
[1] للأسف، فإن برنامج الحكومةالحالية للسنوات (2018-2022) لا يستوفي الحد الأدنى من متطلبات الدولة الحديثة فيالرؤيا وصياغة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية المتسقة معها. أنظر: صبري زايرالسعدي، "البرنامج الحكومي: تكريس أزمة الاقتصاد وتوأم الفشل والفساد"،نشر في جريدة الأخبار العراقية الإليكترونية بتاريخ 10/4/2019 (http://www.akhbaar.org) وفي موقعالبديل العراقي بتاريخ 11/4/2019 (www.albadeeliraq.com)، ومن المتوقعنشره في شهر مايس/ أيارفي العدد 406 لمجلة "الثقافة الجديدة"، بغداد،العراق.
[1] في تأكيد لأولويات سياسةصندوق النقد الدولي المعروفة والمعنية بتقليل عجز الموازنة المالية وتوقعاتهبانخفاض النمو واسترار العجز في الموازنة العامة، تشير بعثة الصندوق الأحدث إلىضرورة تخفيض الأجور في القطاع العام وتقليص الدعم على الكهرباء، مع زيادةالإيرادات العامة غير النفطية، أنظر:
IMF, "Staff Complete 2019 Article IV Mission on Iraq”, May06, 2019 من الهوية الوطنية بمظاهره العديدة، وضياع "هوية" النظام الاقتصادي ، قد أدى ليس فقط إلى تفاقم الأزمات السياسية والمشاكل الاجتماعية، بل وأيضاً، أدى إلى تضييق آفاق التنمية وانحسار مستوى الاستثمار الوطني دون الحد الأدنى - باستثناء الاستغلال المتزايد للثروة النفطية – في إيجاد مصادر جديدة للإنتاج ومنتجاتها القادرة على المنافسة، وانهيار ثقة غالبية المواطنين بتحسين ظروفهم المعيشية، وأسهم بالتالي في تبديد "الفرصة التاريخية النادرة" في الانتفاع من "نِعْمَة" الثروة النفطية الوفيرة والناضبة في بناء الاقتصاد الوطني والإسراع بالتنمية الاجتماعية والبيئية الآن وفي المستقبل. ومن المفيد التأكيد، أن كتابات الاقتصاديين المُتَحَيزة لتطبيق السياسات "الليبرالية الجديدة" والدعوة لخصخصة مشاريع القطاع العام، بما فيها أصول الثروة النفطية بدعوى مساوئ الريع النفطي المخادعة، لم تتناول التدقيق في أهمية القطاع العام بموازاة دور القطاع الخاص باستخدام معيار الكفاءة الاقتصادية في الإنتاج، ولو بتعريف محدود، في مقابل العدالة الاجتماعية في توزيع الإنتاج، ولو بتعريف محدود أيضاً، كما نستدل مدى تحقيق الكفاءة الاقتصادية من نسبة مستلزمات الإنتاج ونسب كل من الأرباح والأجور من القيمة المضافة التي تولدها الأصول الإنتاجية للقطاع الخاص، في مقابل العدالة الاجتماعية في الإنتاج، كما نستدل مؤشراتها من نسبة مستلزمات الإنتاج ونسب كل من الأجور والأرباح من القيمة المضافة التي تولدها الأصول الإنتاجية للقطاع العام. وهنا، وللأهمية، تشير أحدث البيانات الإحصائية الرسمية، وخلافاً لما يشاع في هذه الكتابات، أن أداء القطاع العام في عام 2017، وبالرغم من إهمال وعدم تأهيل العديد من المشاريع العامة، هو الأفضل نسبياً بمعيار الكفاءة الاقتصادية والأفضل بالمطلق بمعيار العدالة الاجتماعية بالمقارنة مع أداء القطاع الخاص، وبعد استثناء إسهام القيمة المضافة التي يولدها قطاع استخراج النفط الخام وقطاع الإدارة العامة والدفاع (ملكية الدولة) في الناتج المحلي الإجمالي . وتجدر الإشارة أيضاً، إلى أن نسبة الأجور والرواتب المدفوعة من القيمة المضافة التي يولدها قطاع "الأنشطة العقارية والإيجارية والمشاريع التجارية"، المملوك كلياً من قبل القطاع الخاص، والتي تزيد على مجموع القيمة المضافة في قطاع الصناعات التحويلية وقطاع الزراعة، هي الأوطأ بالمقارنة مع بقية القطاعات الاقتصادية . (الجدولين رقم 1 و2) [1] لا يسعفنا الدستور العراقيفي تعريف النظام الاقتصادي حيث نلحظ الصيغ العامة جداً والقابلة لأكثر من تفسير،كما يرد في النصوص الواردة في الفرع الثاني بعنوان: الحقوق الاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية، ففي المادة 22، الفقرة أولاً، "العمل حق لكل العراقيين بما يضمنلهم حياة كريمة"، وفي الفقرة ثانياً، "ينظم القانون العلاقة بين العمالوأصحاب العمل على أسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية"، والفقرةثالثاً، "تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية، أو الانضمامإليها" وفي المادة 23، ينص على "الملكية الخاصة مصونة، ويحق للمالكالانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها"، وفي المادة 24، "تكفل الدولةحرية الانتقال للأيدي العاملة والبضائع ورؤوس الأموال العراقية بين الأقاليموالمحافظات"، وفي المادة 25، "تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفقأسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاعالخاص وتمتينه." والمادة 26، "تكفل الدولة تشجيع الاستثمارات فيالقطاعات المختلفة"، وفي المادة 28، ثانياً: "يعفى أصحاب الدخولالمنخفضة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة".أنظر: وثيقة "دستور جمهورية العراق 2005"، موقع البرلمان العراقي (www.iraqinationality.gov.iq)[1] أنظر: جمهورية العراق،وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، "التقديرات الأولية السنوية للناتجالمحلي الإجمالي والدخل القومي لسنة 2017، كانون الأول 2018.
[1] أنظر: المصدر السابق. وإذ نلحظ دائماً، أن الفشل الاقتصادي وانتشار الفساد يتزامن مع زيادة الإهتمام بالمشاريع النفطية بهدف زيادة الإيرادات والإنفاق العام، بما في ذلك زيف التضليل بوعود توزيع جزء من الإيرادات النفطية للمواطنين ، لتخفيف ضغط مطالب المواطنين المعيشية لفترة قصيرة وتأثير إيجابي محدود جداً، وأن التعامل مع الاستثمار في المشاريع النفطية بغياب تام عن الرؤيا الاستراتيجية الاقتصادية المستقبلية، فإن منافع الثروة النفطية لن تتحقق بدون تخصيص معظم الإيرادات النفطية في تمويل الاستثمارات الحكومية بتأسيس المشاريع الصناعية المتقدمة تكنولوجياً، وتحديث الإنتاج الزراعي، وفي توطين التكنولوجيا المتقدمة وتوسيع البحث العلمي، وإقامة وتحديث مشاريع البنية الأساسية المادية (الاقتصادية)، وفي تحسين مستويات المعيشة بتوفير فرص العمل، وإنهاء الفقر، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية العامة. ولهذا، فإن تمويل الاستيرادات المتزايدة من المنتجات الاستهلاكية يجب إدراجه في أدنى سلم الأولويات، وهو ما يناقض السياسات الحالية. كذلك، فإن تكلفة الاستثمارات الضخمة في مشاريع الدولة الاستراتيجية التي يجب إعدادها وإعلانها في برنامج سنوي مستقل عن الموازنة المالية السنوية، يفرض تجنب استثمار الفائض من الإيرادات النفطية، إن تحقق في المستقبل، في الأسواق المالية الدولية من خلال "الصناديق السيادية" التي يتم التلويح بها، أو في سندات البنوك الأجنبية أو إضافتها لحساب احتياطيات البنك المركزي العراقي "الزائدة". وفيما يتعلق بالسياسة النقدية واستقلالية البنك المركزي عن السياسة المالية "المهيمنة" والتي يشار إليها "بمغالطة" تجنب استخدام احتياطيات البنك المركزي في تمويل عجز الموازنة المالية السنوية، للتضليل بِعُقمْ وفشل السياسات الجاري