العراق في أغنية من أرض النيل
    الأثنين 3 أغسطس / آب 2020 - 18:22
    د. هادي حسن حمودي
    باحث وأستاذ جامعي عراقي - لندن
    يا لله ما أروعك يا مختار إسماعيل محمد.. من أي سماء تحدر إليك هذا النبل والطهر؟ من أي نبع من جنة الله استقيت هذا الشعر؟ دمت شاعرا إنسانيا عربيا جمعت زهور الحب وصغتها لحنا يرن على صفحات القلوب.. ولا أملك إلا أن أنسخ قصيدتك الإنسانية الرائعة، وأهديها لأحبابك وأحباب أوطاننا العربية كافة، ولتكون نبراسا يضيء طريق المستقبل للعراق وغير العراق.. ولك وافر الشكر نيابة عن دجلة والفرات وشط العرب والشرفاء من أهلها.
    أترككم مع هذه الأغنية الراقصة على حرف الأمل وحرف الألم

    العراق

    زاد الحنين وما في القلب ما أصفُ
    الا نسيم هوىً للروح يختطف

    انا ابن عمري وعمري راح مكتملا
    في حبها وأراه الان ينكشف

    ألقتْ علىّ وما ألقتْ على أحدٍ
    همسًا من الوجدِ لا يمضي ولا يقف

    أفنيتُ في وصفها عمري ولستُ أرى
    أني وصفتُ سوى وجدٍ به رهفُ

    أقمتُ في سحرها العذريِّ محتمياً
    وكلما راح مني الظلُ أنحرف

    انا ابن مصرَ وأهلي بالعراق همُ
    مَنْ أوردوا بالفراتِ الماءَ واغترفوا

    لي في العراق هوىً بغدادُ تعرفه
    وكربلاءُ ، صلاحُ الدين والنجفُ

    أنا المتيمُ يا أهلَ العراق بكم
    وصورة المجد بالتاريخ تلتحفُ

    سلوا الحدائقَ في قلبي معلَّقةً
    ترمي جمالًا ولا تنأى وتنصرف

    مهد الحضارات أمجادٌ وألويةٌ
    قد شيدوها فكان العز والشرف

    سلوا النسيم اذا ما هب من فمها
    أيا نسيم الصَّبَا هل كنت تكتلف؟؟

    بلغ عراقاً هوى لهفي لرؤيته
    وان شوقي إليه الآن ينجرف

    بلغ عراقا وان طالت مسافتنا
    وان تعالى عليه الخوف والأسف

    أني سأسمع أهل الرافدين هنا
    لحناً جميلا مهيباً أينما عزفوا

    حن النخيل الى رقصاته طرباً
    وان يُزَّفَ على تيجانه السعف

    حن الفؤاد الى ليلى التي سكنت
    كل القلوب فحار الناس ان وصفوا

    حن المحب إلى " عشتار" تلهمه
    كيف العيون تجلى فوقها وطف

    حن العطاشى لماء في الفرات جرى
    لدجلة الخير كم بالخير قد عُرِفوا

    لكوفة العلم كم قامت بها مدنٌ
    فصادفت جنة تعلو وتأتلف

    حتى أتى من رعاع الأرض شرذمة
    فأودعونا بيوتا ما لها سُقُفُ

    صارت عرايا بأوصال ممزقة
    وأهلها من لهيب حارقٍ قُصفوا

    يسري الفناء على أرجاءها زمنًا
    ويستبد بها من كان يرتجف

    صال الدخان بها من كل ناحية
    فمن لها ولسان النار لا يقف

    كل الديار كما الأطلال مسكنها
    تبكي السماءُ وتبكي الأرضُ والصحفُ

    "سيزيف" يحملها صخرًا على وجعٍ
    ويعتريه اذا ما أُلْقِيَتْ وجف

    هل ذنبها أنها ألقت عباءتها
    حين ارتقى بردها يعلو ويزدلف

    أم ذنبنا أنَّ ما في العرق من أسفٍ
    على العراق وفيه الواهن الدنف

    آهٍ على جنة الأوطان كم نزفت
    وكم رأت من رجالٍ دونها نزفوا

    آه على بابلٍ والحسن في يدها
    والحزن في وجهها للناس ينكشف

    يا وجه ليلى رثاك الشعر قاطبة
    إذ لاح منك عراق المجد ينصرف

    هو العراق كعرق بين أضلعنا
    إذا تمزق يوما مُزِّقَ الألف

    لبستُ من طينها ثوباً أسيرُ به
    وإن خلعتُ رداءَ الطين أنكشف

    عهدي بمن أرضعوني الحب أنهم
    أهلي الذين إذا ناديتهم عرفوا

    هذا العراق ومن يُخفي محاسنه
    فإنها في سماء الله تنتصف

    هذا العراق أتي للكون بوصلة
    إن أوقفوها فإن الكون ينحرف

    هذا العراق على أكتافه وقفت
    كل الهموم وما ضاقت بها كتف

    فان فيها ومنها من اذا صبروا
    رأيت "أيوب " في أوصالهم يرف

    يراودون أسود الأرض في ثقةٍ
    ويُرهبون عدو الله لو زحفوا

    سيوفهم في رقاب الكفر ماضية
    وارضهم ان غواها الشر تنخسف

    ودورهم توقد النيران في كرمٍ
    وأهلها كالضيا ان زارهم سَدَف

    قلبي هناك على ماء الفرات له
    خفق وعشق وإيمان ومعتكف

    إني هناك وأهل الشعر يجمعنا
    قلب العراق وروض - زانها - أُنُفُ

    حتى اللقاء فيا بغداد لا تقفي
    وان لحى أرضك الأحباب أو عزفوا

    سنلتقيك شموخاً لا مثيل له
    وتلتقينا رجالا عنك ما نكفوا

    إني أراها وشمس الله في يدها
    تهدي الوجود شعاعًا ليس ينحرف
    مختار إسماعيل محمد

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media