العراق.. ماذا يعني فوز الصدر بالانتخابات بالنسبة للكاظمي؟
    الأحد 5 ديسمبر / كانون الأول 2021 - 15:41
    [[article_title_text]]
    (الحرة) - يرى محللون أن فوز التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في الانتخابات التشريعية في العراق، عزز حظوظ رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، في الحفاظ على منصبه لأربع سنوات أخرى قد نشهد خلالها تراجعا أكبر للنفوذ الإيراني في البلاد.

    وتصدرت الكتلة الصدرية نتائج الانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، بحصولها على 73 مقعدا من أصل 329 هي مجموع مقاعد مجلس النواب.

    وحصل "تحالف الفتح"، الممثل الرئيسي لفصائل الحشد الشعبي داخل البرلمان بعد اعتراضه على النتائج الأولية بدعوى حدوث تزوير، على 17 مقعدا بعدما كان يشغل 48 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته.

    وترفض الكتل السياسية الممثلة للحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل شيعية موالية لإيران ومنضوية في القوات المسلحة، النتائج الأولية التي بينت تراجع عدد مقاعدها.

    ويردد الصدر دون كلل أن تياره سيختار رئيس الوزراء، ويدعو لتشكيل حكومة "أغلبية" ممثلة بالأحزاب التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات، وهو ما ترفضه القوى الموالية لطهران وتصر على تشكيل "حكومة توافقية" وأن يكون رئيس الوزراء القادم "توافقيا، والوزراء حسب الاستحقاق الانتخابي".

    ووفقا لتحليل نشره معهد "هيرتاج فاونديشن" الأميركي، فإن دعوة الصدر لتشكيل حكومة "أغلبية سياسية" في البرلمان تجعله "لاعبا" مهما من شأنه أن يساهم في حفاظ الكاظمي، "الصديق للولايات المتحدة"، على منصبه رئيسا للوزراء.

    يقول التحليل الذي كتبته الباحثة في مركز أليسون للسياسة الخارجية في المعهد، نيكول روبنسون، إن الصدر معروف لدى صناع القرار الأميركيين، خاصة أنه قاد ميليشيات ضد القوات الأميركية في الأيام الأولى من حرب العراق.

    ومع ذلك، ترى أليسون أن "الصدر أصبح منذ ذلك الحين أكثر انسجاما مع الأهداف الأميركية في العراق، ومن المرجح أن يكون بمثابة صانع الملوك من خلال الاستفادة من أغلبيته الانتخابية لترشيح الكاظمي".

    "حظوظ الكاظمي"
    تلخص أليسون الأهداف الأميركية في العراق بنقطتين فقط، هما مواجهة النفوذ الإيراني و"محاربة الإسلاميين المتطرفين" في إشارة منها إلى تنظيم داعش.

    ويرى المحلل السياسي العراقي، غالب الدعمي، أن "حظوظ الكاظمي لا تزال هي الأقوى، ولكن تبقى المفاوضات أو نتائج الاتفاقات بين القوى السياسية هي من تحسم ذلك".

    يقول الدعمي لموقع "الحرة" إن "قوى الإطار التنسيقي لا ترغب بوصول مرشح لرئاسة الحكومة من داخل دائرة الصدريين، وبالتالي هذا قد يجبرهم على قبول أي مرشح آخر يدعمه الصدر".

    ويشير الدعمي إلى أن "الأطراف المؤثرة داخل الإطار التنسيقي ترفض ترشيح الكاظمي، لكن الجميع يعلم أنهم يتأثرون بقوى خارجية يمكن أن تطلب منهم السكوت على ترشيح الكاظمي"، في إشارة منه لارتباط هذه القوى بإيران.

    يتفق أستاذ العلاقات الدولية، هيثم الهيتي، بأن "حظوظ الكاظمي كبيرة جدا"، لكنه مع ذلك لا يستبعد حصول "مفاجآت في اللحظة الأخيرة".

    ويقول الهيتي لموقع "الحرة" إن "الكاظمي سيكون الفرصة الأكبر للصدر لكي يسكت اعتراضات الفصائل على ترشيح أي شخص من داخل التيار".

    ويضيف الهيتي لموقع "الحرة" أن "الكاظمي تعامل ببراغماتية مع محاولة الاغتيال التي استهدفته، ولم يعلن عن الجهة التي نفذتها"، مشيرا إلى أن هذا سيساعد بالتأكيد في تخفيف حدة الاعتراضات على ترشيحه".

    ويرى الهيتي أن "قبول الفصائل بالكاظمي سيكون أفضل لهم من قبول شخص صدري ربما يكون أقسى من الكاظمي في التعامل معهم".