تطبيقها، يصبح من الضروري التأكيد على أن الاستغلال الجائر للثروة النفطية الناضبة: أي، زيادة عوائد الصادرات (الإيرادات) من العملات الأجنبية بما يزيد على متطلبات تمويل الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية والإسراع بالتنمية الاجتماعية والبيئية، يعني زيادة التكلفة الحقيقة لاستخراج مورد النفط الخام، بمقياس أسعار الكفاءة (الظل) التي لا تتطابق عادة مع أسعار السوق، وتعبر عن "قيمة" الندرة النسبية للنفط في استخدامه بالصناعات المحلية وفي تمويل الاستيرادات اللازمة للاستثمارات الحكومية وللاستهلاك الخاص، ولهذا، هنالك دائماً ضرورة اقتصادية لمراجعة وتعديل أسعار الصرف الخارجي للدينار لتقييد الزيادة المفرطة في الاستيرادات، وهو يناقض السياسة النقدية الجاري تطبيقها. في الممارسة العملية، يجب أن يكون واضحاً، أن سياسات استغلال الثروة النفطية يجب أن تهتدي بمعايير الأولوية المطلقة في مشاريع توسيع الطاقات الإنتاجية الحديثة التكنولوجيا القادرة منتجاتها على المنافسة في السوق المحلية والأسواق الخارجية، وليس مفيداً التضليل باستخدام مؤشر النمو في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة زيادة أو إنخفاض القيمة المضافة في قطاع النفط الخام. ولهذا، يجب منذ الآن، تحديد نسبة ما لا يقل عن 50% من الإيرادات النفطية لتمويل المشاريع الحكومية المعلنة ببرنامج مستقل للاستثمار تتم متابعة إعداده وتنفيذه سنوياً من قبل جهاز عالي الكفاءة، في مقابل تخصيص ما لا يزيد على 50% من هذه الإيرادات لتمويل الإنفاق الحكومي الاستهلاكي في الموازنة [1] تجدر الإشارة إلى الوعود "الشعبوية"المتكررة بتوزيع جزء من الإيرادات النفطية بين المواطنين، ومنها أيضاً، ما ورد فيقانون شركة النفط الوطنية العراقية الملغى بقرار المحكمة الاتحادية العليا والذياستهدف، برأينا، الخصخصة التدريجية وغير المباشرة لأصول الثروة النفطية، وكمايتكرر الآن في مشروع "صندوق المواطن" أنظر:Sabri Zire Al-Saadi, "Iraq: Does Distribution of Some OilRevenues among Citizens Help?”, MEES, vol.55 n0. 10, 5th March 2012.
أعيد نشر المقالة ببعض التوضيحاتباللغة العربية، أنظر: صبري زاير السعدي، "في المشروع الاقتصادي الوطني: هليساهم توزيع بعض الإيرادات النفطية بين المواطنين في التخفيف من أزمة البلادالاقتصادية والمعيشية المزمنة أم سيؤدي إلى تعميقها"، العدد 355 بتاريخ كانونالثاني/يناير 2013، مجلة "الثقافة الجديدة"، بغداد، العراق.
المالية السنوية. كما يجب العمل ببديل للمؤسسات الحالية: تأسيس مجلس للتخطيط ينهي إنفراد كل من وزارة النفط أو المالية في البت بتقييم وتمويل المشاريع الحكومية.
وفي الاستنتاج، يجب إلغاء استقلالية السياسة النفطية، والعمل ببديل مناسب للسياسات الاقتصادية "الليبرالية الجديدة" العَقيمَة، كما في "المشروع الاقتصادي الوطني" "مشرق" ، واستثمار "نعمة" الثروة الوطنية، وقبل تضاؤل مزياها النسبية، بالحفاظ على ملكيتها العامة وحماية حقوق الأجيال فيها بإطار نظام اقتصادي واضح "الهوية" مُعَرَفٌ بالتزام سياسي لمسؤولية الدولة في إدارة الاقتصاد الوطني وممارسة التخطيط المركزي في إعداد أهداف الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية "الغائية" وتنفيذها، مع تشجيع استثمارات القطاع الخاص بتحسين آليات السوق وتطوير البنية الأساسية الاقتصادية (المادية) والاجتماعية والبيئية، لتحسين قدرات الاقتصاد الوطني التنافسية.