ليفني تتوعدهم في عقر دارهم ولا من قنادر
الأحد 28 ديسمبر / كانون الأول 2008 - 15:11:25
جواد وادي
كاتب وشاعر ومترجم مقيم في المغرب
هل دخل صحفيو مصر العروبة ممن رفعوا مؤخرا على اثر الفاتح العظيم الصبي اليافع منتظر الزيدي وما أسس له من شعار نضالي في الأحذية العربية المجيدة، حفاة إلى قاعة المؤتمر الصحفي الذي نظمته جهات عربية في عقر دار أم الدنيا الحبيبة للسيدة المبجلة تسيبي ليفني، أم أنهم ربطوا أجسادهم بأحذيتهم حتى لا يتسنى لأي منهم أن يتململ قيد أنملة بعد أن سخّر المسؤولون الامنيون على رأس كل واحد منهم رجل امن يحسب حتى أنفاسهم(مع استهجاننا لهذا النوع من السلوك الحذائي الأرعن). اضحكوا معي أحبتي القراء بملأ أفواهكم وارفعوا قهقهاتكم ليسمعها الضالون والمراءون ومنتسبو النضال العربي القنادري وعلى قدر واحد يسمعها العالم بأسره لينبطح الناس على قفاهم ساخرين من رجالات هذه الأمة التلفانة الذين لا يكلفوا أنفسهم أن يخجلوا ولو لحين لمواقفهم المخزية وازدواجية تلونهم وخطورة أفعالهم الشائنة ولكن دون جدوى أو حتى أدنى احترام للذات الآدمية التي ما عادوا أبدا يوصفون بها كبشر أسوياء.
قبل أيام وقفت السيدة تسيبي ليفني وتوعدت وهددت حركة حماس بالويل والثبور وقدرة إسرائيل على إبادتهم وهي هنا لا تنفرد بقصدها طبعا بالمقاتلين من حماس المنغلقة فكرا وحضارة وتمدنا بل بالأبرياء من الفلسطينيين الذين ابتلوا بقسوة مقاتلي هذه الشريحة الفلسطينية التي تعزف على انتصارات واهمة وهم في واد وبقية الفصائل والعالم بأسره في واد آخر، وكأني بهم ملتصقون حد التعبد بمبدأ سحق اليهود وإبادتهم ورميهم في البحر وإقامة دولة الإسلام المباركة وخنق الأصوات التي تقف ضدا على توجهاتهم الكارثية التي لم تجلب إلا الثبور والويلات والدمار المتواصل لهم ولشعبهم المسكين ويبقى المتضرر الوحيد ذلك الفلسطيني البائس الذي لا ناقة له ولا جمل فيما يحدث، إنما هو يبحث عن الأمن والخبز ولقمة العيش بسلام والابتعاد عن جعجعة الرحى التي لم ولن تخرج حتى قدر رغيف واحد من الطحين الذي بات أملا عصي التناول.
يا لها من امة ويا لهم من سدنة واقفون على أبوابها المهترئة ويا لها من مصيبة تلك التي تجعل أبناء هذه الأمة تضحك على فواجعها ونحن معهم طبعا.
