أول حاصله على نوبل للسلام
    الجمعة 14 يناير / كانون الثاني 2022 - 16:45
    د. ميسون البياتي
    أول إمرأه تحصل على جائزة نوبل للسلام كانت البارونه بيرثا فون سوتنر 1843 _ 1914 وحصلت على الجائزه عام 1915 أي بعد عام واحد من وفاتها , ولأن هذه السيده حصلت على الجائزة ( كوتا ) وبدون إستحقاق حقيقي ولاشيء ولا إنجاز مهم في حياتها , فسنتعرف عليها من سياق التعرف على مواضيع كثيره ارتبطت بالفتره التاريخيه التي عاشت فيها , وقليلاً قبلها وبعدها 
    [[article_title_text]]
    البارونه بيرثا فون سوتنر

    باديء ذي بدء نشكك في نزاهة منح جائزة نوبل منذ أول جائزه منحت عام 1901 وحتى اليوم , لأنها لم تمنح لغير الذين يخدمون السياسة الأمريكيه حول العالم على سبيل المثال لا الحصر فالجائزه لم تمنح لطاغور كأول غير أوربي يحصل عليها إلا لأنه كتب رواية (البيت والعالم) التي ألبت النزاع الإبراهيمي الهندوسي وساهمت بشكل مباشر في فصل البنغال وخليج البنغال عن الهند وشبه القاره الهنديه . منحت الى رواية (أرخبيل القلغ) التي ألفها الروسي ألكسندر سولجنستاين لأنها كتبت ضد الإتحاد السوفييتي أيام الحرب البارده . منحت الى نجيب محفوظ لأنه ساند السادات في رحلة التطبيع بكل خطواتها وليس للقيمه الأدبيه التي تحفل بها رواياته , أما الروايه الكاذبه عن أنه تعرض للطعن بسبب رواية أولاد حارتنا فتلفيق حكومي للتغطيه على رفض الشارع العربي والمصري للتطبيع

     حجبت الجائزه عن الشاعر الأمريكي العظيم عزرا باوند لأنه عارض السياسه الأمريكيه في أوربا نهاية الحرب العالميه الثانيه وإتهم بالجنون وحجز 10 سنوات في مصحة عقليه فجعله الألم يحجم عن النطق أياً كانت الكلمات حتى مات . حجبت عن مؤلف رواية ( الساعه الخامسه والعشرون ) العظيمه للروماني قسطنطين جورجيو لأنها تتحدث عن الظلم والتفرقه الأمريكيه التي وقعت في اوربا خلال الحرب العالميه الثانيه . حجبت عن الهندي من أصول بريطانيه العظيم روديار كبلينغ لأنه عارض وفضح مهزله إستقلال الهند وتقسيمها الى 4 دول هي الهند وبنغلاديش وباكستان وسيريلانكا عند تغييرها المستعمر البريطاني بالأمريكي نهاية الحرب العالميه الثانيه 
    [[article_title_text]]
    الفريد نوبل

    بعد حل الإتحاد السوفييتي لإنهاء الحرب البارده وإحلال الحرب على الإرهاب محلها , رفضت إبنة الروسي بوريس باسترناك تسلم جائزة نوبل التي منحت لوالدها المتوفي , كانت الروايه والجائزه ممنوعتان في الإتحاد السوفييتي لأن الجائزه امريكيه والروايه كانت تتحدث عن فضيحة ما تسمى ب (الحرب الأهليه الروسيه) التي هي في حقيقتها كيفية مساندة الأمريكان بكل شيء للإنقلاب البلشفي حين هجمت عليه بريطانيا بمعية جيوش 13 دوله جمعتهم من دول عصبة الأمم لإسقاط البلاشفه وتطويق قارة أوربا من الشرق والغرب لمنع تغلغل النفوذ الأمريكي فيها , رفضت البنت الجائزه قائلة : قمتم بتهريب الروايه خارج البلاد وتم نشرها دون علمه وموافقته فسببتم له الكثير من المشاكل مع حكومته والألم حتى وفاته . ورفضت إبنة (درزا ميهايلوفيتش) آخر رئيس وزراء شرعي لمملكة يوغسلافيا تسلم جائزة نوبل للسلام التي منحت لوالدها بعد إسقاط سلوبودان ميلوزوفيتش عام 1990 , قالت : بعد مؤتمر طهران 1954 الذي عقد بعد نهاية الحرب العالميه الثانيه سمحتم لمليشيا الإنصار التي يقودها الشيوعي تيتو بإعدام الجيش الوطني اليوغسلافي عن بكرة أبيه وبضمنهم والدي وإستعملتم بلادي منذ ذلك الحين لخدمة أغراضكم , أين جثة والدي لنمنحها الجائزه ؟  

