بالإنتخابات وحدها يرتهن مستقبل العراق والخروج من قمقم المحاصصة
    الخميس 21 يناير / كانون الثاني 2021 - 12:54
    جواد وادي
    كاتب وشاعر ومترجم مقيم في المغرب
             ينبغي على العراقيين جميعا ان يدركوا ان ما هم مقبلون عليه في السادس من حزيران القادم 2021، أو في العاشر من تشرين الأول، أو ربما ستكون هناك تأجيلات أخرى، كما يشاع الآن، هو محطة اساسية وإنعطافة حقيقية، ستشكل نقطة تغيير وتحول في حياتهم لتخرجهم من الأوضاع التي ما فتئوا يعانونها، منذ تسلط أحزاب الفساد على سدة الحكم، إن هذه الإنتخابات ستفتح لهم منافذ للمستقبل و يقينا ستكون اكثر اشراقا وامنا واحتراما لآدمية العباد بعد ان ذاق هذا الشعب المظلوم الأمرّين وعانى ما عانى ولا ينبغي ابدا التهاون في هكذا واجب وطني مقدس سيؤسس لتجربة جديدة، علينا جميعا ان نمارس دورنا بكل نزاهة وحرية وحرص شديد ومسؤولية وطنية كبيرة. فالوضع العراقي شديد الإلتباس والتعقيد وان أي تهاون في إغفال هذا الواجب الوطني المقدس، يعني المشاركة في استمرار هذه الاوضاع الشاذة وغير الطبيعية والمريرة.
    انها مهمة ملقاة على كل من يريد الخير والاستقرار لعراق الغد بغض النظر عن الانتماء الطائفي والمذهبي والديني والقومي وما سواها من مسميات تشكل الطيف العراقي المتنوع بتلويناته الرائعة ولا احسب ان هذه التشكيلة الموزائيكية الجميلة، كما يظن الآخرون، هي دليل تفكك للمجتمع العراقي، بل هي في حقيقة الامر مصدر تنوع وثراء واختلاف يقوّي من لحمة العراقيين ويجعلهم اكثر تشبثا بعراقيتهم وانتمائهم لهذا البلد الخيّر والأمين، أسوة بالعالم المتمدن، وهذا لعمري هو الموقف الوطني النبيل الذي لا لبس فيه.
    تتصاعد اليوم وكما يتناهى لأسماعنا أصوات رافضة للانتخابات قصد مقاطعتها، وهذا ما تسعى اليه أحزاب الخراب بطائفيتها ومحاصصتها المقيتة واستمرار نهبها لخيرات العراق.
    وهنا بنيغي العمل ودون تهاون أو ضعف في السعي لانجاح هذا المسعى النبيل، أن يتحد كافة العراقيين الذين يرومون التغيير الحقيقي وإزاحة الغمة الجاثمة على صدورهم منذ العام 2003 وحتى يومنا الأسود هذا، في لم شملهم وتوحيد صفوفهم وإبعاد من يريد افشال هذا الأمل أو تسويفه، بالسعي للحصول على البطاقة البايومترية أولا والتي من شأنها أن تتصدى للتزوير بنسبة 50% أو أكثر، ثم العمل على تشكيل أحزاب شبابية وطنية من ثوار ثورة تشرين المباركة وأن تعمل هذه الأحزاب على توحيد كلمتها وبرامجها وشعارتها للوقوف بوجه هذا التوجه الجماهيري المطلوب والذي يقينا سيسعد كافة العراقيين الشرفاء، وفاء لشهداء الثورة وجرحاها ومعطوبيها. وكذلك التدقيق في انتماء أعضاء اللجنة العليا للانتخابات وتبين اتجاهاتهم، والتأكد من نزاهة أعضائها، وهذا أمر في غاية الأهمية لتلافي ما تعرضت له الانتخابات السابقة من تزويرات وتلاعبات فاضحة وخطيرة، بسبب انحياز أعضاء اللجنة السابقة المشرفة على الانتخابات وتحيزهم المخزي لاحزاب السلطة وما قاموا به من عمل مشين غيّر النتائج وقضى على أحلام العراقيين في التغيير المنشود، ولكيلا تتكرر تلك السلوكات المزوِرة لإرادة الناخبين، ينبغي ضمان سلامة مواقف المشرفين على الانتخابات القادمة. ثم التأكيد على المشاركة الأممية الواسعة والفاعلة، لمراقبة أجواء الانتخابات وضمان نزاهة النتائج. ونأتي للأمر المهم والأخطر، وهو العمل وبكل جهد وطني حقيقي لنزع السلاح من مليشيات منفلتة، ستمارس بشكل لا يقبل الشك أجندات من يقودها لتزوير الانتخابات وبث الرعب في نفوس الناخبين ولا تتردد في عمليات قتل وتصفيات وخطف، وهذه الأفعال المجرمة ليست ببعيدة عليها، والعراقيون يعرفون تفاصيل هذه السلوكات المسلحة المعادية لأي تحول أو تغيير في الوضع السياسي العراقي، لتُبقى دار لقمان على حالها.
