السحر وقضايا أخرى / 3
    السبت 4 أبريل / نيسان 2020 - 16:16
    علي الإبراهيمي
    (الم تر انا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم ازا)
    الاز في اللغة الغليان، لذا في الآية ثلاث مصطلحات وقانون، الشياطين وهم نوع خاص من الجن وليس كل الجن، الكافرين وهم نوع خاص من البشر وليس كلهم والكفر مساحته غير ثابتة ، الاز وهو الغليان، والقانون هو الإرسال الإلهي.
    والله لا يرسل الشياطين فعليا، وإنما مجازا، من خلال قوانين الكون المنسوبة إليه. فيكون المعنى ان كل من يكفر يمكن ان يصاب بتأثير شيطاني.
    وعند الجمع بآية ( والق عصاك فلما راها تهتز كانها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف اني لا يخاف لدي المرسلون ) نخرج بالمعنى المستفاد ان اللعب الشيطاني يكون على موجات الإنسان الدماغية فقط.
    ولكنهم بعد أن يصل الإنسان إلى ذبذبات تتفق وقدرة حضارتهم الفيزيائية. لذلك أعطى الله العلاج لموسى مرتين بقول ( لا تخف )، فالخوف محور هذي اللعبة.
    ومصدر الخوف عوامل عديدة، كالذنوب والخوف الروتيني والكذب والخيال غير السوي، فكلها من الممكن ان تتلاعب بالموجات المحيطة بالإنسان.
    لكن مع بقاء الأصل وهو نية الارتباط بالله ثابتاً يتحقق مفهوم اطمئنان القلب الضروري للتغلب على هذا التأثير.
    والمعنى ان أفعالنا جميعا كبشر من الممكن أن تفتح لهم قنوات مخترقة، لكنّ الله أوجد الحلول بالأوراد والذكر والصلاة.
    والجميع يتأثر بهم، ومع الانقياد لافكارهم الشيطانية واتيان الذنوب قد لا تكون هناك حاجة أن يظهروا للإنسان في الأحلام، بل ربما يتركونه خلال النوم، او ربما يوهمونه بانه إنسان جيد. لكن عند يأسهم من انحراف إنسان ما فقد يضربون مناطق الخوف داخله من خلال الذهن لازعاجه.
    وهذا هو الطريق الفردي لتاثيرهم. وهناك طريق صناعي جمعي لإيجاد هذا التأثير في عالم الإنسان قهرا. وهو الذي تقوم عليه المنظمات السرية في العالم لفتح قنوات مع عالمهم. حيث تعمل على التلاعب بموجات الأرض المحيطة بالإنسان.
    فكانت هناك لفتة إلهية مسبقة، قبل ان نلتفت لحقيقة هؤلاء، بأن وضع لنا طرق النجاة الفيزيائية.
    واذا تم ربطها بظاهرة تأثير وجود المراقد والمشاهد المقدسة مع وجود صفاء ذهني ناشئ عن المسير إلى الحسين مثلاً حينئذ تكون نتيجة الطاقة الفردية والجمعية مبهرة.
    وهذا هو معنى أحاديث وجود الملائكة عند قبر احد الائمة عليهم السلام، مع الالتفات إلى أن الملائكة هم خلاصة القوانين الكونية.
    وهذا التأثير الفيزيائي الإيجابي في كل مراقد الائمة عليهم السلام، لكن في الأحاديث هناك خصوصية لقبر الحسين عليه السلام.
    مع الانتباه إلى أن المهم هو الصفاء اللازم للتواصل مع هذي القوانين، وهنا لكل إنسان انسجام وارتياح عند مرقد معين.

    خطة سليمان الكبرى

    كان تولي سليمان الحكم في بني اسرائي امرا ضروريا ,لان مجتمعهم لم يعد تنفع فيه روحانية الانبياء كثيرا ,ولكن لما فتح بنو إسرائيل ممرات الارض امام الشياطين صار على سليمان ان يغلقها جميعا , وفي نفس الوقت ان يبهر هذه العين المادية لبني اسرائيل .. فكيف ذلك ؟ ,بملك وقدرة لم تكن لاحد غيره ,فأعطاه الحق تعالى ذلك ,فعمد سليمان الى طريقين : الابدال من البشر والمؤمنين من الجن , فكانوا حماة ملكه وادواته التنفيذية , ولكنه بهم اخضع المردة من الجن .
    ان القدرات الفيزيائية التي منحها الله لسليمان جعلته قادرا على معالجة الخلط بين الاكوان المتوازية للمخلوقات , وهو الخلط الذي اوجد الفوضى الوثنية والعملية في العالمين .
    كان على سليمان ان يتحرك في خطين متوازيين , الاول يقضي باغلاق المنافذ والابواب التي فتحها سحرة بني اسرائيل ومن قبلهم لعبور الشياطين , عبر استخدام وسائل الملك العلمي الذي لسليمان , والثاني يقضي بايجاد مجتمع بديل عن بني اسرائيل لحمل الراية الايمانية , وكان المجتمع الاقوى ترشيحا عند سليمان هو مجتمع ( سبأ ) من العرب القحطانيين , لاسباب .

