موجات التردد الراديوي المنبعثة من أبراج الهواتف النقالة تقتلكم ببطء
    الجمعة 26 نوفمبر / تشرين الثاني 2021 - 16:53
    أ. د. محمد العبيدي*
    بروفيسور متخصص بعلم الفسلجة والعقاقير الطبية
    هذه رسالة مهمة جداً موجهة لكافة المسؤولين في العراق ممن تعنيهم صحة المواطن العراقي، أطالبهم فيها أن يأخذوا قراراً شجاعاً بعد الإطلاع على المعلومات الواردة فيها من أجل صحة المواطن وحمايته من خطر أبراج الهواتف النقالة التي تملأ مدن العراق.

    إن التعرض لأشعة منبثقة من برج هاتف نقال يقع على مسافة 50 متراً يشبه التواجد في فرن الميكروويف لمدة 24 ساعة، كما يقول الخبراء، ويحمل نفس مخاطر الإصابة بالسرطان لو كان الشخص يعيش محاطاً بالرصاص والـدي. دي. تي، والكلوروفورم، وعوادم بنزين السيارات.

    تقول الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية (IARC) إن الإشعاعات الصادرة عن الهواتف النقالة والأبراج هي "مسرطنة للإنسان"، وتتسبب في الإصابة بنوع من أنواع سرطان الدماغ، وأن الأبراج هي أكثر خطورة من الهواتف لأنها تبعث إشعاع أكثر شدة وعلى مدى 24 ساعة في اليوم.

    إن اضطراب النوم والصداع والدوخة وردود الفعل المتغيرة والاكتئاب والتعب وآلام المفاصل واضطرابات القلب ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون وأضرار الحامض النووي والسرطانات ليست سوى بعض من المخاطر الصحية للتعرض لإشعاع برج الهاتف النقال كما يقول البروفيسور جيريش كومار، الأستاذ بقسم الهندسة الكهربائية، IIT Bombay، الذي قدم تقريرا عن إشعاع برج الهاتف النقال إلى وزارة الاتصالات السلكية واللاسلكية في الهند، في ديسمبر/كانون الأول 2010.

    هل الأبراج تدمر صحتنا، مع أو بدون استخدام الهاتف؟
    نعم بالطبع. بعد 20 دقيقة من استخدام الهواتف النقالة، تشعر بإحساس دافئ بالقرب من الأذن، ذلك لأن درجة حرارة شحمة الأذن تزيد درجة واحدة مئوية. يوصى باستخدام الهاتف النقال لمدة 6 دقائق كحد أقصى خلال النهار نظرًا لأن الهاتف النقال ينقل طاقة تتراوح من 1 إلى 2 واط، وهي عالية جدًا وخطيرة للغاية.

    في الولايات المتحدة مثلا، يتم إخبار المستخدمين بذلك، ولكن في العراق، بالطبع لا توجد مثل هذه التحذيرات لأن شركات الهاتف النقال هدفها الربح فقط ولا تعتمد المعايير الإشعاعية التي حددتها المبادئ التوجيهية ICNIRP (اللجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين) لعام 1998، وكذلك عدم الإلتزام بأحكام المادة 15 – خامسا من قاون حماية وتحسين البيئة رقم 27 لعام 2009 حيث تنص على منع ممارسة النشاطات الباعثة للأشعة الكهرومغناطيسية غير المؤينة والمنبعثة من محطات البث الرئيسية والأبراج والهوائيات الخاصة بالهواتف النقالة.

    لقد أثبتت الدراسات أن التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية له تأثير مباشر على الصحة، فقد أظهرت دراسة أجرتها منظمة (انترفون) في عام 2000 على مدار 10 سنوات في 13 دولة أن مستخدمي الهواتف النقالة بكثرة (من ساعة إلى ساعتين في اليوم) معرضون لخطر الإصابة بالورم الدبقي (ورم في الدماغ أو العمود الفقري). يمثل هذا الخطر ما مقداره 55 ٪ لأولئك الذين يستخدمونه على مدى 10 سنوات، وقد وجدوا 5117 حالة من حالات أورام في الدماغ في تلك الدراسة.

