مدينة عنه تشتبك مع القاعدة لمدة ساعتين ونصف
    الثلاثاء 24 سبتمبر / أيلول 2013 - 19:59
    صائب خليل
    وردتني انباء عاجلة من مدينة عنه عن هجوم كثيف لـ "القاعدة" على المدينة بدأ في منتصف ليلة أمس (الساعة الثانية عشر إلا ربعاً). وقد سيطر مهاجموا القاعدة على المدينة لساعتين ونصف تقريباً، التي لم يبقى فيها صامداً سوى مركز الشرطة الذي أبدى بسالة في القتال، ولم تتمكن القاعدة من السيطرة على المركز، وقد استشهد فيه سبعة من أفراد الشرطة، كما قتل من المهاجمين عدد غير معروف بشكل رسمي حتى الآن ويقدر بأنه بين أربعة إلى ستة أشخاص.

    ووصف أحد أصدقائي الحادث في اتصال تلفوني أجريته تواً، بأن أصوات تبادل إطلاق النار بدأت قبل ربع ساعة من منتصف الليل، واستمر الإشتباك مع الشرطة لمدة ساعتين ونصف، كانت خلالها سيارات المهاجمين تتجول في بعض مناطق المدينة، وهاجمت بيت القائمقام، الذي قال صديقي أنه رجل غير معروف بموقف سياسي معين، وأنه موظف اعتيادي في الدولة. وتصدى حماية القائمقام للقوة المهاجمة وأفشلوا الهجوم. إلا أنه أسفر عن مقتل أخو القائمقام وجرح أخيه الآخر وقامت القوة المهاجمة بإتلاف بعض الأبنية بواسطة المتفجرات، كما هاجمت بيت المختار، حسب معلومات الصديق.

    بعد ذلك وصلت قوات الجيش، وكانت القوات المهاجمة قد انسحبت قبل وصولهم بفترة وجيزة، مما يؤشر امتلاك المهاجمين لمعلومات عن تحركه. بقي الجيش يطلق النار حتى ما بعد الثالثة صباحاً. وبعد تمشيط المدينة وانسحاب الجيش بقي منع التجول سارياً حتى بعد الظهر، حيث سمح للمشاة فقط بالتنقل، حسب ما وصلنا حتى الآن.

    والآن تعيش عنه حالة رعب مما حدث، ويشعر الناس بالفوضى التامة وعدم الأمان. ويذكر أن مدينة راوه قد تعرضت لهجوم مماثل قبل فترة، إلا أنها المرة الأولى التي تحدث في عنه.

    ملحق أول: نقلت بي بي سي خبراً أن راوة تعرضت في نفس الوقت إلى هجوم مماثل:
    ‮ ‮مقتل 14 في هجمات في راوة وعنه غربي العراق‬
    http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/09/130924_iraq_anbar_attacks.shtml
    حصيلة تلك الهجمات هي مقتل 14 من رجال الشرطة والجيش واصابة 26 آخرين.

    ملحق ثاني:
    وفي اتصال ثاني وردني أن الهجوم تم بواسطة 11 سيارة بيك أب محملة بالأسلحة الثنائية والأحادية، والأر بي جي والكي بي سي. تم تفجير السيطرات بسيارات مفخخة، وان مركز الشرطة المحصن بشكل كبير، قد تمت مهاجمته بتانكر مفخخ، إلا ان الخفر تمكن من قتل سائقه واستمر الشرطة بإطلاق النار عليه حتى انفجر قبل أن يصل إلى المركز. وأن اهالي عنه من سكنة معظم المناطق القريبة من الإشتباك خرجوا إلى سطوح منازلهم عند سماعهم إطلاق النار، وقاموا بالإشتباك مع المهاجمين الذين كانوا يحاصرون مركز الشرطة، وأن هؤلاء ردوا على سطوح المنازل المهاجمة بإطلاق نار في معركة شرسة استمرت حتى انسحابهم. وقد أخلى المهاجمون قتلاهم مما تعذر عدهم، لكن بقاياهم تدل على وقوع خسائر عديدة بينهم.


    ***

    واستمراراً في الحديث، سألت صديقي كيف يفسر الناس في عنه أن تهاجم القاعدة "السنية"، مدينة عنه السنية، فقال أن الناس تعتقد جازمة أن القاعدة تدار من قبل الأمريكان، لكن الجميع يخشى على نفسه من الحديث في هذا الشأن، وطلب مني عدم ذكر اسمه إن كتبت شيئاً عن الموضوع. وسألته هل أن علاقة الأمريكان بالقاعدة هو رأيه الشخصي، أم هو رأي الناس أيضاً فأجاب بتأكيد حاسم: طبعاً!

