تحويل مجاري الأنهار والتلاعب بحصص العراق المائية خرق للقانون الدولي -2-
    الأحد 27 سبتمبر / أيلول 2009 - 17:11:39
    اضافة" الى ألأضرار التي ذكرناها في القسم الأول من هذه ألمقالة ، تأثر ألعراق ويتأثر كثيرا" بسبب قطع المياه أو انقاص كمياتها ألواردة الى العراق في مجال انتاج الطاقة الكهربائية عن طريق ألمحطات ألكهرمائية من السدود ألمنتشرة في طول البلاد وعرضها سواء على نهر ديالى كسدي دربنديخان وحمرين ، أو على دجلة كسدي الموصل وسامراء ، أو الفرات كسدود حديثة والقادسية والكوفة على سبيل المثال لا الحصر. كما أن ألمحطات ألحرارية تعتمد على استهلاك كميات كبيرة من المياه كمحطة الدورة ومحطة جنوب بغداد ومحطة القدس على سبيل المثال أيضا".
    ان حرمان المواطن العراقي من الطاقة الكهربائية التي تمثل ركنا" أساسيا" من مقومات الحياة العصرية المتحضرة بسبب قطع المياه من قبل دول الجوار تركيا وايران ، خرق آخر لحقوق الأنسان ألعراقي يحرمه القانون الدولي. ويترتب على هذا الأمر أضرار اقتصادية لا تقدر بثمن بسبب توقف مصانع القطاع الخاص والقطاع الحكومي ومصافي النفط عن العمل. ويؤدي الى قطع الطاقة الكهربائية عن المستشفيات والمدارس والجامعات ودور رعاية الطفولة والأيتام مما يسبب أضرارا" لا تحصى للشعب العراقي المبتلي بالبعثيين والأرهابيين أعداء الله والأنسانية وكل القيم السماوية.
    نفهم من كل ما تقدم أن البلدين المذكورين يسببان للشعب العراقي مآسي ومصائب متعددة الجوانب تخالف قواعد التعايش السلمي والرفاه الأجتماعي والأقتصادي والبيئي والصحي التي تضمنها وتقرها ألأمم ألمتحدة ومنظماتها ألفرعية ألمتخصصة في حماية البيئة وحقوق الأنسان كما أسلفنا.

    وبأختصار ، ان خرق ألقانون ألدولي بهذا الشكل السافر والمتعمد يسبب أضرارا" هائلة للعراقيين و يهدد الأمن والسلم في الشرق الأوسط ، وعلاقات الصداقة بين شعوب المنطقة.

    وذكرتني قارئة عراقية نجيبة مثقفة ، وهي آنسة مهندسة من خيرة العراقيات اللاتي نفخر بهن ، قرأت القسم الأول من هذه المقالات : أن دول الجوار تحرمنا من المياه لزيادة انتاجها الزراعي بمياهنا المسروقة ، ثم تقوم بتصدير ذلك الأنتاج لنا بأموال شعبنا المظلوم . وكان من ألمفروض أن تذهب تلك الأموال الى المزارعين العراقيين وعوائلهم لتحسين أوضاعهم الأجتماعية والصحية والأقتصادية والتعليمية.

    ولتأكيد دعم القانون الدولي لما ذكرت أعلاه أقتبس ما يلي من قرار حكم محكمة العدل الدولية بخصوص سلوفاكيا وهنكاريا في الخامس والعشرين من أيلول عام 1997 ، وينطبق على ألأتفاقيات ألسابقة مع تركيا وسوريا حول كميات ألمياه التي يطلقانها الى العراق:

    تقول ألمحكمة : ألطرف المتضرر أو الذي أصابه أذى نتيجة عدم ألتزام طرف آخر بعقد او اتفاق ، عليه أن يطالب بازالة الضرر ألذي لحق به ، وهذه قاعدة عامة من قواعد القانون ألدولي. وترى المحكمة أن هذه القاعدة توفر أساسا" لحساب الأضرار.

    وورد في نفس الفقرة حول قيام تحويل مجرى نهر الدانوب من قبل جيكوسلوفاكيا ( تحويل القسم ألأكبر من مجراه داخل أراضيها من مكان الى آخر أدى الى التأثير على الملاحة النهرية بين الدول المتشاطئة ، وليس قطع مياهه عن هنكارياٍ ) ما يلي :

    وتعتبر ألمحكمة تحويل مجرى نهر الدانوب ، الذي قامت به جيكوسلوفاكيا ، لم يكن اجراء" مضادا" قانونيا" ضد هنكاريا، لأن ذلك ألعمل ليس عادلا".
    ألنص باللغة الأنكليزية:

    1- "It is a general principle of international law that a party injured by the non-performance of another contract party must seek to mitigate the damage he has sustained." But the Court observes that, while this principle might thus provide a basis for the calculation of damages, it could not, on the other hand, justify an otherwise wrongful act. The Court further considers that the diversion of the Danube carried out by Czechoslovakia was not a lawful countermeasure because it was not proportionate (fair).

