هل سيكون ماكرون الممثل الرسمي لبايدن في العراق؟
    السبت 24 سبتمبر / أيلول 2022 - 14:50
    أ. د. جاسم يونس الحريري
    خبير دولي معتمد في الشؤون الخليجية
    التقى السيد ((مصطفى الكاظمي))رئيس حكومة تصريف الاعمال المنتهي ولايته يوم الاربعاء الموافق 21/9/2022 مع ((أيمانويل ماكرون))الرئيس الفرنسي وذلك في أطار لقاءاته الثنائية على هامش مشاركته في أجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة  المنعقدة في نيويورك وبحث اللقاء ضرورة التحضير لعقد((مؤتمر بغداد2للتعاون والشراكة))،فضلا عن دور العراق البارز في المنطقة وجهوده في تعزيز الامن فيها عبر سياسة التهدئة ، وترتيب وجهات النظر بما يعزز استقرار العراق والمنطقة وأزدهار شعوبها وشهد اللقاء مناقشة جهود الكاظمي في أيجاد منافذ لحل الازمة السياسية الحالية ومبادرة ((الحوار الوطني))التي اعرب  الرئيس الفرنسي عن دعمه لها مؤكدا على ضرورة حث القوى السياسية  العراقية نحو التواصل والحوار ضمن العملية السياسية ورعاية الدستور.
    تحليل وأستنتاج:-
    ---------------- 
    1.لازالت فرنسا تحاول ان تطرح نفسها ك((وكيل))للولايات المتحدة  الامريكية في العراق عبر سياسة تكاد تكون تختلف قليلا عن السياسات الامريكية التي خلقت((الفوضى الخلاقة)) هناك  منذ الغزو والاحتلال  الامريكي عام2003.
    2.تحاول فرنسا ان تكون بجانب القوات الامريكية في العراق  التي تحولت مهامها من قوات ((قتالية))الى قوات ((استشارية وتدريبية)) وعرض خدماتها العسكرية واللوجستية للقضاء على الارهاب وتكاد تكون  الصورة لها في الاعلام وكانها لاتهتم بالموقف الامريكي وانها على استعداد لادارة الازمات العراقية وعلى راسها  الانسداد السياسي الاخير وكما اكد لقاء الكاظمي مع ماكرون وتاكيد الثاني على دعم فرنسا  مبادرة الكاظمي  للحوار الوطني.
    3.لاتنعدم المصلحة  الاقتصادية الفرنسية في تواجدها في العراق لما يمثله من فرص  للشركات الفرنسية في قطاعات الطاقة والمواصلات والبنى التحتية والاتصالات لذلك استخدمت باريس ((الموافقة المسبقة))من واشنطن للتحرك والتشاور مع مختلف التيارات  والايدلوجيات  الحزبية والسياسية العراقية للتعريف بنفسها بانها يمكن ان تكون ((الوكيل الفعلي))لواشنطن في العراق   في المستقبل المنظور بعد ان تنسحب القوات الامريكية لكن لايغيب عن اهتمام المراقب  ان هذا  الامر لايخرج من هيمنة  الفاعل  الامريكي لكن من  يرجع  الى تصريح  ماكرون في مدينة الموصل في 29اغسطس2021 يتاكد أن فرنسا ماضية ببقاء قواتها في العراق حيث((تعهد الرئيس الفرنسي ببقاء القوات الفرنسية في العراق والاستمرار في المساعدة في مكافحة الارهاب)).
    4.في حالة حضور ماكرون  الى العراق والمشاركة في النسخة الثانية من مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة فهي ستكون رسالة جديدة من ماكرون لدعم  الكاظمي واعطائه نوع من المرونة وفق المصادر الفرنسية لكي لايبقى في الزاوية الصراعية  الايرانية-الامريكية.
    5.لامناص من القول ان التحرك الفرنسي يتناغم مع التحرك الامريكي للهيمنة وشرعنة تواجده العسكري والاقتصادي في العراق خدمة لمصالحهما والابقاء على تامين وصول النفط العراقي  اليهما وترك العراق مشغول بازماته المستعصية حيث ان منذ مؤتمر والتعاون والشراكة لعام2021  فماذا قدمت فرنسا الى العراق؟ فاذا كانت نوايا ماكرون صادقة في مساعدة  العراق فان مرور سنة كاملة على مؤتمر بغداد فعلى الاقل كانت قد خففت من تعقيدات  المشهد السياسي العراقي وتم الاعلان عن مشاريع استثمارية مهمة ك((قطار بغداد المعلق)) الذي من المؤمل ان تنفذه شركة ((الستوم)) الفرنسية ، وتطوير قدرات العراق النووية  للاغراض السلمية في الطاقة والصحة والزراعة لكن تبقى مصالحهم هي الاهم ومصالح العراق تكون في المرتبة اللاحقة وكمثال على ذلك تم الاعلان عن تدشين اول رادار فرنسي في قاعدة الاسد الجوية 180كلم غرب بغداد ضمن سلسلة 4رادارات ستسلم الى العراق للسيطرة على كل مجاله الجوي ليكون قادر على ضمان سيادته الاقليمية واحترام مجاله الجوي بشكل افضل لكن الهدف الحقيقي الفرنسي من بيع هذه المعدات العسكرية للعراق هي تصريف منتجاتها العسكرية للعراق والحصول على ارباح فاحشة في هذا المجال ،وهو يدخل في خانة الصراع  الامريكي الايراني في الساحة العراقية وهذا ديدن العلاقات الدولية لاتوجد صداقات دائمة ولاعدوات دائمة بل توجد مصالح دائمة.

    أ.د.جاسم يونس الحريري
    أستاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media