رمضان.. أحد صقور النظام السابق والكردي الذي تبنى أفكارا قومية عربية.. هو صاحب فكرة إجراء مبارزة بين صدام وبوش.. ومقولة (سأعدم كل من لا يعمل بكد)
    الأربعاء 21 مارس / أذار 2007 - 01:34:07
    -- --
    لندن: «الشرق الأوسط» - كان نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان الذي اعدم فجر امس شنقا، احد اركان الدائرة المغلقة المقربة من الرئيس الراحل صدام حسين. ويتميز عن بقية كبار رموز النظام العراقي السابق بأنه الكردي الوحيد بينهم الذي فتح لقاء بينه وبين الرئيس السابق صدام حسين في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي الطريق أمامه لتسلق سلم الرقي في حزب البعث لينتهي كواحد من أكبر رجالات السلطة واكثرهم نفوذا.
    عن ذلك اللقاء قال رمضان ذات مرة، إن صدام ردد على مسامعه جملة مأثورة مفادها ان «القفز إلى السلطة يستوجب ثلاثة أمور: قائد ملهم وحزب ثوري وفريق مغامر». «القائد الملهم» كان صدام ذاته والحزب «الثوري» كان البعث وهكذا اصبح رمضان أحد أعضاء «الفريق المغامر» وأصبح رجلا نافذا في الحكم منذ عام 1968، وعرف ظروفاً بلغ فيها الذروة عندما اختاره مجلس قيادة الثورة في مارس (آذار) 1991، وإن بثلثي الأعضاء، أصبح نائباً لرئيس الجمهورية.

    وهنا يحتار المرء كيف يفسّر هذا المسلك المتناقض: كردي يتبنى أفكاراً قومية عربية. فالأكراد، لأسباب لا تحتمل تفسيراً لوضوحها، لم ينخرطوا فعلاً في الأحزاب والحركات المنادية بالعروبة الجامعة، وحزب البعث في المقدم منها، لا بل يمكن القول من دون مبالغة إن هناك تضاداً منطقياً بين الطرفين.

    ولعل من سخريات القدر ان أكراد اعتقلوا رمضان الذي كان تسلسله الـ 20 على قائمة المسؤولين السابقين الـ55 المطلوبين. فقد داهم مسلحون من الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني منزلا لأحد اقاربه في الموصل في 18 اغسطس (آب) 2003 ووجدوه متنكرا بالزي العربي. ولد رمضان عام 1938 في الموصل (370 كلم شمال بغداد) وكنيته الجزراوي نسبة الى جزرة، احدى القصبات الكردية في ديار بكر بتركيا التي يتحدر منها. عمل على تاسيس «الجيش الشعبي»، ميليشيا حزب البعث العربي الاشتراكي، في العام 1970. وكان عضو مجلس قيادة الثورة، اعلى سلطة في العراق، كما تم تعيينه نائبا للرئيس في العام 1991.

    ورمضان معروف بمواقفه وتصريحاته المتشددة وخصوصا ما ينسب اليه قوله عندما كان وزيرا للصناعة ابان السبعينات: «لا أفقه شيئا في الصناعة لكن ما اعرفه هو إعدام كل من لا يعمل بكد». كما ينسب اليه اقتراح اجراء مبارزة بين صدام حسين الذي اعدم في 30 ديسمبر (كانون الاول) الماضي والرئيس الاميركي جورج بوش بالسلاح الذي يختارانه من اجل تسوية الخلافات بينهما.

    وكان الرئيس السابق يرسل رمضان المحب للسيكار وصاحب العينين شبه المغمضتين والقصير القامة للقاء مسؤولين وقادة عربا للدفاع عن وجهة النظر العراقية. وقد تولى رمضان رئاسة اللجنة المكلفة توزيع الاموال على الوزارات ضمن اطار برنامج «النفط مقابل الغذاء».

    وكان الدبلوماسيون يحاولون الالتقاء به بهدف نقل رسائلهم الى صدام حسين. ووجه رمضان انتقادت لاذعة الى مفتشي الامم المتحدة الذين كانوا مكلفين نزع اسلحة العراق. فقد اتهم في سبتمبر (ايلول) 2001 خمسة من موظفي المنظمة الدولية بـ«التجسس» بعد ان قررت السلطات طرد عشرة منهم.

    وقال عام 2002 «اذا كان هناك ارهابي في العالم فهو اميركا» ووصف بوش بانه «مجرم» كما دعا العام ذاته الى اعلان الجهاد ضد اسرائيل. وكان رمضان اعتقل في اغسطس (اب) 2003 على ايدي مقاتلين اكراد في الموصل (370 كلم شمال بغداد) وسلم الى القوات الاميركية. كذلك، اتهمه عراقيون في المنفى بارتكاب جرائم ضد الانسانية خصوصا بسبب ضلوعه في مقتل الاكراد عام 1988.