    وورد ما يلي في مكان آخر من الحكم :

    على الفريقين ألنظر مرة" اخرى على تأثيرات تشغيل محطة كابسيكوفو ألكهرومائية على البيئة. وعلى الفريقين أن يوجدا حلا" مناسبا" لكمية المياه التي يجب اطلاقها في مجرى نهر ألدانوب القديم (قبل التحويل) ، والى فروعه على جانبي النهر.

    The Parties together should look afresh (once again) at the effects on the environment of the operation of the Gabcikovo power plant. In particular they must find a satisfactory solution for the volume of water to be released into the old bed of the Danube and into the side-arms on both sides of the river.

    نستنتج من ذلك أن تحويل مجاري الأنهار أو انقاص معدل كميات ما يرد منه ، أوما متفق عليه، محرم دوليا". وهذا ما قامت وتقوم به كل من تركيا و ايران دون أي اعتبار لكل القوانين والمواثيق والألتزامات.
    وجدير بالذكر بهذه ألمناسبة أن نهر الدانوب يتكون بالأساس من نهرين ينبعان في ألمانيا ، ويلتقيان في مدينة دوناوشنكن ، وتتشاطأ عليه تسعة دول أخرى هي: النمسا ، سلوفاكيا، هنكاريا، صربيا، بلغاريا، رومانيا ، مولدوفا ، وأوكرانيا حيث يصب في البحر الأسود ، ويبلغ طوله 2850 كيلومتر. ولو مر هذا النهر في الشرق الأوسط ، في هذا العدد من ألدول ، لوقعت حروب لا تنتهي بين الدول المتشاطئة ، ولأفنى بعضها بعضا". ولكن الدول والشعوب ألأوروبية متحضرة وتؤمن بمبادىء ألقانون ألدولي وتحترمها . ولا تحكمها ولاية فقيه ، أو علمانية أتاتوركية أو بعثية.

    ألحلول:

    لا أدعي أنني خبير” في مثل هذه الأمور ، ولكني أستطيع أن أوجز ما أراه مناسبا" ، مجتهدا" حسبما تعلمته وأتعلمه يوميا" في مدرسة ألحياة ألدائمة ، لوضع حلول عادلة لمشاكل ألمياه بين ألعراق وكل من تركيا وسوريا وايران.

    1- ان أفضل السبل للحصول على حقوق العراق هو ألتفاوض و ألأتفاق ألثنائي أو الثلاثي بين ألحكومة ودول ألجوار وفق ما تقتضيه مصلحة ألعراق وشعبه وحقوق الأنسان وألحفاظ على ألبيئة فيه دون تغيير بسبب شحة ألمياه الحالية أو قطعها نهائيا". وعلى ألحكومة ايداع نص الأتفاقيات أو توثيقها لدى الأمم ألمتحدة أو محكمة ألعدل ألدولية لتأمين ألألتزام بها من كافة الأطراف مستقبلا".

    2- مطالبة ايران بأعادة فتح كل ألأنهار ألتي حولت مجراها وتأمين حصة ألعراق منها بنفس معدلاتها في الثلاثين سنة الماضية ( أو مدة أكثر من ذلك)      لأن هذا حق مشروع تضمنه ألقوانين ألدولية دون حاجة الى وجود اتفاقيات بهذا ألمعنى . بل أن انقاص الكميات ، او تحويل مجرى أي نهر ، يتطلب موافقة الطرف ألمتضرر، وهو ألعراق بالطبع ، وشعبه الذي تتوالى عليه ألنكبات من كل جانب ، من القريب الحاقد والبعيد اللئيم الجاحد.

