الغريب في العملية السياسية وإصلاحات الكاظمي
    السبت 19 سبتمبر / أيلول 2020 - 05:10
    واثق الجابري
    أثارت مجموعة التغيرات التي أجراها رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي جدلاً جديداً يضاف إلى فوضى جدالات لاتنتهي، حينما تترامى القوى السياسية والسلطات والشعب الإتهامات فيما بينهم، ويضيع حق المواطن في جدل عقيم لا ينتهي، وبالتالي قبول ما يحدث وإعتباره  أمراً واقعا.
    لا أحد  ينكر حاجة العراق الماسة لجملةتغيرات إدارية ودرجات خاصة، سيما مع تشبث وتكلس شخصيات في مناصبها، وربما تمرد على أحزابها بعد تمردها على شعب ينتظر عملها، إلا أن سلسلة التغيرات غير المناسبة في هذه الحكومة وغيرها،  خبطت الآمال كلها عن جدية دعوات الأصلاح، بل أوصلت العراقيين إلى قول "فاسد شبعان خير من جديد جوعان" وكأنهم ينظرون إلى الطبقة السياسية بأجمعها بعين واحدة متساوية، ولكنهم لم يقتنعوا إلى الآن بأن الفاسدين لهم أمبراطوريات، ورأي الشعب يحمل نوعاً من المنطقة، خوفاً من إمبراطوريات جديدةٍ تصارع قديمةً. 
    أسئلة كثيرة؛  من بعضها ،لماذا يقبل النواب بالتحول إلى السلطة التنفيذية؟ ومنهم مَنْ  يتقاتل أو يدفع أموالاً لأجل ذلك، وهل أن الإنتخابات تشريعية أم تنفيذية؟ ومن هي السلطة التي تستطيع ضبط إيقاع العمل السياسي؟ وبالتالي تكبر دوامة صعوبة تشخيص الخلل، حين يُصَوَّرُ ان السياسة في العمل في السلطة التنفيذية أهم من العمل التشريعي والرقابي البرلماني،
    رسمت جملة الأسئلة ونتائج الواقع؛ أوعت القاصي والداني بما ملموس وأسئلة بلا إجابة، فلم يحدَّدْ في مناهج الإصلاح أيٌ من السلطات ان تتحمل الجزء الأكبر، وقد يصل الإتهام إلى الشعب لأنه لم يُحسن الاختيار، وأن مَنْ اختارهم للنيابة عنه، يبحثون عن مكاسب لا يمكن التفريط بها أو إستغلال إختيار الشعب لتبوُّءِ مركز قوة والتقاسم به مع بقية القوى السياسية. 
    جاءت الإشكالات نتيجة تكرار إختيار شخصيات من خدم بمناصب تنفيذية عليا وتقبل بالأدنى، أو شخصيات حزبية أو برلمانية، غير مؤهلة للموقع ولكنها شرط في التقاسم الحزبي والمحاصصة الطائفية،  ولكنها أسئلة مثيرة للدهشة، عن كيفية قبول الشخصيات البرلمانية أو حصر التشريع بالمواقع بمعظمها، وكأن محدودية التفكير السياسي تنحصر بالمناصب التنفيذية. 
    إن الغريب في العملية السياسية، هو أن الشعب ينتخب برلمانياً لتمثيله، وبعد حين يجده وزيراً أو أدنى، ومنهم من كان  يغرر الناخب بطرح برامج تنفيذية وليست تشريعية وإصلاحية ورقابية، ويبدو أن الصراع على المناصب أكثر مما هو على عدد المقاعد في البرلمان؛ وبما لها أثر في تشريع القوانين ورقابية المؤسسات، وكذلك يعتقدون أن الوظيفة الخاصة ليست كما هو دورها للخدمة، وإنما هي أقصر الطرق للحصول على صوت الناخب والصفقات، وبما لذلك أثر في إستخدامها كورقة للتحكم بإدارة الدولة. 
    الصراع على المناصب، نتيجة حتمية لطبيعة التفكير السياسي، من قوى لم تستطع تقديم برامج يمكن تحريكها من خلال السلطة الشرعية التي اختارها الشعب، وقد يقول قائل: لا مانع قانونياً من تسنم البرلماني منصباً تنفيذياً، ولكن ذلك مخالفة للثقة التي أعطاها الشعب، ويبدو أن هناك صراعاً محموماً بين البرلمانيين للحصول على مناصب تنفيذية، أو ترشيح شخصيات تنوب عنهم أو يمسكون بخيوطها، لذلك فأن الغريب في العملية السياسية وإدارة الدولة، أن معظم المناصب تُدار من شخصيات حزبية أو من ينوب عنها في الواقع، ولكنهم يتحدثون في الإعلام عن نبذ الحزبية والمحاصصة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media