وقفة مع القرار ( 121 / اتحادية / 2022 )..
    الأحد 14 أغسطس / آب 2022 - 08:47
    أياد السماوي
    في 15 / 05 / 2022 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها المرّقم ( 121 / اتحادية / 2022 ) , بناء على الاستفسار المقدّم من مكتب رئيس الجمهورية بموجب الكتاب المرّقم ( م . ر . ج / 1 / 3 / 1015 في 12 / 05 / 2022 ) , المتضمن طلب الاستفسار المقدّم إلى المحكمة الاتحادية العليا من قبل رئيس الجمهورية بناء على الطلب المقدّم إليه من قبل مجموعة كبيرة من النواب في مقدمتهم النائب محمد شياع السوداني الذي هو الآن مرّشح الإطار التنسيقي لرئاسة مجلس الوزراء , وفحوى الاستفسار هو تفسير نص المادة ( 64 / ثانيا ) من الدستور التي نصّت على ( يدعو رئيس الجمهورية ، عند حل مجلس النواب ، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل ، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً ويواصل تصريف الأمور اليومية ) فما المقصود بالأمور اليومية الوارد في النص أعلاه ؟ ..

    وقبل أن نسرد على القارئ الكريم ما جاء في تفسير المحكمة الاتحادية العليا المخوّلة حصرا بتفسير نصوص الدستور وفقا لما جاء في المادة ( 93 / ثانيا ) من الدستور يهمنا أولا أن يطلّع الرأي العام العراقي لماذا تقدّم هؤلاء النواب بطلبهم إلى رئيس الجمهورية بالطلب من المحكمة الاتحادية العليا تفسير عبارة تصريف الأمور اليومية الواردة في نص المادة ( 64 / ثانيا ) من الدستور ؟ ولا شّك أنّ السبب الذي دفع النواب بالتقدّم إلى رئيس الجمهورية بهذا الاستفسار , هو تمادي حكومة رئيس الوزراء مصطفى عبد اللطيف مشتت بتجاوزاتها على الدستور والقانون والصلاحيات الممنوحة لها في ظل حكومة تصريف الأعمال , وكان لا بدّ من إيقاف تجاوزات هذه الحكومة على الدستور والقانون والتي بلغت مبلغا خطيرا جدا لم تقوم بمثله أيّة حكومة سابقة , خصوصا تلك التجاوزات التي تتعلّق بتوريط العراق بإبرام عقودا مشبوهة بمليارات الدولارات مع شركات أجنبية ومحليّة , وكذلك تجاوزات الحكومة فيما يتعلّق بإرسالها الأموال إلى حكومة إقليم كردستان خلافا لقانون الموازنة لعام 2021 ولقرار المحكمة الاتحادية العليا المرّقم ( 59 / اتحادية / 2012 وموحدتها 110 / اتحادية / 2019 ) , ولكن يبقى أخطر ما بهذه التجاوزات على الدستور والقانون وصلاحيات حكومة تصريف الأعمال هي تلك التي تتعلّق بتغيير كامل هيكلية مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية .. فمنذ أن أصبحت حكومة رئيس الوزراء مصطفى عبد اللطيف مشتت في 7 / 10 / 2021 حكومة تصريف أعمال بعد قرار مجلس النواب العراقي حلّ نفسه في هذا اليوم , بدأت الأوامر الديوانية الصادرة من مدير مكتب رئيس الوزراء وأمين عام مجلس الوزراء المتعلّقة بتغيير هيكلية مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية و كافة الوزارات تصدر بالعشرات حتى شملت تغيير المحافظين ومدراء الشرطة والمدراء العامين في المحافظات .. وجميع هذه التغييرات اللا قانونية كانت منصّبة على أعضاء ومقرّبين من الكتلة الصدرية .. وربّ سائل يسأل لماذا اختّصت هذه التغييرات فقط لصالح الكتلة الصدرية وماذا يهدف مصطفى مشتت من ورائها وهو يعلم أنها غير دستورية ومخالفة للقانون ؟ والجواب على هذا السؤال هو نّ مصطفى مشتت أراد من خلال هذه التعيينات أن يقول لمقتدى الصدر , ها أنا قد سلمت الدولة لتيارك بأكملها , ويجب عليك أن تستقل من أجل إبقائي رئيسا للوزراء , فجميع هذه التعيينات اللا قانونية ستذهب بشخطة قلم إن لم يتمّ إبقائي في منصبي الذي ( خمطته ) بأكبر خدعة في التاريخ ..

    ومن هنا جاء قرار المحكمة الاتحادية العليا ( 121 / اتحادية / 2022 ) في 15 / 05 / 2022 , الذي نصّ على ( إنّ حكومة تصريف الامور اليومية تعني بأنّها تلك الحكومة المتحوّلة من حكومة طبيعية بكامل الصلاحيات إلى حكومة محدودة الصلاحيات , وتواصل تصريف الأمور اليومية التي تتضمن اتخاذ القرارات والإجراءات التي من شأنها استمرار عمل سير المرافق العامة بانتظام وديمومة استمرار تقديم الخدمات للشعب , ولا يدخل ضمنها القرارات التي تنطوي عن أسباب ودوافع سياسية ذات تأثير كبير على مستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي , ولا يدخل كذلك ضمنها اقتراح مشاريع القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العليا للدولة أو الإعفاء منها أو إعادة هيكلية الوزارات والدوائر ) .. وكان من المفترض بعد صدور هذا القرار أن تتوقف كلّ هذه الأوامر الديوانية التي تتعلّق بالتعيين أو الإعفاء لكافة مناصب الدولة العليا والدرجات الخاصة , باعتبار أنّ قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة بموجب المادة (94) من الدستور , لكنّ عصابة مصطفى عبد اللطيف مشتت التي سطت على الحكم في العراق بأكبر خديعة في التاريخ المعاصر , أبت أن تتوّقف عن الاستمرار بهذه التغييرات الهيكلية في مؤسسات الدولة ووزاراتها , وذلك لإدخال البلد وبأوامر من جهات دولية وإقليمية في حرب أهلية مع التيار الصدري في حالة إلغائها من قبل الحكومة القادمة .. ختاما نطالب القضاء العراقي التدّخل لإيقاف نزيف التعيينات في مناصب الدولة العليا والتي كان آخرها تعيين رائد جوهي رئيسا لجهاز المخابرات الوطني العراقي , وإصدار أمرا ببطلان جميع هذه التعيينات التي صدرت بعد يوم 07 / 10 / 2021 ..

    أياد السماوي
    في 14 / 08 / 2022    
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media