استخدام الطاقة المتجددة و النظيفة المستدامة في العراق - للحفاظ على صحة الأنسان و البيئة و توفير الكهرباء المستدام
    الأثنين 8 مارس / أذار 2021 - 21:21
    أ. د. جيهان بابان
    رئيسة جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة
                                                  1
           الأستاذة الدكتورة جيهان بابان                                                  
    BSc, MSc, PhD (UCL), PGCE, CSci, CChem, MRSC, AMEI.
       الخبيرة في شؤون البيئة و الصحة و الطاقة 
      رئيسة و مؤسسة جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة. 
     رئيسة و مؤسسة المركز العراقي العالمي لبحوث الطاقة المتجددة و التغير المناخي في لندن.
    رئيسة و مؤسسة شبكة البيئيين العراقيين.


    Email:cieeaia2015@gmail.com    
                                              Email: info@iraqienvironmenthealthsociety.org  
                                     Website: www.iraqienvironmenthealthsociety.org
                   Facebook: @IEHC2015UK. 
      
    استخدام الطاقة المتجددة و النظيفة المستدامة في العراق -      للحفاظ على صحة الأنسان و البيئة  و توفير الكهرباء المستدام                
      موضوعياً يمثل العراق بلداً ذا افاق واعدة في التحول التدريجي من الطاقة الأحفورية كالنفط والغاز الى اشكال متنوعة من الطاقة المتجددة و النظيفة وهو شأن ذو اهمية استرتيجية للأنتقال الى التنمية المستدامة الخضراء و تحقيق اهدافها  التي وضعتها الأمم المتحدة و دولة العراق احد الموقعين عليها . 
    أولاً لابد ان نشير لماذا يجب التحول من الطاقة الأحفورية و النفط الخام بشكل خاص  علما بان العراق مازال  مصدر كبير و مستهلك  للثروة النفطية  الا أنه يدفع ثمناً باهظاً نتيجة تبعات و تحديات بيئية كبيرة  كونها  تلوث الماء و الهواء و التربة  نتيجة التسربات و الأنسكابات النفطية اثناء عمليات  الحفر و الاستخراج و التفريغ و النقل و التحميل و التعبئة و الخزن  وقد يصل اثارها الى المياه الجوفية . 
    و تعد الملوثات الهوائية للنفط الخام  على الأكثر شيوعا  على شكل  مواد غازية او ابخرة سوائل اودقائق وجسيمات صلبة  و يعتبر حرق  الغاز المصاحب للنفط الخام  احد  المصادر الكبيرة لانبعاث الغازات الدفيئة في الهواء  و تشمل  هذه الغازات كبريتيد الهيدروجين والغازات  الهيدروكاربونية المتطايرة والمركبات الأروماتية , وتكمن خطورة هذه الغازات في كونها مركبات سامة ومسرطنة ومن الدخان الاسود في  الهواء نتيجة الاحتراق غير التام وتسبب هذه الغازات العديد من المشاكل الصحية والبيئية في العراق  علاوة على كونها من الغازات المسببة للأحتباس الحراري خاصة حرق الغاز المصاحب 
    و هناك ايضاً ملوثات سائلة تسحب الى الخارج اثناء الأنتاج وتعتبر من اكبر النفايات من حيث الحجم  وتحتوي هذه المياه على خليط معقد من المركبات غير العضوية  و على كميات من المواد النفطية. اما الملوثات الصلبة  فهي الطين غير النقي (  البنتونايت)  و تحوي العديد من العناصر السامة الثقيلة كالزئبق والزرنيخ والكادميوم والرصاص. 

                                                                        2
      عالميا بدأ النفط  يفقد دوره كمصدر و حيد للطاقة و اصبح الأهتمام بالغازالطبيعي  الذي هو اكثر  صديقاً من النفط الخام للبيئة  وقدر احتياطي العراق 132 تريليون قدم مكعب  و يتم حرق اغلبه كغاز
     مصاحب لأستخراج النفط و بسبب عدم استثماره يخسر العراق عشرة ملايين دولار يوميا عدا تكلفة مايستورد من بلدان الجوار و بكلفة تقدر بمليارات الدولارات سنويا. و لكن الأهم و البديل الحقيقي  هو التحول الى الطاقة  المتجددة و النظيفة البديلة الخضراء.  
    و بسبب ازدياد الحاجة لتوفير الطاقة الكهربائية سواء على صعيد التوليد و النقل و التوزيع  من وحدات التوليد المركزي الى المنازل من خلال شبكات معقدة و بسبب الزيادة العالية  للسكان و التحديات البيئية و التغير المناخي , تزايد الاهتمام في العالم على مصادر الطاقة المتجددة و ايضاً  للحد من انبعاثات الغازات الكاربونية . 
