أ. د. محمد الدعمي
على العكس من قصة تأسيس وتطور "مجلس التعاون الخليجي”، بقيت قصص "الوحدات” العربية الأخرى حبيسة الرؤى وأحلام الجمهور الوثاب للتقدم. وإذا كانت ما سميت بـ”الوحدة الثلاثية” (مصر والعراق وسوريا، 1963-64) قد انتهت إلى انفراط العقد أسوة بدولة الوحدة التي سبقتها (الجمهورية العربية المتحدة/مصر وسوريا) فإن حلم الوحدة أو بالأحرى حلم أي شكل من أشكال الاتحاد والتعاون الحقيقي بقي حلمًا "رومانسيًّا” بعيد المنال في وجدان قطاعات عريضة من الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج.
وإذا كان قد حدث ثمة تحرك في هذا الاتجاه على سنوات عهد الرئيس السابق، صدام حسين (سوية مع جلالة الملك حسين والرئيس السابق حسني مبارك)، فإن ما شاب العلاقات بين هذه الدول العربية الثلاث من خلافات وتفاوتات في الرؤى قد أدى إلى شكل من أشكال الشلل وعدم الفاعلية، محيلًا الفكرة إلى "حبر على ورق”، حتى إذا جاءت مأساة غزو العراق الكويت، انتهى كل شيء.
والحق، فإن للمرء أن يبقى متشبثًا بحلم الوحدة العربية حتى وإن كانت وحدة جزئية؛ ذلك أن أي تكامل أو تضامن أو تعاون، مهما صغر حجمه وضعفت آفاقه، يبقى أشبه بسفينة النجاة لقطاعات عريضة من المواطنين العرب على نحو عام.
لهذه الأسباب، من بين سواها، يمكن للمرء التمسك بــ”قمة الوحدة” المأمولة القادمة بين ذات البلدان الثلاثة المذكورة في أعلاه، أي العراق ومصر والأردن، خصوصًا وأنها قمة تأتي في وقت تتعاظم فيه تحديات العصر من كوارث وآفات وصدامات على أشكال متنوعة، ناهيك عن النزاعات والخصومات التي تستدرج بعض دول الجوار العربي باتجاه العمق العربي، المشرقي خصوصًا.
لذا، فإن للمرء أن يرصد مثل هذه الخطوات التقريبية الإيجابية بين الأقطار العربية في سياق خطوة المملكة العربية السعودية الواعدة باتجاه ما أطلق عليه عنوان "الشرق الأوسط الأخضر”، وهو مشروع عملاق لا ينبغي أن يمر دون ملاحظة المتابعين في خضم التفاعلات "القومية” الوثابة إلى التقدم الجماعي، زيادة على أهمية إسهام العالم العربي في جهود إنقاذ الكوكب الذي يضمنا جميعًا، مما يحيق بهذا الكوكب من تهديدات التلوث والتسخن الكوكبي والتغير المناخي، ناهيك عن معضلة "التصحر” التي راحت تخنق المدينة العربية، وتزحف لتلتهم الأرياف التي تغذي هذه المدينة بما تحتاج إليه من منتجات زراعية وحيوانية.
كاتب وباحث أكاديمي عراقي