د. صادق السامرائي
الأرض تتوطنها الأوبئة منذ الأزل , وفيها الكثير من المخاطر ومضادات الحياة , وهي تدور وتأتينا بالمستجدات والمتغيرات التي لا قِبَل للعديد من المخلوقات على مواجهتها والتكيف معها , لكن الأقوى يبقى وقدرات الأحياء الدفاعية تتأهب وتتسلح بالأجسام المضادة للمايكروبات بأنواعها.
وتوافدت على البشرية موجات من الأوبئة الفتاكة التي حصدت الملايين تلو الملايين , لكنها صمدت وتعافت منها وتواصلت بسعيها التناسلي والإبداعي المتدفق , وما فتت من عضدها أو أقعدتها , بل أنها في كل مرة تنتصر عليها وتتحرر من قبضتها وتنطلق أقوى وأقدر.
ولا يمكن لهذا الوباء أن يكون أعتى من السابقات وأمَر , وإنما هو الأول في زمن العولمة ذات التواصل الإجتماعي الخلاق , وفي الوقت الذي تحوّلت فيه الأرض إلى قرية , أو وعاء يمكن مراقبته على شاشة صغيرة , تنقل لنا أحداثه في لحظتها أينما وقعت.
فوباء كورونا فايروسي ويمتلك قدرات الإنتشار السريع والتأثير الشديد على الذين يصيبهم , لأنه يهدف إلى تعطيل الجهاز التنفسي وتدمير الحويصلات الرؤية , ومنع الأوكسجين من الوصول إلى الخلايا البدنية , فيتحقق الموت.
ولا توجد قدرات علاجية مؤكدة للوباء لأنه باغت البشرية وبعنفوان متسارع تفوق قدرات بعض الدول في مواجهته , فأرهق مؤسساتها الصحية , وما يجري هو محاولات التصدي لمضاعفاته , وما يتسبب به من آثار على الجهاز التنفسي.
كما أن الجهاز المناعي للبشر لا يمتلك ذاكرة تؤهله للمواجهة والتصدي فهو لم يصب البشر من قبل , وإنما كان يتوطن المخلوقات الأخرى التي لديها مناعة ضده.
ولا تزال الدنيا بلا لقاح ناجع ومؤكد لدرء أخطاره , لكن المحاولات تجري على قدم وساق للوصول إلى إنتاج اللقاح الكفيل بصده وتعويقه , وأظنها ستفلح بعد وقت .
فالبشرية لا تمتلك سلاحا أمضى من الوقاية من الفايروس بعد أن عرفت سلوكه وكيف ينتقل , ومن الواجب الإلتزام الصارم بالإحترازات الوقائية التي تمنعه من الوصول إلى البشر , لأنه حالما يدخل إلى الجسم سيستفحل ويتأسد ويفتك بالشخص المصاب ويحاول إفناءه خصوصا الذي لديه أمراض أخرى مزمنة.
وعليه فأن التوقي والحذر هو السلاح الأمضى للمواجهة مع الفايروس , والتحلي بالقوة والصبر والأمل على أن مختبرات الدنيا ستأتينا بلقاح فعال ضده.
فهل لنا أن نتوقى ونتقي شر البلاء!!
د-صادق السامرائي