    وفي بلد تتنافس على النفوذ فيه طهران وواشنطن، يمكن أن يكون للتدخلات الإقليمية والدولية "الكلمة الفصل" في اختيار رئيس الحكومة المقبلة.

    في يونيو الماضي، نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين غربيين قولهم في لقاءات خاصة غير رسمية إنهم يفضلون التعامل مع حكومة يهيمن عليها الصدر على التعامل مع حكومة يهيمن عليها خصومه الشيعة المدعومون من إيران. 

    وقال السفير الأميركي السابق لدى العراق ورئيس معهد دول الخليج العربية في واشنطن، دوج سليمان، للوكالة "وجدنا أن الصدر واحد من المكابح الرئيسية للتوسع الإيراني والنفوذ السياسي الشيعي الموغل في الطائفية بالعراق بعد انتخابات 2018".

    "البديل المثالي"
    ويشير الهيتي إلى أن "الغرب والولايات المتحدة والخليج ومعظم الدول العربية الأخرى يفضلون جميعهم الكاظمي.. كما أن إيران تراه خيارا مناسبا لأنه لم يتخذ أي إجراء فعلي لإضعاف دورهم على الأرض حتى الآن".

    ويتابع الهيتي أن "الكاظمي لن يكون البديل المثالي للتغيير في العراق.. هو نجح إعلاميا في تصوير نفسه كبديل وحل فعال لمواجهة النفوذ الايراني، لكنه ليس كذلك".

    ويبين أن الكاظمي "شخص جيد ولديه نوايا حسنة وتصرفاته طيبة، لكنه ليس قائدا ويمكن أن يتخذ قرارات حاسمة".

    في المقابل، يرى الدعمي أنه "ليس من السهل إيجاد شخصية بمواصفات الكاظمي في ظل المعطيات والمؤشرات الحالية التي تقول إنه يحظى بقبول محلي نسبي وعربي وغربي منقطع النظير وعدم رفض إيراني، ودعم تركي أيضا".

    وأظهرت سلسلة أحداث شهدها العراق خلال فترة حكم الكاظمي التي بدأت في مايو 2020، حصانة الجماعات المسلحة المتحالفة بشكل أساسي مع إيران، من المساءلة والعقاب، وفقا لرويترز.

    فبعد أن أطاحت الولايات المتحدة في حرب 2003 بنظام صدام حسين، سيطرت أحزاب شيعية متحالفة مع إيران على مؤسسات الدولة وحكوماتها المتعاقبة.

    وفي أواخر 2019 شاركت مجموعات ضخمة من العراقيين في احتجاجات حاشدة تطالب بإزاحة هذه الطبقة الحاكمة. وقُتل مئات المحتجين عندما فتحت قوات الأمن ومسلحون النار على المتظاهرين. واضطرت الحكومة في ذلك الوقت للاستقالة.

    ومنذ ذلك الحين، وعد رئيس الوزراء المؤقت الكاظمي بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإصلاح قوانين الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يُضعف قبضة الجماعات المسلحة.

    لكن بعد مرور نحو عامين لم تحقق المحاكمات الخاصة بقتل المتظاهرين النتائج المرجوة منها. كما تبدو النخبة القديمة في سبيلها لتعزيز سلطتها بينما يشكو النشطاء من أن الحريات السياسية تآكلت أكثر.

    وتقول الأمم المتحدة إن 32 ناشطا مناهضا للنظام على الأقل لاقوا حتفهم في عمليات قتل مستهدفة نفذتها جماعات مسلحة مجهولة منذ أكتوبر 2019. ويلقي مسؤولون عراقيون باللوم في الكواليس على الجماعات المتحالفة مع إيران على الرغم من أن هذه الجماعات تنفي أي دور لها في ذلك.

    على الجانب الآخر تقول رويترز إن الكاظمي سعى إلى موازنة علاقات العراق مع كل من طهران وواشنطن، على الرغم من أنه ينظر إليه على نطاق واسع على أنه يتمتع بعلاقات ودية مع الولايات المتحدة .

    وتضيف أن رحلة الكاظمي الأولى للخارج كانت إلى إيران، لكنه زار البيت الأبيض مرتين وزار كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث تعكس تحركاته المتوازنة، جهود تحسين العلاقات العراقية مع دول الخليج التي تتنافس مع إيران على النفوذ في أنحاء الشرق الأوسط.

    وكذلك سعى الكاظمي لتهدئة التوتر بين السعودية وإيران. واستضاف في أغسطس اجتماعا في بغداد ضم مسؤولين من الجانبين.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media