    نأتي هنا الى السؤال : لماذا يمنح ملك وملكة السويد الجائزه اذا كانت مسيسه الى هذا الحد ؟ والجواب جد بسيط , في العام 1638 كانت السويد تستعمر جزءاً من امريكا الشماليه تحت تسمية (السويد الجديده) التي ارادت بها أن تكون قاعدة انطلاق لإستعمار مناطق أكبر من القارة الفتيه . عام 1783 أُجبرت بريطانيا وجميع الدول التي تحتل الولايات الأمريكيه الشماليه على الجلوس الى معاهدة باريس والإعتراف بإستقلال الولايات الأمريكيه , معاهدة الإستقلال هذه تضمنت شروطاً جعلت جميع ممالك اوربا الصغيره وبضمنها السويد تعمل بنوع من التبعيه الثقافيه والتجاريه والسياسيه للولايات المتحده منذ ذلك الحين 
    [[article_title_text]]
    ثيودور هرتزل

    عام 1789 قامت الجاليه الأمريكيه التي تعيش في فرنسا بتعجيل إشعال الثوره الفرنسيه التي استمرت حتى عام 1799   لإنهائها تم ايصال نابليون بونابرت الأول الى الحكم الذي قام بغزو كل اوربا أو هددها بالغزو , توفي نابليون الأول عام 1821 منفياً في جزيرة سانت هيلانه , لكنه خلال حياته كان قد عيّن أخاه جوزيف ملكاً على إسبانيا ومقاطعة الأنديز في امريكا اللاتينيه التي كانت خاضعه للحكم الإسباني , إنشغلت الولايات الأمريكيه الشماليه بوضع يدها على الأنديز وجزأته الى عدة دول , ثم عادت لتجريد باقي أوربا من مستعمراتها 
    عام 1845 أبحرت سفينتان أمريكيتان محملتان بدرنات بطاطا مريضه الى آيرلندا (مزرعة أوربا للبطاطا) والبطاطا غذاء رئيسي في أوربا , كما الرز في آسيا . أنتجت الدرنات المريضه محصولاً فاسداً نشر المرض في المزارع خلال الأعوام التاليه فعمَّت المجاعه في اوربا وضربت الطبقات الفقيره بعمق فإشتعل ربيع الثورات الأوربيه علم 1848  حروب ومذابح كما يحصل اليوم في الربيع العربي
      
    كارل ماركس منظر الماركسيه كان مراسلاً بوقائع تلك المقاتل للصحافه الأمريكيه حيث راسل من لندن صحيفة نيويورك ديلي تريبيون لمدة 10 سنوات من عام 1852 إلى 1861 وعمل خلال ربيع الثورات الأوربيه بنفس الإسلوب المشبوه الذي يعمل به الآن برنار هنري ليفي في ربيع الثورات العربيه خصوصاً بعد إدعاء ماركس وفاة جدته التي زعم انها تركت ثروه استعملها في تجهيز بعض المقاتلين فأصبح مرفوضاً من حكومات المانيا وفرنسا ويفكر جدياً بالهجره الى الولايات المتحده 

    التيارات المائيه في المحيطات لا تسير اعتباطاً بل تحركها حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس والمجالات المغناطيسيه التي تتعرض لها الأرض أثناء دوران القمر حولها أو مرور الكواكب الأخرى . التيار البحري الدافيء القادم من المحيط الهندي يصعد الى امريكا الوسطى قرب سواحل المكسيك ويستمر صاعداً شمالاً وشرقاً ليصل الى بحر الشمال في أوربا , ولهذا فمنذ عصور قديمه ارتبطت الملاحه من امريكا الى اوربا بدول بحر الشمال , أما التيار البارد على كوكب الأرض فينطلق من بحر الشمال ويحاذي السواحل الأمريكيه قبل ان ينحرف ويدخل الى المحيط الهندي , عند وقوع ربيع الثورات الأوربيه فتحت الولايات المتحده باب الهجره دون قيد أو شرط لسكان بحر الشمال فوصلت اعداد هائلة منهم , المانيا وحدها هاجر منها مليون شخص في عام 1848 وحده أطلقت عليهم تسمية ألمان 48 . قامت الولايات المتحده بتأسيس أعداد من هؤلاء المهاجرين على شكل كتاب وادباء ومفكرين واصحاب عمل وشركات وبنوك وجامعات ومؤسسات صحفيه  واعادتهم الى اوربا كأوربيين يحملون الجنسيه الأمريكيه ويعملون لخدمة اهدافها 

