عاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة (٢٠) [نِفاقٌ في وسائلِ التَّواصُل]
    الأثنين 14 سبتمبر / أيلول 2020 - 07:19
    نزار حيدر
       منذُ لحظةِ رفضهِ البَيعة لإِبن الطُّلقاء يزيد تكلَّم الحُسين السِّبط (ع) مع الجميع من دونِ استثناءٍ وسمِعَ من الجميع من دونِ استثناءٍ كذلك، المُجتمع والسُّلطةوالقادة والجنود، والصَّديق والعَدو والنَّصير والمُتخاذِل.

       بالخُطبِ والرَّسائلِ والكلام وجهاً لوجه فشرحَ كلَّ شيءٍ، أَسباب رفضهِ البَيعة ودوافع خروجهِ على السُّلطة الظَّالمة وكلَّ شيءٍ آخر كان ينبغي أَن يفهمُوهُ ويطَّلِعُواعليهِ فلم يُبقِ شيئاً غامضاً وغَير مفهوم، وذلكَ لأَسبابٍ عدَّة أَهمَّها أَنَّهُ أَقام عليهِم الحجَّة فلم يشأ (ع) أَن يُقاتلَ أَحدٌ عن جهلٍ لا يعرفُ شيئاً عن المعركةِ أَو مَنيُقاتلُ؟ ولماذا؟!.

       كما أَنَّهُ شرحَ كلَّ شيءٍ للأَجيال القادِمة وللأُمم والشُّعوب إِلى يومِ يُبعثُون حتَّى لا يجهلَ أَحدٌ شيئاً على مرِّ التَّاريخ.

       وبهذه الصَّراحة والوضوح والشفافيَّة واجهَ الحُسين السِّبط (ع) الإِعلام الأَموي حتَّى قبلَ أَن تدورَ ماكينتهُ!. 

       إِنَّ الوضوحَ في كلِّ شيءٍ من صفاتِ القائد الرِّسالي فهو لا يوظِّف الكذِب في حركتهِ الإِصلاحيَّة لأَنَّهُ واثقٌ منها وعلى يقينٍ من صحَّتِها، مُنطلقاً ومسيرةً وأَدواتوأَهدافاً.

       فإِذا رأَيت [قائداً ضروريّاً] أَو [زعيماً أَوحداً] يوظِّف الدَّجل والخِداع والتَّضليل لإِقناعِ أَنصارهُ بحركتهِ [المُقاوِمة] متلفِّعاً بشعاراتِ عاشوراء فتأَكَّد أَنَّهُ كذَّابٌأَشِر، وفاسدٌ مفضوحٌ، شاكٌّ بنفسهِ وغَير واثق برؤيتهِ!.  

       في عاشوراء كلُّ شيءٍ كانَ واضحاً أَوضحهُ الحُسين السِّبط (ع) بالمنطقِ والحِوار وبالأَدلَّةِ والبراهينِ.

       حتَّى قائد الجيش الأَموي عُمر بن سعد حاورهُ الإِمام بأَرقى منطقٍ وأَقوى حُجَّةٍ، حتَّى يقاتلهُ كافراً وليسَ مُنافقاً.

       لقد أَرادَ الحُسينُ السِّبطِ (ع) أَن يُعلِّمهُم [التَّفكير بصَوتٍ مُرتفعٍ] ليتحرَّر العقلُ من الخَوفِ والطَّمعِ.

       إِنَّ قمع حريَّة التَّعبير يُشجِّع على انتشارِ ظاهرةِ النِّفاق في المُجتمع، ولذلك نرى أَنَّ المُجتمعات التي تحكمَها الأَنظمة الشموليَّة والنُّظم البوليسيَّة تنتشر فيهاظاهرة النِّفاق لأَنَّ المُواطن لا يجرُؤ على البَوح برأيهِ الذي يعتقدُ بهِ فيستعيرُ أَو يستأجِرُ رأياً ليُصحِر بهِ أَمامَ الملأِ وبما تطربُ له آذان السُّلطة وزبانيتَها ويُحبُّ أَنيسمعهُ الحاكِم.

       أَمَّا إِذا تجرَّأَ أَحدٌ ونشرَ رأيهُ فسيتعرَّض للقتلِ والتَّصفية الجسديَّة على يدِ السُّلطة أَو للإِغتيالِ بكواتمِ الصَّوت على يدِ [الطَّرفِ الثَّالث] أَو على الأَقل للإِغتيالِالسِّياسي [إِغتيالِ الشخصيَّة] على يدِ الذُّباب الأَليكتروني الذي تُديرُ شبكاتهِ [العصابةِ الحاكِمةِ] وذيولَها وأَبواقها بنشرِ الإِشاعات والدَّعايات والتُّهَم الرَّخيصةوالتَّافهة.

       دع المواطن ينتقدُ علناً أَسلمُ من أَن يتآمر سرّاً.

       لو كُنَّا نعيشُ حريَّة التَّعبير لما كتبَ كثيرون شيئاً في مجموعة التَّواصل الإِجتماعي وكتبُوا نقيضهُ على الخاص!.

       لو كان الأَعضاءُ آمنُون على أَنفسهِم أَو مُرتَّبهم أَو وظيفتهِم لعبَّروا عن رأيهِم في المجموعةِ وعلى الخاص.

       للأَسف؛ حتَّى وسائل التَّواصل الإِجتماعي تحوَّلت إِلى بُؤَرٍ لتنميةِ النِّفاقِ في المُجتمعِ وعلى أَعلى المُستوياتِ!.

       إِذا أَردنا أَن نُقلِّل من ظاهرةِ النِّفاق في المُجتمع ينبغي أَن نبدأَ بالطِّفل فنُعلِّمهُ كيفَ يُعبِّر عن وجهةِ نظرهِ أَمامَ أَبوَيهِ بِلا خوفٍ أَو طمعٍ، فأَن [يكفر] الأَولاد فيالمنزلِ أَفضل وأَسلم من أَن [يكفرُوا] في الشَّارع.

       إِذا لم يجد الأَولاد في المنزلِ والأُسرة حاضنةً دافِئةً لأَفكارهِم وآرائهِم، فلم يتمكَّنُوا من التَّعبيرِ عنها لأَيٍّ سببٍ كان، يعني أَنَّ الأُسرة أَوَّل المُحرِّضين على نُموِّالنِّفاق عندهُم.

       ينبغي أَن يجدَ الأَبناء آذاناً صاغيةً لأَسئلتهِم في المنزل وأَرضيَّة آمنة للتَّعبيرِ عن آرائهِم مهما كانت، وإِلَّا فالشَّارع وأَصدقاء السُّوء لهُم بالمرصادِ وخاصَّةً فيزمنِ العَولمة الذي أَصبحَ فيهِ العالَمُ كلَّهُ [شارعاً] في المحلَّةِ!.

       لا تجبرُوا الأَولاد على أَن يكونُوا صناديقَ مُغلقةً في المنزلِ ومفتوحةً في الشَّارعِ!.

       ١٣ أَيلول ٢٠٢٠

                                لِلتَّواصُل؛

    E_mail: nahaidar@hotmail.com
    ‏Face Book: Nazar Haidar
    Twitter: @NazarHaidar2
    Skype: nazarhaidar1 
    WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media