    نؤكد وبشكل لا يقبل الشك أو التماهل على وعي المواطن الحريص على التغيير باسناده ودعمه ومشاركته للانتخابات وبكثافة عالية، وأكرر ما ذهبت اليه في الانتخابات السابقة 2018، بأن الامتناع عن الذهاب لصناديق الاقتراع اذا ما توفرت شروط إنجاح العملية الانتخابية التي ذهبنا اليها آنفا وبشكل سليم، بأنها خيانة كبيرة للوطن ومستقبل الأجيال القادمة، وليعلم الجميع، بأن أمل الفاسدين، هو عزوف المواطنين عن الانتخابات، وحتى لو حصل ذلك، فأن جماهير هذه الأحزاب وذيولها، ستسعى للخروج بنتائج لصالحهم، حتى وإن بلغت نسبة المشاركة 10%، وهذا ما تتمناه وتصلي لأجله أحزاب الكوارث العراقية.
    فهل ترضى أيها المواطن النبيل أن يبقى الفاسدون جاثمين على صدوركم؟ عندها ستكون الطامة الكبرى والخيانة الأكبر والأخطر.
        ان قوة العراق من قوة ابنائه ، بقوة تلاحمهم، وذلك من خلال دفعهم للعملية السياسية خطوات متقدمة بعد ان اثبت العراقيون انهم شعب حي ومعطاء وذو اصالة قلّما تتوفر لامم أخرى، ولا غرو في ذلك لانه مهد الحضارات ومصدر اشعاعها الفكري والمعرفي الشامل ، اسس لعتبات الحضارة الانسانية الاولى وعلّم البشر كيف لهم ان يعيشوا وان يتساكنوا وأن سكتيبوا المعارف بتلاقح حضاري قل نظيره ، حيث كان قبلة للعالم الذي يسعى الى الحرية والامان والعيش الرغيد منذ دب الانسان على هذه الارض . 
          قد يحسب العراقي ان للعالم فضل عليه والعكس هو الصحيح ، فمن يشكك في هذا الفضل  وهذه الانجازات الهائلة في وقت كان الكون في ظلام دامس وجهل مطبق ونحن العراقييون شديدو الفخر بهكذا انجازات كونية باهرة ، انما الصعلكة والصبينة الغبية والفراغ الذي مرت به مراحل السياسة في العراق في عدم قيادة البلاد بحكمة، أدى الى صعود المجرمين والخاملين وأبناء الشوارع والبلطجية، على دفة الحكم والممارسات الرعناء لاقطاب الحكم البعثي وما آلت اليه من كوارث وازمات قاتلة جعلت العراقي ينوء بثقل هذه المغامرات الغبية فاخذت مسيرته تكبو بين الفينة والاخرى منذ مطلع الستينات وحتى يومنا هذا، وبسبب القطيعة التأريخية في مسلسل الاحداث الذي تعرض لازمات خطيرة اباح لثلة من الجهلة لاستلام دفة الحكم والسطو على العراق سلطة وشعبا وتاريخا وثروة وشموخ .
          ورث العراق كما هائل من المآسي والويلات، بعثرت كل شئ وخلطت الاوراق واحترق الاخضر واليابس وقعّدت العراقيين وحجّمت قدراتهم الذاتية وبات من المستحيل ان يتواصل العراقي مع ماضيه وتاريخه وقدرته على العطاء والبذل وضَعُفَ انتماؤه للوطن وتفشت الامية والامراض الاجتماعية القاتلة ونخرت جسده امراض لا حصر لها ، كل هذا بسبب الصبينة السياسية ورعونة المواقف وغياب الرؤيا الثاقية والرزينة وبات العراق تتقاذفه المواج المتلاطمة ومتروكا لقدره اللعين...
    تلك هي الطامة الكبرى فلا شعب قادر على تمييز الاشياء ولا كرامة انسانية ولا ثروة وطنية ولا سمعة دولية ولا.... ولا... والان وقد تنفّس العراقيون الصعداء وانزاحت الغمة والعقبة الكأداء بزوال صنم الضيم والتسلط والموت المجاني ، اصبحت التحديات اكبر والمسؤوليات على العراقيين اثقل واعتى والعراق ينتظر من ابنائه جميعا بكل انتمآءاتهم، الخير والتعاضد وترك الانتماءات الطائفية والعرقية والمحاصصة المقيتة، جانبا وجعل محبة العراق وعزته وكرامته فوق كل انتماء، بعد أن استكمل القادمون الجدد مسلسل الخراب البعثي والعمل على ارتهان العراق تحت رحمة القوى الأجنبية التي لا تريد الخير لا للعراق ولا لشعبه المظلوم.