    ألفريد نوبل واحد من أطفال جيل الربيع الأوربي كان عمره 10 سنوات حين إندلع الربيع , يعيش في أسره سويديه انتقلت الى سان بطرسبيرغ لأن والده كان يملك معمل لتصنيع المتفجرات التي استعملتها روسيا اثناء حرب القرم 1853 _1856  خلال تلك الحرب إبتعثه والده الى باريس لتطوير قابلياته في الكيمياء من أجل تطوير صناعة المتفجرات التي تديرها العائله . بمجرد وصوله الى باريس تم تلقفه وإيصاله الى الولايات المتحده , كان عمره 18 سنه حين وصلها وأمضى 4 سنوات في دراسة كيمياء المتفجرات . عام 1856 إنتهت حرب القرم وإنتهت أحلام العائله بالثراء الفاحش من تسليح الحرب من الجانب الروسي , هنا أفلس الأمريكان من تأمين حرب القرم بمدها بمختص في صناعة البارود لتتوسع  في اوربا , فقامت على الفور بتحويل الفكره من حربيه الى تجاريه وألحقت ألفريد نوبل للعمل مع شركة أريكسون السويديه متعددة الجنسيات فقام الولد ألفريد على الفور وبنفس العام بإبتكار طريقه لتحويل المتفجرات الفائقه من وسائل للقتل .. الى متفجرات محدوده الانفجار تستعمل لأغراض الحفر والهدم وتعبيد الطرق وغيرها من الغايات فأصبح وعائلته من كبار تجار المتفجرات التي تستعمل لهذه الغايات السلميه 
    هنا سيأتي تسلسل البارونه بيرثا فون سوتنر الحاصله على نوبل للسلام عام 1915 في هذه الحكايه .  البارونه كانت يتيمة أب من أصل نبيل غير معروف ولهذا كانت تائهه , فلا هي مع النبلاء الفوق فتنعم بالإمتيازات والتقدير , ولا هي مع عامة الشعب لتعيش مثلهم , كانت نبيله من درجة أدنى أضافت والدتها الى الحظ دنواً أنها كانت مقامره محترفه خسرت في صالات القمار كل ما تبقى للعائله . تمت خطبة بيرثا عدة مرات وفشلت الخطوبات  لأسباب كثيره فقررت أن تتحول الغناء لتصبح مغنية اوبرا لكن رعب الوقوف على المسرح أمام جمهور منعها من الغناء بشكل صحيح 
    بحثت لنفسها عن حل فلم تجد وسيله غير قبول العمل كمربيه لبنات عائلة فون سوتنر النبيله , وسرعان ما أقامت علاقه عاطفيه مع الإبن الأكبر للعائله علها تجد به مخرجاً من أزمتها , لكن اسرته كانت تعارض تلك العلاقه بشده , دفعها ذلك الى ترك العمل والقبول بوظيفه في مكتب تجارة ألفريد نوبل للمتفجرات , وسرعان ما دخلت في علاقة عاطفية معه علها تستطيع استثمارها , وحين لم تفلح عادت الى فون سوتنر الإبن وتزوجته وعاشت معه في بيت يشبه الحظيره لأن عائلته حرمته من الثروه والإمتيازات وكل شيء . تضور الزوجان جوعا وتنقلا في أماكن كثيره للبحث عن فرصة للعيش
    [[article_title_text]]
    التيار الأحمر الدافئ والتيار البارد الأزرق