    3- في حالة رفض ايران أو تركيا لمطالب ألعراق المشروعة ألمبينة أعلاه ، على ألحكومة الرجوع الى محكمة ألعدل ألدولية في لاهاي ، وتقديم شكوى لديها متضمنة أي اتفاقيات سابقة بين ألعراق وتلك ألدول. وألمحكمة هي صاحبة الأختصاص والخبرة في النظر في مثل هذه ألقضايا، لأجبار ألدولتين على الألتزام بالقانون ألدولي ، وانهاء ألتعسف وأغتصاب حصص ألعراق ألمائية ألتي قسمها ألله لهذا البلد منذ مئات ألملايين أو مليارات ألسنين. ومن يظن أن أحكام محكمة ألعدل ألدولية لا تعني شيئا" ، أذكره بقضية طابا ، حيث نفذت اسرائيل ألحكم الصادر ضدها ، وهي الدولة ألأكثر استهتارا" بقرارات مجلس ألأمن ألدولي كما هو معروف. وأحذر من أللجوء الى التحكيم في مثل هذه ألأمور لأن نتائجه ستبقى حبرا" يتطاير على ورق سيء يتفسخ ويتناثر.
    ولمن يظن أن اللجوء الى محكمة ألعدل ألدولية عمل غير أخلاقي ، أو بمستوى اعلان حرب ، كما يقول من (معلوماتهم ضحلة) ، أقول لهم ان ألمانيا حليفة ألولايات ألمتحدة أقامت دعوى ضدها في محكمة ألعدل ألدولية ، وكذلك فعلت كندا. ولم تغضب أميركا (القوة ألأعظم) لكون ألمانيا أو كندا أقامت دعوى عليها . ولم تقل لهما أن عملهما غير أخلاقي كما قال ألأسد ، بل تقبلته بروح متحضرة مؤمنة بأن ألحق يجب أن يسود سواء كان ألحكم لصالحها لتستفيد منه أو ضدها لتطبقه مع ألأعتذار.

    4- ألتلويح بالمصالح ألأقتصادية لتحقيق ما ورد في الفقرة الأولى أعلاه ، وعدم توقيع أي اتفاق تجاري استراتيجي مع أي من ألدول ألمذكورة ، وتعطيل ما موجود منها ، ان وجد ، ما لم تلتزم تلك الدولة بتأمين حصص ألعراق ألمائية التأريخية كاملة ، غير منقوصة. وألتهديد بمنع ألأستيراد من تلك ألدول وعدم اشراكها في مشاريع اعادة ألأعمار ، مما سيولد ضغطا" شعبيا" لصالح ألعراق في تلك الدول.

    5- طلب تعويضات لما أصاب ألمواطنين ألعراقيين عموما" وألمزارعين خصوصا" من أضرار نتيجة قطع ألمياه عنهم يأي شكل كان ، ودفع تلك التعويضات الى مستحقيها. كما للعراق أن يطالب تعويضا" عن الأضرار ألتي سببها قطع المياه ، أو تقليص حصته منها ، للبيئة وهلاك ألبساتين والأشجار والنباتات في عموم ألقطر، وتلف ألتربة بسبب الأملاح ، والتصحر وتلويث الجو بالعواصف ألترابية ألناتجة عن انحسار ألرقعة ألزراعية بشكل كبير جدا".

    واذا أحتج أي من تلك الدول على أن واقعا" جديدا" أصبح ساريا" في أي منطقة عراقية عانت من نقص المياه أو انقطاعها ، أو مرور كميات من المياه أقل من معدلاتها التأريخية منذ مدة مهما طالت أو قصرت ، تكون تلك الدولة على خطأ ، لأن ألقانون ألدولي لا يبيح خلق واقع جديد على أسس خاطئة وظالمة.
    ولضرب تركيا على ما يوجعها ، وجعلها تفكر جيدا"، أرى من المفيد تهديدها بعرض المشكلة على الأتحاد الأوروبي وطلب نصيحته في هذا الموضوع علما" أنها تطمع في قبولها عضوا" في الأتحاد . كما تطمع بأن تكون أوروبا سوقا" لمنتجاتها ألزراعية التي تحققها عشرات ألمشاريع والسدود على نهري دجلة والفرات. وسيعتبر الأتحاد تركيا دولة مارقة لخرقها القانون ألدولي في موضوع ألمياه ، اضافة الى موقفها ألمعلوم ضد ألأكراد في تركيا ، وحرمانهم من حقوقهم ألقومية.

    طعمة ألسعدي / لندن 27 09 2009

    ألمصادر:
    1- مؤتمرات الأمم ألمتحدة وقراراتها حول البيئة.
    2- أحكام محكمة ألعدل ألدولية منذ انشائها لحد الآن.
    3- موسوعة ويكيبديا. Whikipdia
    4- أسماء بعض ألأنهار ألنابعة من ايران من مجلة ألمياه:

    http://www.almyah.net/mag/articles.php?action=show&id=236

    ألموقع ألألكتروني ألشخصي:
    http://www.t-alsaadi.co.uk

    رابط الحلقة الأولى من المقال
    تحويل مجاري الأنهار والتلاعب بحصص العراق المائية خرق للقانون الدولي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media