اوباما .... التغيير الجديد
الأربعاء 5 نوفمبر / تشرين الثاني 2008 - 19:06:58
د. مؤيد عبد الستار
اليوم فاز رجل غير اعتيادي بمنصب الرئيس ، سيتربع على عرش البيت الابيض وستصبح زوجته السمراء السيدة الاولى في الولايات المتحدة الامريكية، انه انتصار عظيم يحققه الشعب الامريكي الذي صوت بحماس لرجل من اصول افريقية مازالت جدته تعيش في كوغولو، القرية الكينية في القارة السمراء.
ان التصويت الكبير لاوباما دلالة على تطور المشاعر الانسانية وانحسار العنصرية ، عنصرية اللون والعرق ، انه انتصار رائع على الذات التي غذتها الافكار العنصرية لقرون خلت بشتى الاوهام عن تخلف الملونين من اسيويين وافارقة وما الى ذلك من نعرات عنصرية تطفو على السطح احيانا في معظم المجتمعات .
يعد فوز اوباما ثمرة نضال طويل يرتسم على وجه التاريخ الحديث، تاريخ كوخ العم توم ، ابراهام لنكولن، غاندي، نلسون مانديلا ، فرانز فانون، مارتن لوثر، مالكولم اكس والعديد من دعاة تحرير الانسان من قيود العبودية والعنصرية ودعاة العدالة والمساواة الذين نقشوا صفحات ناصعة في التاريخ ولم يبخلوا بتقديم ارواحهم قربانا في سبيل مبادئهم الانسانية السامية.
حققت امريكا بانتخاب اوباما نصرا تاريخيا غير مسبوق ، ووضعت اولى لمسات المساواة الحقيقية امام العالم وهي بذلك تكون المبادرة لتخطي عتبة التمييز العرقي وتقديم المثال للبشرية في خطوتها الكبيرة هذه.
التغيير في العراق والشرق الاوسط
ستتغير سياسة البيت الابيض تجاه العديد من القضايا في العالم بعد وصول الحزب الديمقراطي الى البيت الابيض وعلى الاخص فيما يتعلق بوجود القوات الامريكية في العراق ، واسلوب تعامل امريكا مع ايران ولربما افغانستان ايضا وكذلك الصراع العربي الاسرائيلي في فلسطين ، الا ان هذا التغيير لن يكون جوهريا ، وانما لابد وان تتحقق فيه بعض المبادئ الجديدة التي نادى بها اوباما ، والتي نأمل ان تكون في صالح شعوب المنطقة ومن الطبيعي ان تكون في صالح الولايات المتحدة الامريكية ايضا.
ويجب ان نتذكر مطالبة اوباما بسحب القوات الامريكية من العراق ، ونامل ان يتم ذلك فعلا كي يتمكن العراقيون من تحقيق ارادتهم بحرية كافية وبناء الدولة العراقية التي انهارت خلال حكم الطغمة الصدامية، وفي هذه الحالة سيكون العراق بحاجة الى دعم الامم المتحدة ودول مجموعة الوحدة الاوربية بالاضافة الى الدول العربية والاسلامية كي يستطيع النهوض من كبوته ، وسيقع الثقل الاكبر في هذا البناء على كاهل القوى السياسية الوطنية وعلى ابناء العراق انفسهم قبل غيرهم .
لقد طال النقاش في العراق حول الاتفاقية الامنية مع امريكا ، ونرى اليوم انها اصبحت ورقة باهتة يتعلق مصيرها بالقرار الذي سيتخذه اوباما حول المدة التي يستغرقها انسحاب القوات الامريكية من العراق ، والتي لابد وان تبدأ خلال اشهر قليلة ، ولن تكون هذه الاتفاقية مفيدة للوجود الامريكي في العراق ، وانما سيحتاج العراق وامريكا اتفاقية جديدة تنظم العلاقات السياسية والدبلوماسية بينهما اكثر من تنظيم وجود القوات العسكرية .
صباح جديد اشرق اليوم على امريكا وسيكون له اشعاعات على العالم اجمع ، فهو انتصار تاريخي بالمعنى الواسع للكلمة ، و تحية حارة الى الشعب الامريكي بهذا الانتصار .