الصداقة بين ابن الرافدين وعبدالكريم قاسم
الجمعة 8 فبراير / شباط 2013 - 22:09
سيلوس العراقي
من الشخصيات العراقية الاذاعية التي دخلت تاريخ العمل الاذاعي من دون أن تعمل في الاذاعة العراقية، هي شخصية الاذاعي اليهودي الذي كان يقدم برنامج حديث ابن الرافدين، من اذاعة: "صوت اسرائيل" من اورشليم القدس. وقد ابتدأ تقديم برنامجه منذ نهاية الخمسينات. وكان الكثير من العراقيين منذ تلك الفترة يتابعون برنامجه الذي كان يُذاع في حدود الساعة الثامنة مساءاً. كان اسلوبه شيقاً في تناول خبر معين على الغالب كان يتعلق بالعراق وبشؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو بيهود العراق أحياناً ، وكان يُنهي كل حلقة بحكمة أو قصة أو حكمة باسلوب الناقد الساخر ترتبط مباشرة بموضوع حلقته بترداد : هاي القصة وتفضلوا اسمعوها. حاز هذا البرنامج على شعبية كبيرة في الأوساط العراقية، وعلى الغالب كان الاستماع الى اذاعة صوت اسرائيل من الممنوعات التي كانت تفرضها الحكومات العراقية المتتابعة وبشكل خاص منذ عام 68، وقد تمت محاولات عديدة للتشويش على بث هذه الاذاعة ولكنها لم تفلح، فان بثها كان الأقوى الى جانب اذاعة لندن بين باقي الاذاعات التي كانت تلتقط في العراق خاصة خلال الحروب التي مرّت على العراق.
مارس العمل الاذاعي لمدة 30 سنة، بنجاح باهر وموهبة نادرة في الاعداد والتقديم لبرنامجه، سرق فيها ليس فقط آذان مستمعيه بل قلوب الكثير منهم، وانطبع صوته في ذاكرتهم.
كان لي رفيقا في المدرسة الاعدادية يستمع اليه بكل شغف، وكان في اليوم التالي يقلده صوتياً معيداً الحلقة الينا ـ وكان هو الآخر يسرق انتباهنا ـ في طريق عودتنا من المدرسة الى البيت مشياً على الاقدام، ومن رفيقنا تعودنا أن نتابع برنامج ابن الرافدين.
وكان لا ينسى ابن الرافدين أن ينعت النظام البعثي وصدام بالتكريتي، أو ابن العوجة، ويعتبر ابن الرافدين الرائد في تعريف العراقيين باسم والدة صدام (صبحة) قبل أن يتم التعريف بها في الاعلام الصدامي فيما بعد.
ان اسلوب ابن الرافدين كان نادراً بحيث بعد توقفه عن العمل لم يسنح أو يظهر بديلا له في تقديم برنامج كبرنامجه.
ان اسم ابن الرافدين الحقيقي هو سلمان دبّي، المتمتع بموهبة استثنائية وليس عن طريق الصدفة. انه عاش وترعرع في محلة مسلمة، وحين كان صبياّ كان صديقا لعبد الكريم قاسم (الزعيم العراقي الراحل) ، حيث كان قاسم يتيماً ووجد في سلمان صديقا ورفيقا ، كان يتردد اليه كثيراً وينام في بيت سلمان.
قضى حياة مليئة بالنشاط، عمل في الشرطة العراقية لمدة 15 عاما.
في عام 1951 غادر العراق في اجازة مع عائلته الى اوربا ومنها الى اسرائيل عن طريق تركيا.
كان سلمان رجل مباديء، وكان قلقا بشأن عدم وجود الحوار بين اسرائيل والعرب. ومنذ عام 1980 توقف عن العمل لمرضه وكبره في السن. أنشأ أولاده على حب المباديء وعلى التواضع وشجعهم دائما على الدراسة والحصول على أعلى الشهادات الأكاديمية. أحب عائلته كثيراً، في الوقت الذي أحب قاسم صديق الطفولة شعبه. وكانت زوجته مارسيل دائما معه وفي خدمته والعناية به أيام شيخوخته. وتوفي سلمان في 24 تشرين الاول اوكتوبر 2002 أي قبل أن يتمكن من سماع خبر القاء القبض على صدام التكريتي الذي كان له حصة الأسد هو ونظامه من مسامير ابن الرافدين. (تم استقاء أغلب المعلومات من مجلة نيهارديا ـ خريف 2003).