    وعن موقف الناس من القاعدة ونسبة تأييدهم لها في عنه والمناطق التي تحدث عنها، أجاب بالنفي، وقال أنه في البداية كانت القاعدة تحارب الأمريكان وتحظى بالتأييد، لكن بمجرد خروج الأمريكان فأن القاعدة صارت مرفوضة من قبل الناس، وتعتبر عدواً لهم وخطراً عليهم. وحين سألته عن السبب في أن لا يعبر الناس عن هذا الموقف من القاعدة، اجاب بأنه الخوف، وأن هؤلاء (القاعدة) يعرفون كل شيء وموقف كل شخص منهم، وقال لي أنه شخصياً لم يعد يشعر بأي أمان وأنه قد عقد العزم على العمل على مغادرة العراق، وأكد أكثر من مرة ضرورة عدم ذكر إسمه في أي شيء يتم نشره. فطمأنته ثم سألته هل هم مسيطرين على المنطقة إلى هذه الدرجة التي يخيفون الناس بها أن يتكلموا، قال أنهم ليسوا مسيطرين بهذا المعنى، لكنهم حين يريدون أن يقوموا بشيء، مثل الإنتقام من شخص معين، فإنهم يستطيعون ذلك، مكرراً أنهم يعرفون كل شيء.

    وسألته إن كان الجيش قد اعتدى على أحد من الأهالي في هذه العملية أثناء التفتيش، فأجاب بالنفي، وقال أن علاقة الجيش بأهل عنه ممتازة ولم تحدث إعتداءات عليهم أيضاً لا الآن ولا في السابق، والأمر نفسه تقريباً بالنسبة لراوة وحديثة وهيت، إلا أن الرمادي يختلف والأسوأ هو ما يحدث في الفلوجة.

    وعن مايراه من موقف الحكومة في هذه القضية، فقال أنه يعتقد أن الحكومة غير قادرة على عمل شيء. وسألته إن كان الناس يأملون بالتغيير نحو الأفضل في الأمن إن تغيرت الحكومة، فقال الأمر يعتمد على موقف الأمريكان وما يريدونه، وما يريدونه هو الذي سيحدث، ولا يعتقد أن حكومة أخرى تستطيع أن تفعل شيئاً أفضل. اكد أن الناس ترى الحكومة طائفية ضد السنة على وجه العموم، لكنه أردف بيأس: لكن ربما يكون المالكي أفضل من غيره، وأنه الأنسب لهذه المرحلة، من يدري؟ صمت ثم قال: "نحن شعب تعودنا أن نتوقع الأسوأ دائماً، كلما أملنا بشيء أفضل نفاجأ بما هو أسوأ ، ثم ضحك بمرارة...وأكمل: القضية أكبر من الحكومة، ومهما جاء البديل فسوف يكون الأمر نفسه.

    قال أن الوضع "مأساة"، وتدعو لليأس، والقتل في كل مكان، مجالس العزاء وغيرها، المناطق السنية والشيعية على السواء. 

    ويبدو من أجوبة صاحبي وطريقة حديثه أن الناس في تلك المنطقة (عدا اتفاقهم على أن الأمريكان وراء كل الموضوع)، تشعر بالضياع، ولا تدري ما يجري حولها ولا تستطيع أن تكون صورة منسجمة عما يحدث.

    وأخيراً سألته عن فكرة الأقليم وإن كانت تحظى بشعبية بين الناس، قال: اعتقد هذه كلها أساليب تتبعها أميركا، ففي البداية لم يكن احد يوافق على الأقاليم، في 2003 و 2004 لكن الأمريكان قالوا : سنريكم الموت حتى ترضون بالصخونة! والآن الناس تريد الإقليم.
    وحين حاججته بماذا ينفع الإقليم في هذا الأمر، وأنه يجب أن لا يتوقع أن يحصل إقليم السنة على جيش مثل البيشمركة، ببساطة لأن الأمريكان يقفون موقفاً مختلفاً من كردستان عن بقية العراق، وإن كان يرى أن الأمريكان وراء الإرهاب، فلن يقفوا مع "جيش الإقليم” ضد الإرهاب الذي يديرونه! صمت ثم أقر بأنه لا يملك جواباً، وأكمل: "مشكلة ، مشكلة أكلك ... مخيوطه خوطه!"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media