     و نعني بالطاقة المتجددة  هي  اشكال الطاقة المتولدة من المصادر الطبيعية مثل طاقة الشمس والرياح والمياه والإمطار و الأمواج  وحرارة جوف الأرض  و طاقة الكتل الحيوية و تحويل النفايات المنزلية و الصناعية الى طاقة كهربائية و حرارية وطاقة  الجاذبية  و ايضاً استخدام غاز الهايدروجين كمصدر نظيف للطاقة ايضاً  وما يساعد على توفيرها هو التطور العلمي و التكنولوجي المتسارع و انخفاض الكلفة السعرية . و تتوفر في العراق الظروف المثالية للأنتقال التدريجي الرصين الى الطاقة المتجددة و النظيفة خاصة وان التغير المناخي قد رفع من درجات الحرارة الى مديات غير مسبوقة و التي تجعله احد اكثر مستويات الاشعاع الشمسي جاذبية خاصة في محافطات الجنوب و المثنى و الانبار خاصة و ان الطلب على الكهرباء يزداد  في فصل الصيف   بما يجعلها مثالية لأستخدام الطاقة الشمسية. وفعلاً و بسبب الانقطاعات المستمرة للكهرباء في العراق تم التفكير الجدي و استحدث  مركز الطاقة المتجددة التابع لوزارة الكهرباء  و رسم برنامجاً لأنشاء محطات شمسية ، وإنتاج سخانات شمسية، وإنارة الطرق العامة ولكن كان الأنجاز على العموم متواضع  الا أن البرنامج المستقبلي يجب ان يهدف الى  التنصيب السريع للمرايا ، وبالكلفة  المناسبة، وبما يدعم هدف  لتحقيق الأكتفاء الذاتي, للحد من استيراد الكهرباء والغاز، الذي يكلف العراق من 2.5 إلى 2.8 مليار دولار سنوياً.
    ومن المصادر الأخرى هي الرياح وهي نوعين تصل سرعتها الى 80 كيلومتر في الساعة وهي من منتصف حزيران الى منتصف ايلول عبر نصب توربينات خاصة في اماكن غير مؤئرة على الطبيعة و التنوع البيولوجي  للمنطقة المختارة و بعد عمل تقييم الأثر البيئي للمنطقة. و مايزيد الأمر تعقيدا هنا هو العواصف الرملية و الترابية و التي بحاجة الى تقييم بيئي رصين. 
     وتتوفر في العراق امكانات جيدة  لأيجاد مصادر للطاقة المتجددة كاطاقة الشمسية و المائية و الريح بينما يفتح العلم حالياً مجالات اوسع خاصة بالأهتمام بغازالهايدروجين  كمصر للطاقة النظيفة . مصدر اخر مهم في العراق غير مستغل هو حرق و تحويل النفايات المنزلية و الصناعية الى طاقة كهربائية و حرارية نظيفة و التي تقوم بها العديد من البلدان و ممكنة جداً و تسهم في حل ازمة الكهرباء في العراق لتحفيز الأستثمار في مجالات الطاقة المتجددة و النظيفة يجب توفير بيئة جاذبة لرأسمال المال المستثمر لبناء محطات تعمل على الطاقة المتجددة  و النظيفة و تسهيل المعاملات و تخفيض الرسوم  و توفير الألواح الشمسية باسعار مناسبة للفرد العراقي و ان تكون جولات التراخيص شفافة و مفتوحة. 
    كما و تحتاج الطاقة المتجددة و النظيفة  الى اطار قانوني خاص  ينظمها   و تحت إشراف وزارة الكهرباء العراقية  و الذي يجب ان يهدف الى تنشيط الطاقة المتجددة و النظيفة واستخدامها في العراق. و ايضاً تحقيق التنمية المستدامة للطاقة بزيادة كفاءة مصادر الطاقة التقليدية المستخدمة حالياً، وإعداد 
                                                                          3
    مصادر متجددة للأجيال القادمة و زيادة مشاركة الطاقة المتجددة في توفير الطاقة وفي دعم  أمن الطاقة و الامن البيئي.  فمن  التاثيرات المهمة لأنتاج الطاقة المتجددة و استخدامها على نطاق واسع هو حماية البيئة والتخفيف من التغير المناخي عبر تقليص الانبعاثات الكاربونية  و الكبريت و الذي ينسجم مع متطلبات التنمية المستدامة عبر تقليص البطالة و انخفاض الاسعار و كفاءة الأيصال و تقليل الانبعاث الكاربوني وقد علنت وزارة الكهرباء أن هدفها على المدى البعيد هو أن تصبح 40٪ من كهرباء العراق متجددة عبر تبني تقنيات الرياح، وتحويل النفايات إلى طاقة، واستثمار الطاقة الحرارية الأرضية. و ايضاً  رسم  الآلية التقنية والمالية لتمكين المواطنين من الحصول على قروض صغيرة لشراء وحدات الطاقة الشمسية على أسطح المنازل وتركيبها. وفضلاً عن ذلك، أجريت مسوحات فنية لعدد من المباني الحكومية لتقييم مدى ملائمتها لتوليد الطاقة الشمسية.
