التحدي والبكاء!!
    السبت 6 أغسطس / آب 2022 - 07:40
    د. صادق السامرائي
    وصلتني رسالة من صديق مع مرفق عنوانها " أبكتني هذه القصيدة"!!
    والقصيدة المرفقة تنعى بغداد , وتنوح عليها , وكأن الدنيا إنتهت , والبشر لن يعود إلى جوهره , ولن تقوم لبغداد قائمة , وهذا تفاعل إنتحابي جنائزي يهيمن على مواطن الإبداع بأنواعها.
    ولا توجد إبداعات حزائنية دامعة نادبة يائسة مبتئسة في مجتمعات الدنيا كما عندنا.
    فالإبداع إن لم يكن مأساويا , تراجيديا , لا نقترب منه ولا نعترف بوجوده , فالميل للبكاء والتظلم والتشكي ينبثق فينا كالينابيع التي لا تنضب.
    أما إذا كتبتَ عن التحدي والمواجهة والإصرار على صناعة الحياة وبناء الحاضر والمستقبل , فأنكَ تغرد خارج السرب ومن المحلقين في فضاءات الوهم .
    لا أعلم إن كتبَ اليابانيون بكائيات عن طوكيو , أو البولونيون عن وارسو , و الألمان عن برلين ,  لكن ما وصلت إليه تلك المدن التي مُحقت عن بكرت أبيها , بشير إلى إرادة التحدي والإصرار على إعادة البناء بأحسن مما كانت عليه قبل الحرب.
    إن الإمعان بالكتابات الحزائنية توجُّه يأساوي ومأساوي , يدفع بالأجيال إلى التجمد وفقدان الأمل وإنعدام التفاؤل , ويأخذهم إلى ميادين التبعية والخنوع , وإستلطاف المذلة والهوان , والإدمان على التأوّه والتشكي , وعدم القدرة على الخطو الواثق للأمام.
    علينا أن لا نبكي , بل نواجه ونتحدى , ونؤمن بمستقبل أفضل وحاضر أزهى , رغم الشدائد والملمات , وتكالب العاديات , وتعاضد المفترسات , وصولاتها القاسيات.
    الأمم لا تكون بالبكاء والندب والنحيب والأنين , إنها تتحقق بإرادة العمل والثقة بالحاضر والمستقبل , والتمسك بالثوابت الوطنية والقيم الإنسانية , وإعلاء قيمة وحقوق المواطن , والجد والإجتهاد للوصول إلى
    أسمى الأهداف.
    فهل لنا أن نتحدى لنكون؟!!

    د-صادق السامرائي 

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media