الحلقة الثانية من دراسة الإسلاموية داء الإسلام.. الإسلاموية L’Islamisme مرض الإسلام العضال 2
    الجمعة 16 أغسطس / آب 2019 - 17:36
    د. جواد بشارة
    تنتشر بين أوساط المثقفين أفكار،  يعتقد البعض أنها صحيحة ويعتقد آخرون أنها ناجمة عن سوء فهم، تدمغ الإسلام جملة وتفصيلاً بصفة دين العنف والقتل  والتحريض على قتل اليهود والنصارى أو المسيحيين الذي يعترضون على هيمنة الدين الإسلامي عليهم ، وقد ترجم بعض المستعربين نصوصاً من القرآن والحديث  ومن كتب التراث الإسلامي ما يعزز هذه الصورة السلبية عن الإسلام في الغرب وفي أوساط الرأي العام الغربي ومن بين  النصوص هذه النماذج المختارة : 
    السورة 40 ـ الآيات 30-36
    وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِنْ الْمُسْرِفِينَ (31) وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32) وَآتَيْنَاهُمْ مِنْ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ (33) إِنَّ هَؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (34) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (36) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ.
    السورة 62 ت الآية 5
    مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)
    السورة 9 – الآية 29
    وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)
    وكذلك بعض ما ورد في سورة  التوبة  والدعوة للقتال والجهاد:
    فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
    قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) 
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) 
    وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) 
    انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) 
    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) 
    إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) 
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) 
    وعن الطبري " وصف محمد اليهود بالقردة والخنازير في  تعاطيهم مع إرادة الله فاحتج اليهود وقالوا لمحمد لم يسبق لك أن أهنتنا  فلماذا فعلت ذلك اليوم رد محمد  إن الله هو الذي فعل ذلك بكم.
    وفي حديث عن صحاح مسلم لا أذكر نصه بالضبط ولكني أذكر فحواه :" لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ويقتلونهم إلى أن يختبيء اليهودي خلف جدار أو شجرة فيصرخ الجدار أو الشجرة أيها المسلمون ياعباد الله يوجد هنا يهودي يختبيء خلفي  تعالوا واقتلوه.
    وفي صحاح البخاري حديث آخر يقول ما معناه": " عندما سممت جارية يهودية محمد وأصابه المرض الذي أدى لوفاته ، كان يحتضر ويقول : اللعنة على اليهود  والنصارى ــ المسيحيين ـ الذين جعلوا قبور أنبيائهم  معابد تعبد من دون الله. 
    وعلى إدعاء المسلمين المعتدلين أن الإسلام دين رحمة وتسامح، يرد البعض أنه يكفي قراءة بعض سور وآيات القرآن حتى يتضح للمرء ماهو الإسلام وماهي حقيقته ويمكن التعرف من خلال الإطلاع على النصوص  الدينية في القرآن والسنة والحديث النبوي  وكتب التاريخ الإسلامي على طبيعة الإسلام وهل هو  حقاً دين مسالم أم عنيف، متسامح أم متشدد ومتعصب. والحال أن الأمر في غاية الصعوبة والتعقيد، على الأقل من الناحية اللغوية فالغربيون من العامة يطلعون على النصوص المترجمة وليس  بلغتها الأصلية العربية والحال أن هناك المعنى المباشر والبسيط للنص ، وهناك المعاني المرادفة وغير المعروفة لغير المتخصصين  ومنها القابلة للتفسير والتأويل. وهناك كلمات لايفهم أحد معناها الحقيقي وردت في القرآن حتى من قبل رجال دين متخصصين فبما بالك بالنسبة للعامة من الناس سواء من المسلمين أنفسهم أو من الأجانب الذي لايعرفون اللغة العربية. فعلى سبيل كلمة "الحور" التي يفهم منها حوريات الجنة العذارى اللواتي ينتظرن  الشهداء والمجاهدين في الجنة قد تعني عنقود العنب في بعض التفاسير وكلمة " كفار" التي قد تعني المزارعين، وهناك الكثير من الاختلافات بقدر تعدد واختلاف التفاسير لنفس النص . فعقاب الزانية  يكون أحياناً بتطليقها وعزلها ونبذها وأحياناً بالجلد  ولكن في حديث عن النبي يقول بوجوب رجمها ولكن بشرط بعد ثبوت التهمة عليها وبوجود أربع شهود عيان بالرؤية لعملية الزنا وهذا شبه مستحيل. كما توجد نصوص متناقضة  وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه في القرآن لا يمكن للأجانب معرفتها والإطلاع عليها وبالتالي ستأتي أحاكمهم عن الإسلام سلبية حتماً. المواطن الغربي لا يستطيع أن يدرك الفرق بين السنة والشيعة وفهم كل منهما للإسلام وكيفية تفسير نصوصه وإن التنافس بينهما قد يتخذ أحياناً أشكالاً عنيفة، وتكفير أحدهما للآخر، خاصة الجماعات السلفية والأصولية  التكفيرية المتشددة التي أفرزت لنا الفكر الوهابي التكفيري  والجماعات العنيفة والمتزمتة، الجهادية والإرهابية على غرار القاعدة وطالبان وداعش .أما الجذر الحقيقي والنبع الأول للفكر  السلفي والتكفيري الذي سيس الدين الإسلامي وخلق نموذج الإسلام السياسي الإسلاموي فهو تنظيم وفكر الإخوان المسلمين. 
