250 منزلا ومرفأ للزوارق العسكرية ومناطق نفطية تقطعها الدعامات الحدودية الجديدة بين البلدين
البصرة: فارس الشريفي «الشرق الأوسط» - بعد عقدين من الزمن على إصدار مجلس الأمن الدولي قراره رقم 833 الذي يقضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت، أبدى سكان مدينة أم قصر العراقية، جنوب محافظة البصرة، تخوفهم من ضياع 200 منزلا وعدد من المزارع ومرفأ ومناطق نفطية جراء بدأ تثبت الدعامات الحدودية بين البلدين. وتجمع العشرات من أبناء مدينة أم قصر التي تعد من أكبر موانئ العراق المطلة على الخليج العربي، قرب الدعامات التي وضعت لترسيم الحدود للتعبير عن سخطهم لهذه الإجراءات، خاصة أنهم يمتلكون مزارع واسعة ضمن هذه المنطقة، وكشف مسؤول محلي عن أن إجراءات الحكومة العراقية لتعويض المتضررين من العملية بطيئة جدا مما قد يسبب تشريد العائلات التي تسكن قرب تلك الدعامات. وقال مدير ناحية أم قصر صالح عبد المهدي لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية تثبيت الدعامات الحدودية ومد الأنبوب الأمني بدأت فعليا وإن أكثر من 200 منزل وعدد من المزارع ومرفأ للزوارق البحرية كان مقرا لقيادة القوة البحرية ومناطق نفطية عراقية مشمولة في عملية ترسيم الحدود»، مبينا أن «أهالي المنطقة متخوفون من استقطاع منازلهم إما لفائدة الجانب الكويتي أو المنطقة المحرمة للحدود التي دخلت إلى 7 كيلومترات عن الحدود السابقة قبل عام 1991». وتابع أن «إجراءات الحكومة العراقية بتعويض أهالي منطقة نواب الضباط الواقعة في الطرف الغربي لمركز ناحية أم قصر، أكثر المناطق المتضررة بالترسيم، بطيئة جدا ولم يتم بناء مجمع سكني لهم أو تعويضهم ماديا، الأمر الذي قد يتسبب بتشريدهم».
وكان مجلس الأمن الدولي أصدر عام 1993 القرار رقم 833 الذي يقضي بترسيم الحدود بين الكويت والعراق، والممتدة بطول نحو 216 كم، وأدى تطبيق القرار بشكل جزئي في عهد النظام السابق إلى استقطاع مساحات واسعة من الأراضي العراقية في ناحيتي صفوان وأم قصر وضمها إلى الأراضي الكويتية.
وتظاهر العشرات من أبناء ناحية أم قصر للاحتجاج على عملية ترسيم الحدود واستقطاع الأراضي من العراق. وقال علي يعقوب، صاحب أحد المنازل المهددة بالإزالة في عملية الترسيم، إن «قوات حرس الحدود العراقية أبلغتنا قبل أيام بضرورة إخلاء المنازل لغرض مد الأنبوب الأمني»، مبينا أن «الحكومة لم توفر لنا البديل ولم تصغ إلى مطالبنا وفرطت في أرضنا التي ولدنا فيها». وتابع أن «هناك الكثير من أهالي المنطقة لا يقبلون بالتعويض المادي والتفريط في الأرض، لذا لن ننتخب ممثلي حزب المالكي في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة الذي لم يراع حقنا في الأرض التي نملكها بسندات أصلية».
إلى ذلك، قال أحمد الخفاجي، صاحب مزرعة مستقطعة ضمن الحدود، إن «العملية التي تنفذ حاليا في تثبيت الأنبوب قسمت مزرعتي إلى قسمين الأمر الذي يجعلني لا أستطيع الاستفادة منها»، مبينا أن «الحكومة لم تعوضنا حتى اللحظة رغم كل الوعود السابقة». وطالب الخفاجي الحكومة العراقية، بالكف عن التفريط بمزيد من الأراضي لمصلحة الكويت دون مراعاة مصلحة مواطنيها.
بدوره، حذر رئيس إحدى منظمات المجتمع المدني في البصرة من أن «خطوة ترسيم الحدود بهذه الطريقة والتي تؤدي إلى تفريط العراق بأراضيه السيادية ستتحول إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت»، مشيرا إلى أن «العراقيين يشعرون أصلا أن لهم حقوقا في الأراضي الكويتية فكيف سيقبلون التفريط بأراضيهم؟»، داعيا «الحكومة الكويتية إلى التروي وعدم القبول بهذا التقسيم كي لا يخلق المزيد من العداء الشعبي العراقي لهم وأن يعملوا على تطمين العراقيين وعدم سلب أراضيهم».
وتساءل الناشط العراقي الذي فضل عدم نشر اسمه قائلا: «لماذا يجب أن تطبق قرارات مجلس الأمن بحذافيرها على العراق، بينما تهمل في جميع أنحاء العالم وخصوصا إسرائيل؟ ولماذا تصر الكويت على استلاب أراض عراقية تعرف أنها ليست من حقها؟»، محذرا «من فوران شعبي قد يهاجم المنطقة الحدودية لاسترجاع الأراضي العراقية».
يذكر أن الكثير من المسؤولين العراقيين اعترضوا بعد عام 2003 على استكمال إجراءات ترسيم الحدود البرية بين البلدين وفق القرار رقم 833، باعتبار أن القرار فرض على العراق تحت الضغط الدولي وفي ظروف غير اعتيادية، إلا أن التقارب العراقي - الكويتي خلال السنوات الأخيرة دفع ببغداد إلى اتباع مبدأ التراضي مع الكويت بغية الخروج من طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وذلك بإنهاء ملفات الأسرى والمفقودين الكويتيين والخطوط الجوية والدعامات الحدودية والتعويضات.