    لعب العامل الاقتصادي دوره في انقطاعه عن الدراسة، وهو لم يكمل المرحلة المتوسطة من التعليم بعد، فانخرط سريعاً في السلك العسكري الذي كان، آنذاك، يمثل، بالنسبة للفئات الفقيرة من الشعب، مهنة تقدم فرصاً لتسلق الهرم الاجتماعي وتضمن حدوداً معقولة للعيش وتفتح آفاقاً لاحقة للصراع على السلطة. ثم جاء انقلاب الثامن من فبراير (شباط) 1963 ليمنح رمضان فرصة حقيقية في ترقيته فجأة من ضابط صف إلى رتبة رائد بغرض تقوية مواقع حزب البعث داخل المؤسسة العسكرية. وبعد إسراع عبد السلام عارف في إقصاء البعثيين وانفراده بالسلطة، وقد مرّ على تحالفه معهم بضعة أشهر، أحيل العديد من الضباط البعثيين الى التقاعد وكان من بينهم طه ياسين رمضان الذي ظل رهن الإقامة الجبرية، ولو إلى حين.

    على الرغم من ذلك، لم يخامر الضابط المتقاعد ريب بأن ساعته آتية لا محالة. وبالفعل عندما قبض حزب البعث على زمام السلطة من جديد في 17 يوليو (تموز) 1968، رقيّ رمضان على الفور إلى مراتب عسكرية عليا.

    كان رمضان متعطشاً بحق إلى السلطة. ففي عام 1969 أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة، وفي عام 1970 ترأس محكمة خاصة قضت بالإعدام الفوري على 42 شخصاً زعم أنهم شاركوا في محاولة انقلابية. آمن بأن عمليات القمع وحدها تدعم بقاء النظام واستمراره. لم يكن أمراً غريباً أن يتنقل في فترة زمنية قصيرة بين وزارات ذات اختصاصات مختلفة ولم يحتفظ بأي منها، من وزارة الصناعة (1970) إلى وزارة التخطيط (1974)، وأخيراً وزارة الإسكان (1976). لكنه، مع ذلك، احتفظ بموقعه كعضو دائم في القيادتين القطرية والقومية لحزب البعث، إضافة إلى كونه قائداً عاماً للجيش الشعبي، وهو ميليشيا ضاربة لكل أشكال المعارضة الداخلية للنظام القائم.

    عرف عنه احترامه للشكليات والتراتبية الحزبية، وكان يتحدث عن كل شيء ولا شيء، يبذل جهداً ملحوظاً للحفاظ على قدر من الرصانة والتكلّف، ويستأنف حديثه مغيراً لهجته متنقلا من منطق الإقناع إلى أسلوب الحسم فتأتي تصريحاته أشبه بالجرافة، صارخة إلى حدّ بعيد. كان عصبي الحركة، مكفهر الوجه، وكان يتخوف كثيراً من تنامي نفوذ آخرين من داخل الطاقم الحاكم قد يفقده، على حين غرة مواقعه.

    وصادقت الهيئة التمييزية بالاجماع على الحكم بالاعدام شنقا حتى الموت بحق رمضان بعد صدوره عن المحكمة الجنائية العليا في 13 فبراير (شباط) الفائت. واضاف القاضي منير حداد «بالامكان تنفيذ حكم الاعدام في اي لحظة، لكن الفترة الرسمية لتنفيذ الحكم هي ثلاثين يوما من تاريخ المصادقة عليه من جانب محكمة التمييز».

    وكانت المحكمة الجنائية العليا اصدرت حكما بالسجن مدى الحياة بحق رمضان بتهمة القتل العمد وجرائم ضد الانسانية في مجزرة الدجيل حيث قتل 148 شيعيا مطلع الثمانينات. لكن هيئة التمييز لم تصادق على حكم المحكمة معتبرة اياه غير متناسب مع حجم القضية واعادته الى المحكمة الجنائية العليا بهدف تشديده حتى الاعدام.
    التعليقات
    1 - مزبلة التاريخ تقول هل من مزيد
    ابو محمد    21-03-2007
    الى مزبلة التاريخ 0000000 والف بصقة على وجهه الاغبر والجحيم موعده كاسياده الذين سبقوه ولعنة الله على الدوام على كل من حزن يحزن لنفوقهم جميعا 0
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media