نحن أعداء الدين!!
    الأثنين 1 مارس / أذار 2021 - 07:07
    د. صادق السامرائي
    نحن أصبحنا عبئا على ديننا لأميتنا التأريخية والقرآنية , هذه الأمية التي تعصف فينا وتمزقنا وتهلكنا , ونتوهم بأننا عارفين, لأننا نتكلم اللغة العربية ولا ندري منها شيئا. 

    إن الكثير من مسلمي الأرض من غير العرب أحرص من العرب على الدين , وأفقه منهم وأكثر فهما للغة العربية ومعاني القرآن.

    فهناك رجالات في أمم مختلفة , تفقهوا بالإسلام واللغة العربية وتفوقوا على من يدّعي فهم الدين واللغة العربية من العرب.

    وما جلبته علينا أميتنا وجهلنا وإمعاننا في تجهيل أنفسنا , أن صرنا ننتمي للتأريخ والدين بعواطفنا , فلا توجد فسحة لإعمال العقل في ربوع حياتنا , وتلك مأساتنا الحقيقية ونبع المآسي والويلات العاصفة بنا.

    لو أصحاب الكراسي تفقهوا بتأريخنا , وأدركوا معاني الأفعال وهضموا الحِكم والأفكار, وتمثلوها مثلما يتمثلها البشر , لتحققت عندنا أسباب السعادة والحياة الحرة الكريمة.

    لكننا أمّيون ونتصور أننا ندري , لوجودنا على أرض الأولياء والأنبياء والصالحين , وما نحن بعارفين بل في غاية جهل الجاهلين وبؤسهم.

    نحن حائرون بحاضرنا وتائهون على أعتاب تقرير المصير , ولا نتجاوز رغبات النفوس الشريرة المعسكرة في أعماقنا , فتقودنا إلى الرذيلة وتقتل فينا الفضيلة , بإسم الدين والمذهب والحزب واللون والهوية.

    نحن مخلوقات عاطفية متمترسة في الرغبات الدنيوية , مصابة بقصر النظر , وداء الضلالة والخسران , فتمذهبنا وكفّرنا بعضنا البعض وندّعي أننا مسلمون , وهذا هراء وأفك مبين.

    فارحموا أنفسكم أيها الناس وحاربوا جهلكم , واستعيذوا من شرور شياطينكم وعفاريت ضلالكم وبؤسكم , وتخلصوا من أمراض الحقد والكراهية والإنتماءات العاطفية الإنفعالية المخجلة  , التي آذت الدين , وأدمت قلوب الأولياء والصالحين. 

    وجعلت الأنوار والرموز  في تأريخنا , يبكون في قبورهم , ويلعنون الأجيال المسعورة بالمذهبية والفئوية والتكتلية , والتي لا تفقه من دين المحبة والرحمة شيئا.

    إننا في مأزق حضاري مفجع وطامة كبرى , تعلن إنقراضنا وسحقنا  , وما دمنا بهذه القدرات السيئة , فأن الله سيسلط علينا من يهيننا ويذلنا ويرفع عماد الدين بدوننا , فما أوفينا لرسالتنا وآلمنا ديننا , وأسأنا لعقيدتنا , وللصحابة والتابعين , وأوجعنا رموز المجد الحضاري  وأنوار الإسلام , فحوّلنا أفكارهم إلى جحيمات نحرق بها بعضنا البعض , وسيرهم إلى مآسي نستحم بها , ونحسب أن ذلك دينا وإيمانا ووفاءً لهم ولنبينا الكريم.

    فهل من يقظة , وعلم , ومَن يرحم دينه؟!!

    وهل نحن عاهة أضرت بالدين , لتمادينا بجهلنا وغينا وإدّعائنا ما ليس فينا وعندنا؟
    أم أننا مراؤون والدين منا براء؟

     مَن يقرأ القرآن من أبناء العربية يعجز عن إدراك معاني ما يقرأه , وإن كان يمتلك أعلى درجات المعرفة في حقل إختصاصه , فمعظم الذين يتحدثون عن الإسلام ويكتبون ويلعنون ويكفِّرون وينظرون ويحسبون أنهم من العارفين , في أميتهم وضلالهم وتضليلهم لأنفسهم ولغيرهم غارقين.

    الذين يتكلمون اللغة العربية أصبحوا لا يعرفون معاني الكلمات العربية !!

    إننا في أمية يُرثى لها , فكم من الأساتذة والإختصاصين الذين يقرؤون القرآن ولا يعرفون , فكيف بحال العامة من الناس؟

    فصرنا نقرأ القرآن كما نقرأ الفارسية أو الهندية , نقرأ أصوات الحروف والكلمات , ونتغنى بها وما نحن بمدركين ما نقرأ. 

    ونجد الأجنبي يعرف أكثر منا في ديننا ولغتنا , لأنه يتعامل مع الدين بعقله , ويريد أن يعرف حقائق معاني الآيات والكلمات ويتأملها بإمعان وتبصر.

    ما يجري في عالمنا اليوم , نتيجة الأمية القرآنية , والدينية , واللغوية , إنها الأمية الشاملة ,  فلو نفقه فعلا بالقرآن الذي نقرأه , ما فعلنا الذي نفعله. 

    لو أن المنتمي لأي مذهب يفقه من القرآن شيئا قليلا , لما فعل الذي فعله , ولإرتعشَ جسده وإهتزت أعماقه وأصابته الرهبة , مخافة من الله , أن يقدم على عمل يؤذي به الآخرين. 

    وهذا يؤكد وبلا منازع , أننا جاهلون , وضد الدين. 

    فارفع اللهم هذه الغمة عن أبناء الأمة بإرشادهم إلى سواء السبيل.

    د-صادق السامرائي

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media