    ( اغلاق الابواب بين العوالم )

    ان الملك الذي وهبه الله لسليمان عليه السلام لم يكن قطعا بالمعنى العرفي , والذي يحيل الذهن الى الممالك والعساكر والقصور , بل هو ملك علمي , يحتاجه سليمان في مهمته ووظيفته .
    ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ( 35 ) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ( 36 ) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ( 37 ) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ( 38 ) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( 39 ) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ( 40 ) )
    «.فحَسُنَ في عينَي الرّبِّ طَلَبُ سُليمانَ، فقالَ لَه: «لأنَّكَ طَلَبتَ هذا ولم تطلُبْ لكَ طُولَ العُمرِ والغِنى، ولا موتَ أعدائِكَ، بلِ القُدرَةَ على تمييزِ ما هوَ حَقًّ، فأنا أُلبِّي طلَبَكَ، فأُعطيكَ عقلاً حكيمًا راجحًا لم يكُنْ مِثلُهُ لأحدٍ قَبلَكَ ولا يكونُ مِثلُهُ لأحدٍ بَعدَكَ». سفر الملوك الأول .
    لقد فجّر سليمان ثورة معرفية , كانت لازمة لفتح اذهان الناس نحو الحقائق العلمية والطبيعة والخلق , تمهيدا لاقناع ذلك المجتمع المادي بان ( السحر ) ما هو الا تصرف بقوانين الكون .
    ومن ثم تسخير قواه الكبيرة في ارجاع كل شيء الى موضعه , وانهاء الاختلاط العوالمي , الذي اوجده السحر المصري ونشاط منحرفي بني اسرائيل .

    ( بناء الشياطين وغوصهم )

    ( وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ( 37 ) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ( 38 ) )
    الاكيد ان سليمان عليه السلام لم يكن من المادية والطغيان او الفكر الاستعماري ما يجعله بحاجة الى تسخير البنائين من عالم الجن , ولا كان من البذخ بحيث يستعين بغواصين من الجن ايضا .
    ما هي اذا حقيقة هذا البناء والغوص الذي يحتاج الى تقنيات عالية جدا لا يملكها الا الجن ؟
    وانا اكيدا لست احيط بكنه ذلك الغوص , لكني لا اخرجه عن الغوص في ذات البحر الذي ذكرته الآية التالية :
    (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33))
    فيما يمكن وكاحتمال ان ندرج ( بناء الجن ) - والذي جاء بصيغة المبالغة - ضمن الآيات :
    (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)) .
    التقنيات والآلات التي اخفاها سليمان بعد الفراغ من استخدامها
    ان من الاسرار التي لازالت غامضة في تأريخ البشرية عموما والاديان خاصة ظواهر وآلات مثل ( تابوت العهد , عصا موسى , خاتم سليمان , ... ) . لقد جاء في توصيفها ومحاولة الوصول الى حقيقتها اقوال كثيرة , بعضها ديني والآخر علمي تقني , وهناك ما وراء الطبيعي , لكن ما يهمنا هنا هو الصفة المشتركة لهذه الظواهر , أي اختفائها في زمن واحد , هو زمن سليمان عليه السلام . فهناك من قال انها اختفت في عهده , بعد ان فرغ من استخدامها , والبعض يقول انها اختفت بعده بفترة , لكن الجميع يتفق انها اختفت في عصره .
    ان الربط بين وظيفة سليمان الكونية الفيزيائية وبين هذه الآلات يستدعي كونها ذات خصائص محددة تستخدم في التحكم بمجريات الطاقة والكون .
    وهناك مرويات عديدة تشير الى ان سليمان عليه السلام حاول نقل تابوت العهد من يد بني اسرائيل الى يد المجتمع البديل ( مجتمع سبأ ) , وهذا ما يصر عليه الاحباش .
    ان سليمان باخفائه لتلك الآلات التي تتفوق على قدرات الجن التقنية ختم مرحلة الفوضى والاختلاط بين العوالم على الارض .
    لكن ذلك لا يمنع ان تعود تلك الآلات للإستخدام في حال عادت الفوضى والاختلاط بين العوالم .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media