    حدد حسن البنا ، مؤسس حركة الإخوان المسلمين إسلامه الشمولي  وآيدولوجيته السياسية باعتباره منظمة شاملة وكاملة متكاملة تشمل كافة مناحي الحياة ، فهو في آن واحد دولة وأمة  وحكومة وجماعة وهو أخلاق وقوة وصفح  وعدالة ، ثقافة وقضاء ، شريعة ومنهج حياة، علم  وتشريع ، وهو مادة ونبع ، خير وثروة، ، وجهاد في سبيل الله دعوة وسلاح  وفكر ، أعتقاد وإيمان صادق  وعبادة خالصة وصالحة الخ..  الإسلام هو كل ذلك فهو بعبارة أخرى دين ودنيا عقيدة ودولة سياسة وآيديولوجية وكلها تؤخذ بالاعتبار بنفس الطريقة وبنفس المستوى. في سنة 1924 سقطت الإمبراطورية العثمانية ومعها دولة الخلافة الإسلامية ولكن في ذهن حسن البنا إن الخلافة هي الرمز السياسي لوحدة المسلمين في مقابل الغرب الكافر. لذلك قرر تأسيس هذه الحركة الدينية ــ السياسية لتحرير مصر من الاستعمار البريطاني والنضال بكل الوسائل ضد الوجود اليهودي لا سيما في فلسطين ، كان ذلك بين 1924 و 1928، لمنع قيام دولة لليهود في الأرض المقدسة عند الأديان التوحيدية الثلاثة ، والعمل على إعادة نشوء الخلافة من جديد ، أي إقامة دولة إسلامية عالمية وبلوغ مرحلة " التمكين" الشامل والتام ما يعني تفوق الإسلام الإخواني على كافة أشكال الإسلام الأخرى وعلى باقي الأديان السماوية والوضعية بغية تطبيق القوانين والتشريعات الإسلامية الجزائية والجنائية والأخلاقية والمجتمعية وإدارة شؤون المجتمعات وفق الشريعة الإسلامية داخل وخارج محيط دار الخلافة. لقد أدرج حسن البنا نظرياً هذا الحلم ضمن عملية ورؤية استراتيجية طويلة الأمد تنطلق من الإنسان الفرد ،حيث ضرورة التركيز على النشيء والشباب المسلم واحتوائه من قبل  الإخوان ومن الأفراد يجري بناء الكيان المسلم والشعب المسلم والأمة المسلمة وتحقيق إقامة الحكومة الإسلامية ومن ثم إعلان عودة الخلافة الإسلامية والبدء بغزو العالم الغربي وأخيراً بلوغ مرحلة " التمكين" والسيطرة على الكوكب برمته. ورغم سعة وجنونية مثل هذا الطموح إلا أنه كان وما يزال حاضراً في أذهان وعقول أتباع وأنصار هذه الحركة السياسية ــ الدينية  كآيديولوجية  وكمشروع سياسي يجري العمل على تطبيقه في إطار الأممية الإسلاموية في كل مكان في العالم. وهذا التصور والبرنامج موجود حرفياً في كتاب عشرون مبدأ لفهم الإسلام الذي ألفه حسن البنا كبرنامج عمل سنة 1928 ، والذي طوره يوسف القرضاوي في عصرنا الحالي وترجمه للفرنسية منصف زناتي وهذا الأخير هو عضو المكتب الوطني لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا المكلف بالتعليم والتثقيف وبتقديم الإسلام للغربيين وللشباب المسلم المولود في فرنسا ويجري تدريس هذا المنهج في فرنسا وفي أوروبا  في المدارس والمعاهد والمراكز والجمعيات الإسلامية المنتشرة في أوروبا والموضوعة تحت إشراف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. يخضع تنظيم الإخوان المسلمين للمراقبة في العديد من الدول الأوروبية فيما اعتبرته بعض الدول تنظيماً إرهابياً كمصر والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ما جاء في كتاب " رسالة في الجهاد لحسن البنا، لا يختلف عن المنهج التنظيري  والتعبوي الذي يتبعه أنصار وأتباع تنظيمي القاعدة وداعش  وكافة المنظمات الجهادية الإرهابية الإسلاموية ويتضمن نفس النصوص العنيفة  التي تدعو للقتل والقصاص  والعنف والترهيب واللجوء إلى قوة السلاح لفرض الإسلام .لا يوجد اختلاف في المضمون بل في الدرجة والتوقيت، فالإخوان المسلمين لايدينون الجماعات المتطرفة والمتشددة والإرهابية العنيفة لأنهم سيصبحون مثلهم إن آجلاً أم عاجلاً عندما تحين الفرصة الملائمة من وجهة نظرهم. وما أن وصلوا إلى السلطة في مصر حتى  أطلقوا نداء الجهاد المسلح في سوريا من مصر في 13 حزيران 2013 بمباركة ودعم الرئيس الإخوانجي محمد مرسي. ويستخدم الإخوانجيون لغة مزدوجة في جانب منها تكون موجهة للرأي العام الغربي وبلغات أجنبية كما يفعل ذلك حفيد مؤسس الإخوان وسوبرستار أو نجم الدعاة المسلمين في أوروبا طارق رمضان، وخطاب آخر سري وداخلي موجه للتنظيمات الداخلية للإخوان المسلمين وباللغة العربية حصراً.

    يتبع 




    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media