    الأ ان  تحقيق كل ذلك يتطلب توفرادارة حازمة وفعالة  و رشيدة لأدارة المرحلة الأنتقالية للتحول من الطاقة الاحفورية الى الطاقة المتجددة و النظيفة الخضراء وبضمنها اعداد الكوادر الفنية و موظفين مدربين وذوي خبرة لصيانة وإصلاح أنظمة الطاقة الشمسية لما في هذا التحول من تحدياً مجتمعيا مزدوجا  وهما متطلبات توفير طاقة موثوقة وبأسعار معقولة لعدد متزايد من السكان. و تلعب العوامل السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية دوراً في تحفيز الطلب عليها و في الأستفادة من الثورة العلمية و التكنولوجيا الرقمية التي ستحسن الأداء و الأنتاج و تقلل الكلفة على المستهلك. 
     اما عالميأً فقد بدأت الأستفادة الفعلية من المصادر الطبيعية للطاقة المتجددة والنظيفة وأن تشكل نسبة 30% من الطلب العالمي على الكهرباء  ومازال الزخم  لبناء المشاريع الكبيرة للطاقة المتجددة مستمرة بالنمو من خلال توفير شحنات عالية لإنتاج الطاقة وهذا يساهم في إزاحة الوقود الأحفوري من منظومة توليد الطاقة  مع ازدياد الطلب العالمي على استخدام السيارات الكهربائية, او التي  تعمل على غاز الهيدروجين و الذي يبشر بحلول ثورة صناعية  تقلل كثيراً  من استخدام  النفط خلال الاربعين سنة القادمة. ففي انكلترا مثلاً  بلغت مساهمة الطاقة المتجددة في تحقيق خفض بنسبة 15٪ في إجمالي استهلاك الطاقة في المملكة المتحدة بحلول عام 2020  حيث ازداد الأهتمام في مجال الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة  من أجل تخفيض انبعاثات الكربون وتعزيز توليد الطاقة الكهربائية المتجددة من خلال الحوافز التجارية مثل نظام شهادة الالتزام المتجدد  والصناديق الاستئمانية وتعزيز الحرارة المتجددة من خلال الحوافز الحرارية المتجددة. كانت المخططات الكهرومائية تاريخياً أكبر منتجين للكهرباء المتجددة في المملكة المتحدة ولكن هذه الخطط تجاوزت الأن مخططات طاقة الرياح التي تمتلك المملكة المتحدة موارد كبيرة محتملة لها.
                                                                            4
     وكانت البداية في المملكة المتحدة في عام 1974 حيث تم الشروع بعملية  التقييم التقني والأقتصادي الكامل لأمكانات تولي الكهرباء عبر الطاقة المتجددة  لتوليد الكهرباء  و اعتبرت مستقبل سياسة الطاقة في البلاد  ومن ثم بدأ العمل لأنجاز مشاريع للطاقة البديلة منها  استخدام توربينات رياحية بقدرة 3.7 ميغاواط لتوفير الكهرباء  على احد الجزر للمنازل ومن ثم  افتتاح أول مزرعة رياح برية  في شبة جزيرة ديلابول وتتكون المزرعة من 10 توربينات وتنتج ما يكفي من الطاقة الى 2700 منزل. 
    و أطلقت مبادرة الصفقة الخضراء  في عام  2012,  بقروض لتدابير توفير الطاقة للممتلكات في بريطانيا  لتمكين المستهلكين من الأستفادة من تحسينات كفاءة الطاقة في بيوتهم . وتعتبر طاقة الرياح هي ثاني أكبر مصدر للطاقة المتجددة في عام 2016. كما ويتم الاستفادة من الطاقة البحرية او امواج البحر والتي يمكن استخدامها لتوليد الكهرباء المستخدمة إما في المنازل أو وسائل النقل أوالمصانع .فلذلك تعتبر المحيطات من أهم مصادر توليد الطاقة المتجددة في العالم نظراً لموقع الجزيرة في المملكة المتحدة فإن البلاد لديها امكانات كبيرة لتوليد الكهرباء من موجة الطاقة وقوة المد والجزر.
