الى أين يقود سعار رجال قوى اليمين الفنلندي لإسقاط حكومة النساء اليسارية؟
    الأثنين 19 أكتوبر / تشرين الأول 2020 - 17:27
    يوسف أبو الفوز
    يبلغ عدد الاحزاب الفنلندية، المسجلة رسميا، والمشتركة في العملية السياسية 18 حزبا، وفي الانتخابات الأخيرة 2019 نجح تسعة منها لدخول قبة البرلمان، وتأهل الحزب الديمقراطي الاجتماعي، من بعد غياب أمتد ستة عشر عاما، بقيادة السياسي المحنك والقائد النقابي أنتي رين لتشكيل الحكومة، ونجح، بعد مفاوضات صعبة، في ضم حزب الوسط الى مجموعة أحزاب اليسار (الديمقراطي الاجتماعي، اتحاد اليسار، حزب الخضر، الشعب السويدي)، ولكنه بعد شهور تنازل لنائبته سانا مارين (34 عاما) لتحل محله أولا في رئاسة الوزراء، وثم بعد شهور في قيادة الحزب، ولتصبح أصغر رئيسة وزراء في العالم.
    والمتابع للشأن السياسي الفنلندي يلاحظ ان أحزاب الحكومة الخمسة تقودها نساء، شابات وجميلات وعرفن بالحزم والحنكة، في مواجهة جائحة الكورونا وانعكاساتها على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، خصوصا رئيسة الوزراء الشابة، التي اكتسبت شعبية لنفسها ولحزبها والحكومة، وأصبحت رمزا محبوبا للنساء والشباب الفنلنديين.
    من جانب اخر فان احزاب المعارضة، خصوصا أبرزها وانشطها ــ وللمفارقة ــ يقودها رجال!!، فحزب الاتحاد الوطني الفنلندي، الذي يعتبر من أقدم الاحزاب الفنلندية حيث تأسس عام 1918، يترأسه بيتري أوربو (50 سنة) وحزب اليمين المتطرف، الفنلنديين الحقيقيين الذي تأسس عام 1995 ويقوده يوسي هالا أهو (49 سنة).  ويلاحظ حالة الحماس والنشاط، لدى قوى المعارضة، ـ خصوصا التي يقودها رجال ـ في بحثها عن أي زلة او تقصير من قبل الحكومة الحالية، للنفخ فيها سعيا لخلق منها قضية رأي عام لتكون سببا لإسقاطها، معتمدين أساليب الاثارة واستعداء وسائل التواصل الاجتماعي، وتستمر هذه الحالة بدون توقف وبنشاط محموم أشبه بحالة سعّار.
    وبعد ان فشلت المعارضة ( بقيادة الرجال ) في سحب الثقة من الحكومة الحالية (بقيادة النساء) خاضت مؤخرا جدلا حول سياسة الحكومة في استخدام الكمامات، واتهموا الحكومة بالتقصير في تنفيذ توجيهات مركز السلامة الوطنية، ولم يقتنعوا بإعلان مدير السلامة الوطنية بأنهم لم يصدروا توجيها ما بهذا الحصوص، فلا يستوجب اتهام الحكومة بالخرق او التقصير، فحاولت أحزاب المعارضة اسقاط وزيرة العائلة والخدمات الأساسية، المعنية بهذا الملف، لتوجيه ضربة لإضعاف الحكومة،  لكن الوزيرة نالت ثقة نواب أحزاب الحكومة، مما دفع بعض المراقبين  وأساتذة اكاديميين لانتقاد سياسة المعارضة التي وجدوا فيها بعض التهور والاندفاع، وبين اخرين بان انتقادات المعارضة فيما يخص السياسية الاقتصادية إن كان فيها ما يستوجب المناقشة، فأن سلسلة الانتقادات التي جاءت بعدها بدت ( غير متسقة ومتغيرة بسرعة تعبر عن وجود تيارات متصارعة داخلة أحزاب اليمين) . ولم يجف حبر المطابع في الصحف عن قضية الكمامات، حتى انبرى بعض من رموز قوى اليمين ( الكسندر ستوب، وزير خارجية ورئيس وزراء سابق) لانتقاد رئيسة الوزراء ، لظهورها في مجلة للموضة والازياء بسترة مفتوحة الصدر بدون قميص مرتدية قلادة من صناعة فنلندية، مدعيا انها ليست شخصا عاديا وشخص في موقعها غير مناسب له الظهور  بهذا الشكل، مما اشعل وسائل الأعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، فظهر بعدها رئيس الجمهورية ساولي نينستو ، وهو من اقطاب الجيل القديم من أحزاب اليمين التقليدي لينتقد ويحذر من نمو الكراهية للآخر وكون الحوارات السياسية اتخذت منحى متشدد ومثيرا . ويذكر ان رئيس الجمهورية، رغم كونه من اقطاب حزب الاتحاد الوطني الفنلندي اليميني الا انه دخل الانتخابات الرئاسية عام 2018   بصفته مستقلا وفار بها من الجولة الأولى وهذا يحدث لأول مرة في فنلندا.
    ويبدو من سياق الاحداث ، وتطوراتها، ان الجيل الجديد من قادة اليمين، وارتباطا بنشاط قوى اليمين على الصعيد العالمي، المرتبطة بقوى الرأسمال واقتصاد السوق، والمعارضة  في جوانب منها لسياسات الضمان الاجتماعي وسياسة الهجرة، وبسبب من التأييد والنجاحات الذي تحصل عليه قوى اليسار، وتحالف أخضر ـ احمر في العديد من دول العالم خاصة أوروبا، وقرب الانتخابات الامريكية وبروز مؤشرات خسارة (الرئيس البرتقالي)، دونالد ترامب، الذي تعتبره الأحزاب الشعبوية،  ايقونتها السياسية، فان كل ذلك صار يستفز اطراف في أحزاب اليمين في سعيها وعملها للوصول الى سدة الحكم بأية طريقة ومنها ( ترك مقود الدراجة أحيانا) كما عبر  سياسي فنلندي.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media