    في العام 1882 جلبت بريطانيا العظمى جيوشها واحتلت مصر الضفه الغربيه لأهم شريان يربط العالم عن طريق النقل البحري ذلك الوقت وهو قناة السويس , فقررت الولايات المتحده أن تلبد أمامهم على الضفه الشرقيه بطريقة لا فكاك منها فساعدت النمساوي تيودور هيرتزل على تأسيس الحركه الصهيونيه 1889 ومطالبة أثرياء اليهود جمع تبرعات لإنشاء وطن قومي لليهود , وحيث أن اليهود مستقرون في بلدانهم منذ قرون ولهم مصالح فيها , لم يتحمس لدعوته أحد . وكان عدم الحماس هو المطلوب لأن هيرتزل طالب اليهود ساعتها بالعوده المجانيه الى أرض الميعاد في فلسطين التي تضمن للأمريكان الجلوس على الضفه الشرقيه لقناة السويس والإستيلاء على ميناء حيفا أخطر موانيء البحر الأبيض المتوسط الجنوبيه قاطبة 
    تضور البارونه فون سوتنر وزوجها جوعاً جعلهما يبحثان عن عمل فعثرا عليه في مكتب تيودور هيرتزل الصهوني , مارست البارونه العمل الصحفي في المكتب , ونشرت روايه بعنوان (إرمِ سلاحك ) يقال أنها تدعوا الى السلام , ثم  قام تيودور هيرتزل بتمويل رحلتها الى لاهاي عام 1899 لتقوم بتغطية المؤتمر لصحيفته الصهيونيه  وليست بصفة عضو في مؤتمر ينظم قوانين الحروب وجرائم الحرب لأنها غير مؤهلة لذلك 
    رغم زواجها من ابن عائلة فون سوتنر وعملها مع تيودور هيرتزل بقيت بطريقة ما على علاقه مع ألفريد نوبل الذي توفي عام 1896 عن عمر 63 سنه , ويقال إنها كانت السبب في قيامه بإضافة جائزه للسلام الى مشروع جائزة نوبل التي ستمنح من الثروه الطائله التي حطّت عليه وعلى أسرته من بيع المتفجرات أوقات الحرب والسلم 
    ماتت البارونه فون سوتنر عام  1914 بسرطان المعده  , في العام 1915 تم منحها جائزة نوبل للسلام بحجة أنها ألهمت الفريد نوبل فكرة الجائزه , لكن الحقيقه هي علاقتها المباشره مع تيودور هيرتزل وتواجدها في جميع المؤتمرات الصهيونيه التي رعتها حركته , وهي حركه لم تعرف السلام يوماً لا مع اليهود الذين قادت ضدهم حملات متابعه واغتيالات منظمه وترويع داخل أوربا وخارجها لإجبارهم على الفرار بأرواحهم الى أرض الميعاد ولا مع العرب سكان البلاد الأصليين في القدس وباقي المدن الفلسطينيه , ولا مع باقي العرب الذين ناصروا الفلسطينيين وحقهم الطبيعي بأرضهم وديارهم
    [[article_title_text]]

    الوضع المأساوي الذي مرت به اوربا أثناء ربيع الثورات الأوربيه الذي امتد حتى عام 1871 جعل أمم اوربا ترتبط بشبكه معقده من الأحلاف والمعاهدات كان أخطرها توقيع الوفاق البريطاني _ الروسي عام 1907 والذي من بين بنوده السريه تطويق قارة اوربا من الشرق والغرب ومنع التغلغل الأمريكي من النفوذ فيها والوصول الى المستعمرات الأوربيه في العالم , لهذا بعد اسبوع واحد من وفاة البارونه فون سوتنر , تم اغتيال ولي العهد النمساوي الأرشيدوق فرانز فرديناند على يد مراهق ينتمي الى عصابه الكف السوداء التي يتم تمويلها ممن يودون مواصلة الحروب في اوربا لحين تحقيق كامل أهدافهم فإشتعلت الحرب العالميه الأولى وانتهت بالهدنه بعد ايصال البلاشفه الى سدة الحكم في روسيا وقتل القيصر بما يعني تدمير الوفاق البريطاني الروسي 

     حال تمكن ستالين من انهاء مذابح التطهير في الاتحاد السوفييتي واسدال الستار الحديدي بين شرق أوربا وغربها كانت البنوك الأمريكيه العامله في اوربا قد حولت هتلر من يهودي مشرد ينام على الأرصفه ولايجد قوت يومه بغير الرسم في الشوارع الى شخص مهندم ماتت جدته هو الآخر وتركت له ثروه تمكن بها من صناعة نفسه حتى اصبح فوهرر وبدأ الحرب العالميه الثانيه . ما يهمنا منها هنا هو دفعه الى إحتلال الدنمارك والسبب هو أن الدنمارك تحكم جزيرة غرينلاند , عند دخول الولايات المتحده الحرب العالميه الثانيه ضد دول المحور قامت بتأسيس قاعدتها العسكريه في غرينلاند والقاعده باقيه حتى اليوم , ونشرت مختلف أنواع غواصاتها في بحر الشمال واصلة الى أي نقطة تريدها فارضة هيمنتها على المنطقه حيث يذكر تقريرها المنشور عام 2012 أن 36% من شعب السويد يرحبون بالهيمنة الأمريكيه و 30% يرفضونها و 34% لم يقرروا بعد 

    د. ميسون البياتي 

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media