    و ايضاً تم  استغلال الوقود الحيوي من المجاري ودفن النفايات في بعض المناطق. وفي عام 2004 قدمت عدد من الشركات,  129.3 غيغاواط ساعة (بزيادة 690٪ عن مستويات عام 1990) وكانت مصدر الطاقة المتجددة الرائدة في المملكة المتحدة وتمثل 39.4٪ من إجمالي الطاقة المتجددة المنتجة .
    قامت جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة بمؤتمرين عالميين حول إدارة و استخدام الطاقة المتجددة و النظيفة ومن ضمنها الطاقة الشمسية في العراق في جامعة اليوسيئيل في لندن  في 28 ايلول 2019 و في 16 شباط 2020 حول إدارة و تدوير النفايات في العراق و تحويلها الى طاقة كهربائية و حرارية, و بمبادرة الأستاذة الدكتورة جيهان بابان أسست " المركز العراقي العالمي لبحوث الطاقة المتجددة و التغير المناخي في لندن " في 2019   و " شبكة البيئيين العراقيين"  في 2020 و سنشهد نشاطات هذه الجمعيتين العراقيتين قريباً في مجالات تخصصهما و بالتعاون و الشراكة الوثيقة مع جمعية البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة.
    و ومن التوصيات التي أود تقديمها   :
    1.اشراك الكوادر العلمية من الأكاديميين و الخبراء البيئيين و الأطباء و المهندسين و القضاة و الكادر التدريسي في الجامعات و المعاهد و المدارس للعمل الطوعي للحفاض على البيئة العراقية و الملوثات الناتجة من استعمال مولدات الديزل لأنتاج الكهرباء.
    2.تعزيز التعليم و الدراسات العليا للأنتقال الى بناء و تطوير مشاريع الطاقة المتجددة و النظيفة الصديقة للبيئة و خاصةً الطاقة الشمسية و الألواح الشمسية, و توفيرها للمواطن العراقي بأسعار مخفضة .
    3.توفير الألواح الشمسية باسعار مخفضة بل و حتى مجانا  للمنازل التي تسكنها عوائل متعففة و فقيرة. 

                                                                          5
    4.تشريع قانون خاص لأستخدام الطاقة المتجددة و النظيفة ومن ضمنها استعمال الألواح الشمسية في جميع مؤسسات الدولة ومن ضمنها المدارس و الجامعات و المعاهد و المؤسسات التعليمية و الزراعية والمراكز الخدمية , كتدوير النفايات , و المجاري و  المستشفيات و محطات تحلية المياه  و كبديل عن مولدات الديزل الملوثة للهواء و البيئة.
    5.تخصيص  حصة  في قانون الموازنة المالي الحالي .
    6.تشجيع انشاء فروع تعليمية وورش علمية لمناهج الطاقة المتجددة و النظيفة في الجامعات و المعاهد العراقية  و البحوث العلمية. و كذلك في المدارس و الثانويات الصناعية.
    7.دعم المؤتمرات العلمية في داخل العراق و خارجه حول ادارة و تطوير الطاقة المتجددة و النظيفة في العراق و التعاون مع الأكاديميين علماء الطاقة و المهندسين المتخصصين.
    8.التعاون بين وزارة الكهرباء و الصحة و البيئة و الصناعة و التخطيط و من يخصه الأمر لأنشاء برامج بحثية في مجال الطاقة المتجددة و النضم  الكهربائية و ربطها في الصناعة, و العمل على تدريب الكوادر من الفنيين و المهندسين الخريجين لتنصيب و صيانة مستلزمات التحول للطاقة المتجددة والصديقة للبيئة ومن ضمنها منظومات الطاقة الشمسية.
    9.الحد من الأنبعاثات الغازية كغاز الميثان الناتج من احتراق النفط الخام و التي هي احد مسببات التغير المناخي في العراق و العالم عبر استخدام الطاقة النظيفة و التكنلوجيا الحديثة. 
    10. تعزيز التوعية المجتمعية  بأثر قطاع الطاقة الكهربائية على البيئة العراقية  و اهمية ادارة و استخدام الطاقة المتجددة و النظيفة المستدامة  الخضراء.
    اذا حققنا هذا سنساهم في  دعم الأقتصاد الوطني و تحقيق  التنمية المستدامة و تعزيز الأمن الأقتصادي و الأجتماعي والصحي و البيئي في العراق.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media