    كما وأبلغت العديد من الدراسات التي أجريت في بلدان مختلفة - مثل ألمانيا والنمسا والبرازيل وغيرها - عن زيادة حالات السرطان في 5 إلى 10 سنوات من استعمال الهاتف النقال، حيث كان مستوى الإشعاع أكثر من 1 ميغاوات / متر مربع. مع العلم بأن السرطان كان هو المرحلة الأخيرة، وقبل ذلك تعرض الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من أبراج الهاتف النقال إلى اضطرابات النوم والصداع وفقدان الذاكرة وعدم التركيز والتعب وآلام المفاصل وتشوه في الرؤية والإجهاض ومشاكل القلب، إلخ.

    ولمن لا يعرف ما هو الإشعاع الكهرومغناطيسي، أود أن أوضح ذلك لهم:
    نحن محاطون بأنواع مختلفة من الإشعاعات الكهرومغناطيسية كل يوم: تلتقط عيناك الضوء المرئي، ويتم فحص حقيبتك بواسطة الأشعة السينية في أمن المطار، وتسخن غذائك بالمايكروويف والكثير من الأشعة فوق البنفسجية يصيبك بحروق الشمس. وفي جوهره، فإن الإشعاع الكهرومغناطيسي عبارة عن طاقة تشتمل على حقل كهربائي ومجال مغناطيسي، يتنقلان معاً، ولكن بشكل عمودي، على شكل موجات. وأحيانًا يكون طول هذه الموجات قصيرًا جدًا - بضع نانومترات للأشعة السينية - في حين أن البعض الآخر أطول بكثير - بضعة سنتيمترات حتى الكيلومترات. وهذه الأطوال الموجية "الطويلة"، التي تسمى موجات الراديو، هي الإشعاع الكهرومغناطيسي "المختار للهواتف النقالة ومحطات القاعدة"، ولكن ليس في العراق، إذ أن شركات الهاتف النقال تستعمل الموجات "القصيرة" الخطرة على الصحة لذلك نرى تقارب نصب الأبراج في منطقة سكنية معينة.

    يمتلك الهاتف النقال العادي طاقة كافية للوصول إلى برج يصل إلى بعد قدره 45 ميل (72 كيلومتر). اعتمادًا على تقنية شبكة الهواتف النقالة، قد تكون المسافة القصوى هي 22 ميلاً (35 كيلومتر) لبعض التقنيات لأن الإشارة تستغرق وقتًا طويلاً للغاية حتى يعمل التوقيت الدقيق للغاية لبروتوكول الهاتف النقال بشكل موثوق. لا تصل إشارات الهاتف النقال عادة إلى أي مكان أبعد قليلاً من هذه المسافات القصوى. وتكون المسافة أبعد خارج المناطق الحضرية حيث يعني أن إشارات الهاتف النقال تضطر إلى السير لمسافة تصل إلى أميال أخرى أبعد.

    مما ورد أعلاه يبدو بشكل واضح رداءة خدمة شبكات شركات الهاتف النقال في العراق بسبب إستعمالها تقنيات متخلفة بحيث تنصب أبراج عديدة ومتقاربة من أجل ان تكون فيها طاقة كافية لإستلام الإشارة من الهواتف النقالة في محيط اقصر من تلك الأبراج. وهذا يعني أنه لو وضعت الإبراج بعيدة عن مركز المدينة بشكل معقول فإن الهواتف النقالة سوف لن تعمل أبداً لأنه لن يكون بإمكانها إلتقاط الإشارات وسبب ذلك أن شركات الهاتف النقال في العراق تستعمل موجات راديوية/كهرومغناطيسية قصيرة المدى، رخيصة الإنتاج، ومن النوع الذي يحدث ضرراً فادحا على صحة المواطن.

    وفي الختام أرجو من المواطنين الحذر الشديد من إستعمال الهاتف النقال لفترة طويلة من الوقت لما يسببه لكم من مخاطر صحية قد تكون قاتلة. وجنبكم الله كل سوء.


    *بروفيسور متخصص بعلم الفسلجة والعقاقير الطبية، ومستشار بإدارة المؤسسات الصحية وخبير دولي بالصحة البيئية والتغذية العلاجية
    mhd.obaidi55@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media