السيدة ليفني المحترمة صالت وجالت بصوتها الذي كان يلعلع في أرجاء القاعة وظهرت في الفضائيات وهي تتبختر غنجا على الحاضرين والمشاهدين وكانت هي تعرف جيدا أنها تخاطب أشلاء لا اجساد بدم ولحم وبحضورهم الفعلي، وانتقت من الكلمات ما ينبغي أن يدفع بأعضاء ودعاة وأنصار حزب القنادر العربي أن يمطروها بأحذيتهم لأنها كانت أكثر من وقاحة بوش نفسه بنظرهم مع العلم أن الرجل كان في غاية التهذيب والفرح بمساعدة العراقيين في التخلص من البعث العفلقي وشروره الأبله. إنما الذي حدث في هذا المؤتمر المصري وليس العراقي،أن أبواق الحذاء المنتظري الثوري بالأمس اكتفوا فقط وبطريقة مذلة بتصريحات محتشمة وباردة ولا توحي بانتفاضة ضمير عربي فتذكرت لحظتها وبمرارة تعادل مراراتنا طيلة تاريخنا المؤسس على الفضائح والأكاذيب والبهتان وطول لسان وغياب الحياء وقس على ذلك أيها القارئ المنكوب، بهذه المخلوقات الكارثية، تذكرت تلك الهيللة التي طغت على العالم العربي من الخليج الفارسي عفوا (العربي) حتى المحيط الهمبكي حين انفجر الضمير العربي المكلوم بكل قدراته القندرية ليعلن فرحه ومسرته وابتهاجه ببزوغ فجر الأمة من جديد وعلى مقاس 44 وسمعت صوت مصطفى بكري الذي كان الظل الملازم لطارق عزيز يوم الهبرات الدولارية وهو يزعق بأعلى صوته بان هذا الحذاء يمثل رمز الأمة وان البطل الزيدي أعاد لنا (لهم) الكرامة العربية المهدورة.
ولا أريد أن استرسل في أوساخ هؤلاء وعفونتهم، فقط أود أن أعلن سخطي واستغرابي وحنقي حين أقارن ذلك الهيجان الحذائي الذي تحول إلى بالون أجوف، وما هددت به ليفني الجميع بالويل والثبور وهم حاضرون كالنعاج دون أن يحركوا حتى ألسنتهم حين زموا على شفاههم المرتعبة، وها هي السيدة المباركة تنفذ تهديدها الذي انطلق من قلعة العروبة مصر الصامدة والقريبة إلى دمشق النضال والمتوامة مع عَمان المجد والممتدة للأبطال الصناديد في عواصم المغرب العربي وهلم مسخرة.
فقد شنت المقنبلات العسكرية الإسرائيلية حملة دمار جديدة أسقطت فيها حمم الموت الأسود على الأبرياء من الشعب الفلسطيني الذبيح بسبب تخلف حماس وغطرسة إسرائيل حتى أنني سمعت أشخاصا يتداولون الحدث بعد حدوث المجزرة بساعات في مجالسة مقهى طبعا وليست ساحة معركة، أن هذه الكوارث كلها بسبب تعنت حماس وغرابة مواقفها وكانوا يتكلمون بدم بارد وكأن الحدث وقع في جزر البهاماس، علما أنهم كانوا بالأمس يتناولون الحدث القندري بفخر وفرح وغبطة وشعور بالنصر المظفر، هذا مثل بسيط لأحداث جسام تدور في أقبية ودهاليز عقول العرب الأشاوس ولكنهم يهللون لهذا ويتجاهلون ذاك ولا من سبيل لمسك رأس الخيط من مواقفهم الناعورية.
إن التركيز على موقف هؤلاء الأعراب ومخازيهم لا يغني ولا يسمن من جوع فالكل لاذ بالصمت ولجأ لفراشه ومراودة أنثاه وكأن الأمر ليس بذي أهمية ولم يصل بعد إلى عظمة حادثة الأحذية المنتظرية، والأشلاء المتناثرة لضحايا القصف الهمجي تملأ شاشات فضائيات الكون، فلا مظاهرات خرجت ولا اعتصامات حدثت ولا احتجاجات من أي نوع وقعت ولا حتى كلمات تنديد صدرت. فأين ذهبت المواقف الشجاعة والألسن الملتاعة والأحاسيس الخداعة والاصوت الرتّاعة.
هكذا حال الأمة وهكذا رجالاتها الذين يتحولون إلى أنياب كاسرة على الضعفاء من أبناء جلدتهم والى حملان وديعة مع القادرين على تهريس ظهورهم والقادم من الأحاجي العربية الكثير الكثير عزيزي القارئ.
ودقي يا مزيكا ورقصني يا ددع.
وآخر دعوانا:
اللهم أعشنا في النور لنعرف مستقبل الأمة المطمور
Jawady49@hotmail.com