مع دعوة عادل حكيم لدولة المواطنية ورفضه لكل من الدينية والعلمانية 3/7
    الثلاثاء 7 يوليو / تموز 2020 - 07:01
    ضياء الشكرجي
    محلل سياسي وكاتب في الشؤون الإسلامية
    عادل حكيم:

    نعم المعمول به في هذه الدول هو فصل رجال الدين والسلطة الدينية وليس فصل الدين عن السلطة السياسية والدولة. وهذا هو عين الصواب، بالمناسبة العلمانية لا علاقة لها بالديمقراطية، فـ زعماء الشيوعية من أمثال لينين وستالين وماو هم علمانيون ودكتاتوريون في الوقت ذاته، وكذلك هناك زعماء أنظمة دكتاتورية عنصرية مثل موسوليني وهتلر وأتاتورك كانوا علمانيين. وعلى ذكر ستالين فالتاريخ يذكرنا أن هذا الزعيم الشيوعي العلماني الملحد اضطر في آخر المطاف بعد تقهقر جيشه الأحمر أمام تقدم القوات النازية المهاجمة أن يطلق سراح رجال الدين من المعتقلات ويفتح دور العبادة من جديد لحث الشعب على القتال والشهادة ضاربا بعرض الحائط مقولة الدين أفيون الشعوب. 

    ضياء الشكرجي:

    مهلا يا صديقي العزيز، أنت تقول العلمانية لا علاقة لها بالديمقراطية، وتأتي بأمثلة ديكتاتورية، وتنسى أن الديكتاتورية أيضا لا علاقة لها بالعلمانية، فالنظام اللاديني الديكتاتوري ليس علمانيا، والدليل على ذلك أنه قمع التيارات العلمانية المخالفة له في الرأي مخالفة سلمية ديمقراطية، بل بعضهم صفّى حتى رفاق حزبه الحاكم، لأنه شك بولائهم لشخصه، ولنا مثالان صارخان هما ستالين وصدام حسين. ثم من قال إن العلمانية تفصل فقط رجال الدين عن الدولة؟ العلمانية ومستوياتها وتطبيقاتها تتفات بين دولة وأخرى، فالعلمانية الفرنسية على سبيل المثال، لا تقول بفصل الدين عن الدولة وحسب، بل بفصله عن الشأن العام Public Life.

    عادل حكيم:

    نقول الخرافات أفيون الشعوب، وليس الدين، والدين روح الوطن. 

    ضياء الشكرجي:

    أنا معك فالخرافات هي أفيون الشعوب، وكمصداق أي تجسيد في الواقع للخرافات، لا أقول بالضرورة الدين نفسه، بل على أقل تقدير العديد من صور الدين، لاسيما فيما هو الدين والتدين الشعبي كما تعرف، ثم حتى بعض صور التدين العقلاني قد يشتمل على قدر من الخرافة، ولو أقل من الصور الأخرى للدين متعدد الصور. ولذا من الخطأ الفظيع أن تقول الدين روح الوطن، لأنك ستدخلنا في مناقشة أي صورة من صور الدين، فمثلا أنت تؤمن بدين أستطيع أن أسميه (إسلام عادل حكيم)، وهو دينك الشخصي الذي صغته لنفسك حسب فكرك وذوقك. إذن الدين، لا بما هو حقيقة مفترضة في عالم التجريد، بل بما هو معيش في الواقع، قضية نسبية، أو هي حقائق مفترضة متعددة، بل أحيانا متناقضة، ولا يمثل حقيقة مطلقة واحدة. لو قلت الإنسانية Humanism روح الوطن، لوافقتك، ولا أدري ما إذا تعلم إن من تعريفات العلمانية هي ملازمتها للديمقراطية والإنسانية Humanism، أرجو أن تتأكد بمراجعتك التعريفات المختلفة للعلمانية باللغة الإنگليزية على الغوغل. 

    عادل حكيم:

    فـ عقيدة الدين طاقة روحية أخلاقية عقلانية خلاقة لا يمكن فصلها عن الفكر والإرادة والعمل الإنساني.

    ضياء الشكرجي:

    نعم صحيح إن «عقيدة الدين طاقة روحية أخلاقية عقلانية خلاقة» لبعض المتدينين، بل للقلة الضئية جدا منهم، لكن كم منهم يمارسون العبادة جسدا بلا روح، وكم هم بعيدون عن السلوك الأخلاقي في تعاملهم مع الناس، فيكذبون ويغشون وينقضون العهود ويخونون الأمانات، ويسيئون الظن بالآخرين، ويمارسون الغيبة، ولا يتحلون بسعة الصدر. أما قولك إن هذه الطاقة «لا يمكن فصلها عن الفكر والإرادة والعمل الإنساني»، فهذا خلاف الواقع، فأنت تلغي بذلك فكر عظماء المفكرين الذين لا علاقة لهم بالدين، وتنكر على كل المشاريع الإنسانية الكبيرة والمذهلة للكثيرين من غير المؤمنين بدين، بل حتى إن كثيرا من أصحاب المشاريع الإنسانية لا يؤمن حتى بالخالق، لكنه يتحلى بأرقى الروح والسلوك الإنسانيين. هل نتكلم بنظريات مجردة، كما تزين لبعضنا قناعاته الشخصية، أم يجب طرح ما ندعيه على الواقع، لنرى كم تنطبق تصوراتنا مع الواقع؟

    ضياء الشكرجي
    dia.al-shakarchi@gmx.info
    www.nasmaa.com

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media