ما “الإرهاب الأبيض”؟
    الأربعاء 21 أغسطس / آب 2019 - 03:29
    أ. د. محمد الدعمي
    كاتب ومؤلف وباحث أكاديمي/أريزونا
    تدق حادثتا الرمي الاعتباطي والقتل الجماعي (لا على التعيين) بأن الولايات المتحدة الأميركية إنما تحيا "موجة موت وبائي” جديدة من تصميم وتنفيذ ما راح يسمى بــ”الإرهاب الأبيض”، مطلقاً دورة تاريخية لن تنتهي إلا بعدما تحصد العشرات وربما المئات من الأرواح. لذا لست أبالغ عندما أفترض بأن تاريخ أميركا المعاصر إنما يتشكل من "دورات” أو "موجات موت وبائية” تتلوالواحدة الأخرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي، هي الأخرى، حصدت من الأنفس أعداداً مهولة.
    إلا أن تلك كانت حرب كونية والموت الجماعي إنما يشكل أحد أهم معطيات دخولها، بغض النظر عن النتيجة ، منتصراً أو مهزوماً ، للمرء أن يرتجع الى ستينيات القرن الماضي "عصر الهيبيز” أو ما يطلق عليه "عصر الودستوك” Woodstock، وهي حفلات شبابية إباحية كانت تجري في المنطقة الريفية ذات الاسم أعلاه، حوالي 500 ميل عن نيويورك ، بدعوى هروب الشبيبة من تلوث المدينة ومن قيمها المادية للعودة إلى أحضان الطبيعة ونقائها.
    والحق، فقد دشنت هذه الحفلات الإباحية المختلطة موجة موت وبائي، بسبب المخدرات، أتت على أرواح الآلاف من الشبان والشابات، وقد كانت آخرها إزهاق روح حفيدة الرئيس الراحل جون كنيدي قبل بضعة أيام، إذ وجدت جثة هذه الشابة الجميلة هامدة في واحد من قصور مجمع أسرة آل كنيدي في مزرعة الأسرة بسبب جرعة زائدة من أحد أنواع المخدرات.وللمرء أن يلاحظ في هذا السياق كيف تمتد دورات الموت الوبائي على نحو تسلسلي يصعب ضبطه أو إيقافه نظراً لقوته ولشيوعه. وإذا كانت هذه موجة مخدرات وتعاطي أنواع الممنوعات مثل عقاقير الهلوسة LSD وسواها، فان أهم وأخطر معطياتها كان موجة موت وبائي جديدة اكتسبت عنوان الــ”أيدز” ذلك المرض الفايروس الفتاك الذي أطلقت الموجة أعلاه العنان له ليدشن دورة موت وبائي جديدة، بسبب الشذوذ الجنسي وعدم الالتزام بالأعراف والتقاليد الدينية والأخلاقية والإجتماعية، زيادة على تبادل حقن المخدرات بين شخص وآخر. ومثلما فعلت موجات الموت السابقة، حصدت "موجة الإيدز” عشرات الآلاف من الشبان كي تقود الى الموجة الجارية الآن. وهي موجة "الإرهاب الأبيض”، أو دورة القتل الجماعي للمولنين "لا على التعيين” في بيئات يفترض أن تكون مسالمة وسلمية كالمدارس والجامعات والمنتديات والأسواق والاحتفالات العامة.
    لقد كانت عملية القتل الاعتباطي يوم 3 و4 أغسطس في مدينة "الباسو” IL Paso بولاية تكساس بمثابة جرس الخطر، خاصة بعد أن تلتها عملية من ذات النوع في شارع للملاهي والمطاعم الساعة الواحدة من صباح اليوم التالي. في كلا الحالين تأكد بأن مصممي ومنفذي الجريمة الجماعية كانوا من مؤيدي حركة "تفوق الجنس الأبيض” White Supremacists التي اتهم الرئيس ترامب بتأييدها تدعم فكرة إعادة أميركا الى اصلها "دولة بيضاء” بلا سود ولا يهود ولاتينو!
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media