         انني ومن ملاذي البعيد عن الوطن هذا، ادعو كل العراقيين الاحرار ان يشاركوا في رسم خارطة العراق الجديد بقلب ملؤه معزة العراق واهله من شماله الى جنوبه. وكم فندنا مزاعم النظام البعثي المقبور ومن ورائه مرتزقة صدام المجرمين من اعراب واجانب من خلال لقاْءآتنا وكتاباتنا ومواجهاتنا العنيفة احيانا مع هذه المخلوقات اللصوصية بسحتها الحرام والتي دافعت وبشرسة عن نظام صدام المجرم بكل ممكناتها ووظفت وسائلها المسمومة للتشكيك بقدرة العراقيين في الاستمرار في عراق موحد بعد سقوط نظام المقابر الجماعية ، حيث راهنوا وما زالوا على الحروب الاهلية وتقسيم العراق وتبعثر مكوناته ومحوه من الخارطة الجيوسياسية مراهنين على الاهوج صدام باعتباره في نظرهم يشكل رمز وحدة العراق وما كانوا يعلمون او بالاحرى يتجاهلون ان العراق بابنائه ومحبيه ووطنييه الرائعيين وتاريخه العريق وحضارته الضاربة عمقا وتجذرا في الارض العراقية ، لا بطاغيته الابله .
       والان وقد اشرقت شمس الحرية واثبت العراقيون للعالم اجمع كعهدهم دائما بانهم من العطاء والمبادرات الخلاقة والتلاحم الفريد، ما يجعلهم يخرصون زبانية صدام واقلامه المأجورة، مطالبون بأن يكسروا القيد الذي فرضه عليهم دعاة الأحزاب الإسلامية الفاسدة ومن يدور في فلكهم، وما تتخلل أفعالهم المعادية للوطن من أجندات دمرت كل شيء، وحولت العراق الى ضيعة سهلة الانقياد لدول الجوار، وللأسف الشديد. ومن العار والمعيب أن يظل العراقيون تحت رحمة من لا يريد الخير لهم والانعتاق من ربقة التسلط المليشياوي، النسخة الجديدة من فدائيئ المقبور صدام وأذنابه القتلة.
        مرحى لابناء شعبي العراقي المكافح وبشرى لهم بهذه الانجازات التي تجعلنا اكثر فخرا واشد تعلقا   بهذا الشعب المذهل  من خلال ثورتهم التشرينية المباركة والتي ينبغي أن تتواصل لتحقيق الأهداف النبيلة وأن يسعى ثوار العراق الأمل الجديد، الى تنظيم صفوفهم وتشكيل احزابهم للمشاركة بقوة في خوض الانتخابات، الأمل المتبقي، إذا ما توفرت شروط انجاحها، وهذا الأمر يتوقف على السعي والتكاتف والتآزر من كافة القوى العراقية الحية في إنجاح هذا الفعل الوطني الذي يقينا سيشكل انعطافة حقيقية في تاريخ العراق واعادته الى السكة القويمة، وبدون ذلك وعند عدم المشاركة بقوة في الانتخابات فانهم هم الخاسرون وكل الأجيال القادمة وسيتحول العراق الى مجرد بلد تنخره الطائفية والمحاصصة وتسيّد الطارئين الى ما شاء الله ومهدد بالانقسام والتفتت.
    هنا ينبغي التحذير وبقوة من التشظي المفبرك الذي أقدمت عليه أحزاب السلطة، بتشكيل أحزاب جديدة كارتونية، تحت مسميات مضحكة وظهور أسماء نعلم جيدا أنها تنتمي لتلك الأحزاب الفاسدة، لمجرد الضحك على الذقون والمراهنة على كسب الأصوات تحت ادعاءات مدنية ووطنية، لنلاحظ أنْ لا وجود لحزب إسلامي في هذه التشكيلات الجديدة والمشبوهة، وهذا يدلل على أن أحزاب الإسلام السياسي باتت مرفوضة من الشعب العراقي، لهذا قامت بهذا الفعل المشين والمضحك.
    . امامكم مهام جسام ، ففلول البعث لا زالت تتربص بانجازاتكم الباهرة وتقويض تجربتكم الفتية والمباركة، والظلاميون المجرمون من تكفيريين ووهابيين جهلة  يسوؤهم ان يروا العراق وهو يخطو بتؤدة الى فضاء ارحب ومستقبل مشرق ، يبني لاجياله القادمة، حياة خالية من الظلم والموت والمقابرالجماعية والاقصاء ووسائل التدمير الخطيرة. يشاركهم أحزاب المليشيات التي اخذت تصول وتجول كيفما تشاء ولا دور للسلطة للحد من افعالها الرعناء.
       شدّوا على نواجذكم وابنوا العراق الجديد ، فلا سبيل لكم ولا خلاص لكم الا بالديمقراطية ودون سواها والانتخابات النزيهة والشفافة هي ملاذكم ومآلكم ،  وتبا لمن يقف حجر عثرة امام مستقبل العراق وشعبه المكافح,
    فلا تقاطعوا الانتخابات أيها الثوار والوطنيون الأحرار لتفسحوا المجال لأحزاب الخراب أن تبقى على سدة الفوضى ويظل العراقيون في محنهم وأوجاعهم، والوطن تحت رحمتهم واسيادهم وذيولهم.
    هبّوا جميعا يا شرفاء العراق وأحراره لانتزاع حقكم المشروع وسحب البساط من تحت اقدام اعداء البلاد والعباد. 
    ولا تتركونا نشعر بالعياء من مناشداتكم المتكررة والتي اعيتنا كثيرا.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media