منحوتة الوحي النائم Sleeping Muse
    الأثنين 29 مارس / أذار 2021 - 06:17
    د. ميسون البياتي
    [[article_title_text]]
    منحوتة الوحي النائم Sleeping Muse
     قبل الحديث عن المنحوته التي بيعت في مزاد كريستي الأمريكي بسعر 57,4  مليون دولار فقط لا غير في العام 2017 نتحدث عن عمل مجنون قام به نحاتها الروماني قسطنطين برانكوزي الذي كان معدماً آمن بقابليته الفنيه فقرر الرحيل من بوخارست
    [[article_title_text]]
    ظهر التمثال
    الى باريس التي كانت خلال العقود الثلاثه الأولى من القرن العشرين عاصمة للفنون في العالم , كان عمره 27 عاماً ولا يمتلك قرشاً واحداً للرحله فقرر سيرها على الأقدام . بدأت الرحله عام 1903 وانتهت عام 1904 إنطلق من قريته هوبيتا على أطراف بوخارست وسار عبر رومانيا وهنغاريا والنمسا وألمانيا وسويسرا وأجزاء من فرنسا للوصول الى باريس . بقي يمشي عاماً كاملاً ليعد نفسه كأفضل نحات على الإطلاق في القرن العشرين . مسيرته من بوخارست الى ميونخ بلغت 1395 كيلومتر إحتاج الى 285 ساعه لقطعها , أما مسيرته من ميونخ الى باريس فبلغت 775 كيلومتر إحتاج الى 160 ساعه لقطعها 
    [[article_title_text]]
    النحات قسطنطين برانكوزي
    في العام 2017 نظر المخرج البريطاني بيتر غرين واي الى هذا العناد والتحدي الذين يتحلى بهما برانكوزي فأنتج عن ذلك فيلماً روائياً تسجيلياً عنوانه ( المشي الى باريس ) , ولا غرابة في ذلك اذا عرفنا أن برانكوزي تعلمهما من تنمر والده وأخوته الأكبر منه عليه ما دفعه وهو في سن السابعه الى الهرب من البيت والعمل في وظائف شاقه منها رعي الغنم والخدمه في البيوت ليجد لنفسه أماكن يستطيع الأكل والنوم فيها   
    بعد وصوله الى باريس لاقى الإعجاب بموهبته فتمت مساعدته للإنتساب الى كلية الفنون فيها رغم أنه لم يكن يعرف القراءه ولا الكتابه اللتين تعلمهما فيما بعد , وكان يدخل الدروس العمليه فقط وكثيراً ما كان يجادل أن الدراسه تعلمه الأصول التقليديه لضبط أبعاد العمل بينما هو لا يريد تجسيد الإبعاد في منحوتاته لكنه يريد تجسيد المشاعر   
    احتلت منحوتة الوحي النائم رأس برانكوزي لما يقرب من 20 عام . في تصور وتنفيذ العمل تجنب النحات التفاصيل لصالح الأفكار والمشاعر , خطوط  بسيطه جداً عند تأملها تعطي الإنطباع بسيده مستغرقه في نوم عميق لذيذ ومستريحه بسلام. هذه النسخه البرونزيه هي واحده من 4 قوالب صنعت في عام 1910 من الرخام وكانت البارونه رينيه إيرانا فرانشون موديلاً لها . يزن الرأس 5,4 كيلو غرام من البرونز وأبعاده هي ( 17,1 × 24,1 × 15,2 ) سم . وكما كان برانكوزي عنيداً في  وصوله الى باريس فقد عاند في صقل وتلميع العمل , التلميع وحده أخذ منه شهراً كاملاً
    [[article_title_text]]
    بيت برانكوزي في هوبيتا

    عاش برانكوزي في باريس كأي فلاح روماني , بيته كان يشبه البيوت الرومانيه , ولم يغير أسلوبه في ارتداء الملابس . صنع أثاث بيته بنفسه , وكان يطبخ بنفسه الطبخات الرومانيه التقليديه ويقدمها لضيوفه من المشاهير , ربطته علاقات متينه بأشهر فناني ومثقفي عصره فضمت دائرة أصدقائه فنانين ومثقفين مثل أميديو موديلياني ، وعزرا باوند ، وهنري بيير روشيه ، وغيوم أبولينير ، ولويز بورجوا ، وبابلو بيكاسو ، ومان راي ، ومارسيل دوشامب ، وهنري روسو ، وبيغي غوغنهايم ، وتريستان تسارا ، وفيرناند ليجر, وكان يحب تدخين السيكار وشرب النبيذ ومعاشرة النساء , له ولد واحد  هو جون مور من عازفة البيانو النيوزيلنديه فيرا مور التي لم يعترف بعلاقته معها قط , فقد كانت من سكان نيوزيلندا الأصليين ( ماوري ) وخلال العقود الأولى من القرن الماضي كانت بريطانيا تتبع مع الماوري سياسة إباده منظمه وتصورهم  للعالم على أنهم متخلفين من أكلة لحوم البشر وتشجعهم على تعاطي المخدرات وحل مشاكلهم بالسلاح  
    [[article_title_text]]
    مشغل برانكوزي في باريس

    برانكوزي مواليد عام 1876  وكان يرهق نفسه بشده , ما أن وصل 50 من عمره احتاج لمن يرعاه ولم يعد قادراً على المطاوله , حين تحولت رومانيا الى بلد شيوعي لم يدخلها غير مرات قليله , لكنه عثر في باريس على عائله رومانيه لاجئه منحته الرعايه التي يحتاجها , ولأنه عامل تلك العائله كأهل له لذلك قرر في العام 1925 الحصول على الجنسيه الفرنسيه ليسهل على العائله عملية الحصول على تركته بعد وفاته , توفي حين بلغ 81 من العمر وكان ذلك عام 1957 

    أمواله السائله أصبحت من نصيب الأسره التي اعتنت به , أعماله غير المباعه تبرع بها للحكومه الفرنسيه شريطة تحويل مشغله الى متحف يقع اليوم مباشرة بجانب مركز بومبيدو للفنون . الحكومه الرومانيه صانت الكوخ الذي سكنه طفلاً وحولته الى مزار ثقافي , يوم مولده اليوم عطله رسميه في كل رومانيا , المتاحف التي زارها أو إقتنت بعض أعماله تصدر كل عام عشرات الطوابع البريديه التي تخلد إسمه وأعماله , بعض أشهر أعماله وصل سعر تداولها بين المزادات الى 185 مليون دولار للقطعه الواحده 
    لقد كان السير الى باريس على الأقدام يستحق أن يكلل بكل هذا النجاح 

    د. ميسون البياتي 
    [[article_title_text]]
    بوستر فيلم السير الى باريس
     


    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media