قناة الجزيرة نموذج للإعلام الموبوء
السبت 6 مارس / أذار 2010 - 09:15:43
جواد وادي
كاتب وشاعر ومترجم مقيم في المغرب
كثيرا ما تنتابني الحيرة والاستغراب حين مشاهدتي قناة الجزيرة ومنذ سنوات تأسيسها الأولى لما تكنه من عداء سافر إزاء العراق والعراقيين فاستجمع ما بذاكرتي من أحداث علني أجد حجم الإساءة التي صدرت من العراقيين بحق الدولة المؤسسة لهذا الانجاز الإعلامي الأهوج وبحق طاقمها الذي ينتمي إلى دول عربية عديدة، منها جارة للعراق ومنها بعيدة عنه ولكنهم جميعا يلتقون في توجه واحد وتلقين غريب من لدن مسؤولي هذه الفضائية الكارثة فلا أجد سببا منطقيا لمواقف العداء هذه وهنا تشتغل الأسئلة بقوة ، ويظل السؤال الأكبر عن أهداف هذه القناة المسخ لهذا العداء المستفحل ضد العراقيين ، فكنا نتابع ملاحقتها لأحداث في العراق والانحياز السافر للنظام الصدامي المقبور بتوظيف كل الحيل الإعلامية الخبيثة للدفاع عن ذلك النظام السادي وأقطابه الأشرار ، وكانت توظف إمكانات إعلامية ومادية هائلة لدعم ذلك النظام وكأنها تقوم بمهمة مقدسة رغم علمها بمدى همجية وقسوة ذلك النظام .
كنا نتحرق غيضا ونحن نشاهد التشويه المبرمج والسافر وحجم الإساءة الموجهة للعراقيين بوقاحة وانعدام الحرفية النزيهة باستدعاء مجموعة من الزبانية والحاقدين ومدفوعي الأجر والمرتزقة والمغامرين بسمعتهم ان وجدت وفاقدي الكرامة ومنعدمي الضمير وغيرها من الأوصاف التي لا نهاية لنعت مجموعة من الأراذل العرب من صحفيين وكتاب وسياسيين وما شاكلهم وأمام الملايين يعددون محاسن صدام وأزلامه المجرمين بحب وعشق طاغي بدعاوى الوطنية والقومية ومقارعة الاستعمار وأعداء الأمة وهم يعرفون أكثر من العراقيين أنفسهم مدى بطش هذا النظام وبشاعته بحق العراقيين والعرب والمسلمين على السواء ، فكان يطل علينا ذلك الأشيب الراس الكريه ببرنامجه التافه ، أكثر من رأي ، ليبرر أفعال صدام وجرائمه البشعة بأنها لا تختلف عن جرائم الأنظمة العربية الأخرى ، هكذا وبهذه الصفاقة والدونية ودون احترام حتى للذين لم تجف دماؤهم بعد من محرقة صدام المجرم وأعوانه جراء ما يفعله أزلامه المجرمون يوميا من تفجيرات واستهدافات للأبرياء ، وكأن كل الأنظمة العربية حفرت المقابر الجماعية وأبادت القوميات الأخرى في بلدانها وغزت جيرانها وهددت السلام العالمي وجوعت شعوبها رغم الثراء الفاحش للعراق وغيرها من المفارقات المضحكة المبكية ليطل علينا ذلك الآخر التافه حد التقزز ليلعن الجميع من اجل الدفاع عن سيده المبجل المجرم صدام ، وبنفس الوقاحة وقلة الذوق والدونية ،يستقدم لبرنامجه شخصيات منتقاة على شاكلته ويبدأ يعدد مكارم سيده صدام ويطبل ويزمر مع أقرانه الكسبة أصحاب السحت الحرام لجوقة صدام
وزمرته الرثة. فيأتي هو وزميله بأسماء، اقل ما يقال عنها ( من قلة الخيل شدو على الحمير سروج )
ما دعاني لان أثير هذا الموضوع رغم مرارة المشاهدات لهذه القناة الموتورة وعلى امتداد سنوات طويلة وما تحمله من حقد لا يوصف إزاء الوضع الجديد في العراق هو طريقة تناول الخبر حين يتعلق الأمر بالعراق وبطريقة رعناء وغير مسؤولة وسدنتها يتشدقون وبوقاحة بامتلاك ناصية الإعلام والحرفية والحياد وغيرها من التوصيفات الممجوجة . دعاني لهذا التذكر خبران تناولتهما المذيعة، الأول يتعلق بفلسطين بوصفها القتلى الذين سقطوا في غزة بالشهداء، وهم شهداء فعلا، أما ما حدث للمرأة العراقية وطفليها بالقتلى، كديدن هذه الفضائية دائما باعتبار ضحايا الإرهاب الأرعن من العراقيين قتلى، وليسوا بالضحايا، فأية وقاحة هذه وأي حقد تكنه هذه المؤسسة للتغيير في العراق بعد رحيل عرّابها ونظامه الفاشي فتراكمت أحقادها ووظفت مثل هذه الطرق الكيدية لبث سمومها وتغذية كل موقف معادي لما يحدث في العراق الجديد وندعو المشاهد ليطلع بنفسه على كيفية تغطية الانتخابات العراقية وطريقة صياغة الخبر والتحقيقات؟
ينبغي أن يتجند العراقيون لفضح هذه السلوكات المشبوهة وان يتم تنظيم حملات احتجاج واسعة بحق هكذا فضائيات تضمر العداء وبشكل سافر للعراقيين وللتوجه الجديد الذي يقينا يغيض سدنتها ومن يتستر وراءهم ، وهذه مهمة العراقيين بأحزابهم ومنظمات المجتمع المدني والإفراد وكل من يحرص على أن يتمسك بهذه التجربة النوعية الرائدة التي يمر بها العراق وتخنق أنفاس أيتام صدام وأزلامه المأجورين ، وكذا ملاحقتهم قضائيا للدور الخطير الذي تلعبه هذه الفضائيات ومن يسيرها ويومولها للتحريض الفاضح لقتل العراقيين وإلحاق اكبر الضرر ببنية العراق الذي ما تعافى من جراحه بعد بسبب الآثار المدمرة التي تركتها حروب المجرم صدام الرعناء حيث كان للجزيرة أسوة ببقية أجهزة الأعلام الموبوء والأقلام الرخيصة ممن كانوا يستلمون أجور الارتزاق، الدور الأكبر للدفع بالمخبول صدام لمغامراته التي أحرقت كل شئ.
Jawady49@hotmail.com