في المراوغة والخداع ,  تجعله في الفوضى العواطف ,   في هيجانها المتضاربة والمتنافرة والمخادعة  . فيتحول رؤى العشق والهيام الى مكيدة ومهزلة . لا تجلب سوى الاسى والحزن والآهات . يصبح سوى اللعب على الكلمات , في العواطف الكاذبة , سرعان ما تتبخر وتنطفيء نار الحب. فما اقسى الحب اذا اختار هذا الطريق . 
       إن قلتها وتحركت شفتاكِ                      ( أهواكَ ) لست بقائل ( أهواكِ ) 
    لا لست ناطقها فما الجدوى إذا                   مرت بأذني كاذبأ  اقاكِ 
     
    عيشي لوحدكِ واشربي نخب الهوى              كذباً فأني كاره لقياكِ
    ما عاد قلبي للخداع مصدقاً                        فلتتركيه فقد صحى وسلاكِ 
    في الامس كنت أراكِ قلباً حانياً                     فأقول كالمسحور ما أحلاكِ
    فأذا ضحكتِ فكل شيءٍ ضاحك                  وأذا بكيتِ فكل شيءٍ  باكِ 
    واليوم إذ ألقاك ِ يعصرني الاسى                فأصبح كالملدوغ ما أقساكِ 

    جمعة عبدالله
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media