مطير الحمام العراقي (مطّيَرجي) في فيلم إسرائيلي
    السبت 19 أبريل / نيسان 2014 - 09:53
    ليندا منوحين عبد العزيز
    " مطير الحمام " فيلم سينمائي جديد يعتمد بالدرجة الأولى على رواية الكاتب الإسرائيلي، الذي ولد وترعرع في الشتات العراقي إيلي عمير وقد أمضى في كتابتها 13 عاما أجرى خلالها تحقيقا شافيا عن حياة يهود العراق عشية قيام دولة إسرائيل. ولاشك أن أكثر ما يميز هذا الفيلم أنه ينطق باللغة العربية ، بل باللهجة البغدادية اليهودية واللهجة العامية العراقية.

    يصور الفيلم الأجواء السياسية المتقلبة في العراق التي تركت بصماتها على الطائفة اليهودية في بغداد غداة  الفرهود ( عمليات القتل والسلب التي طالت يهود العراق وممتلكاتهم ) وعشية قيام دولة أسرائيل، عاكسا لقدر كبير من طابع المجتمع اليهودي الذي تاثر بالمجتمع العربي المحيط به والذي كانت تربطه به علاقات صداقة.
    تدور احداث الفيلم في بغداد في نهاية اربعينات ومطلع خمسينات القرن العشرين حيث إنقسم المجتمع اليهودي الى فئتين ، احداهما مناصرة للشيوعية والثانية للصهيونية . يظهر هذا الشرخ داخل عائلة كابي العماري ، بطل الفيلم اليافع البالغ من العمر 16 عاما. حيث تعتقل السلطات عمه حسقيل العماري  الصحفي الشيوعي ، فيأخذ على عاتقه مهمة الوصول الى مكان توقيفه ويتعاون مع افراد الحركة الصهيونية التي قامت بتزويد الشبيبة بالسلاح للتدريب عشية إندلاع الحرب في فلسطين .

    بين المطرقة وبين السندان
    تعيش عائلة كابي في عالم متناقض وعلاقات متنافرة ، فاليهود في العراق كانت  تربطهم علاقات حميمة بالمسلمين وبالثقافة العربية على حد سواء لكن آل كابي يعيشون أجواء الخوف وتهددهم هواجس الطرد والترحيل عن البلد الذي ولدوا ونشأوا فيه. تظهر معضلة التناقض لدى عائلة العماري حيث كانت نعيمة أم كابي ( وقد مثلت دورها اهوفا كيرين) إمرأة متحفظة بادئ الأمر وغير متحمسة لموضوع الرحيل ، لكنها ما لبثت أن غيرت رأيها تدريجيا بعد أن تم القبض على إبنها  كابي ومحاولة استدراجه للإعتراف بنشاط الحركة الصهيونية. أما دور زوجها سلمان الخياط فقد قام بأدائه الممثل القدير( يغئال ناؤر) الذي سبق وأن أدى دور صدام حسين في احدى مسلسلات بي بي سي .
    سلمان كان خياطا متحمسا جدا لفكرة الحماية الصهيونية ، بينما كانت زوجته نعيمة تفضل البقاء في أرض آبائها وأجدادها على مر الآف السنين. يلقى القبض على أخيه حسقيل الذي كان صحفيا وشيوعيا ، ولم يتوان عن التحريض على الحكم الملكي متأثرا بالأفكار الشيوعية.
    تبذل زوجة حسقيل الشابة الجميلة راشيل  مساع حثيثة لتجد من يتوسط له للإفراج عنه. وكان أول من انخرط لمساعدتها كابي الشاب الذي كان مفتونا بجمالها ومستعدا للتضحية في سبيلها.  وبمساعدة أحد الأصدقاء العراقيين المتنفذين تعد أم كابي وراشيل أكلات يهودية عراقية  كانت محببة للسجين الشيوعي ويتم إدخال كابي للقاء عمه السجين الذي لم يبد أي أسف لاختياره طريق المواجهة الذي افضى به الى السجن. شمر والد كابي ساعديه لتوكيل احد المحامين القديرين للدفاع عن اخيه غير انه فشل في مهمته هذه بسبب الاجواء المعادية لليهود التي كانت تسود في تلك الأيام وخشية إقتران اسم المحامي العراقي بالدفاع عمن كان يعتبر خائنا لوطنه.

    المشهد البغدادي في الناصرة

    واجهت المخرج نسيم ديان عدة تحديات في إخراج الفيلم الذي إستغرقه 3 سنوات ، منها  موضوع اللغة وموضوع الحمام الذي " لا يفهم أي لغة حسب تعبيره ". كان عليه ايجاد ممثلين يتقنون اللهجتين وهو تحد لم يستطع إختراقه بشكل تام. وكرس المخرج الذي كتب السيناريو إهتماما خاصا لتصعيد الهاجس الدرامي ما جعل المشاهد لا يشعر بوطأة طول الفيلم البالغ 105 دقائق . كما حرص المخرج على إستقدام ميزات العصر من ملبس وموضة وتسريحات شعر لدى النساء اضافة الى الدشاديش الرجالية التي كانت خياطتها مقنعة تماما. استوردت بعض السلع الفنية من الأردن وبغية خلق المشهد البغدادي شمل التصوير العديد من المواقع التي تم فيها تصوير المشاهد الخارجية مثل الأزقة والأسواق في مدينة عكا والناصرة ويافا التي كانت أقرب ما يمكن التوصل اليه إذا غض المرء الطرف عن الحجر المستخدم في البناء بدلا من الطابوق البغدادي. كما برزت مجموعة من السيارات الأنيقة من الأربعينات اضفت على المشهد المزيد من الصدقية التاريخية. وتجولت الكاميرا في الاسواق والمقاهي لتصور التخت البغدادي المشهور ، وقامت الممثلة والمغنية القديرة ميرا عوض بأداء دور المطربة الشهيرة سليمة باشا التي شغف بها سلمان والد كابي وتأثر بفراقها على خلفية الأغنية  "قلبك صخر جلمود ما حن علي".

     " دراما تعكس حقبة في تاريخ الشعب اليهودي العريق"

    في عرض احتفالي في أورشليم القدس وفي مبنى السينما سيتي الذي دشن قبل أسابيع جرى العرض الأول للفيلم  برعاية رئيس الدولة شمعون بيرس الذي القى كلمة أثنى فيها على هذه الباكورة الفنية بالقول:" هذا فيلم مؤثر يمس بكل من يشاهده و هو نموذج للأفلام الإسرائيلية الناجحة. شعرت بالتوتر منذ بداية الفيلم وحتى نهايته في دراما تعكس حقبة في تاريخ الشعب اليهودي العريق وتصف التحديات التي واجهها يحدوه الأمل بالوصول الى ارض الأنبياء ".
    ورغم أن أغلب ممثلي الفيلم كانوا غير محترفين فإنهم عاشوا الشخصيات التي تقمصوها واصبحوا عراقيين بين عشية وضحاها. وبرز الممثل من اصل عراقي اوري افريئيلي بشخصيته المتماسكة في دور مطير الحمام ، شخصية بسيطة لكن تتمتع بحكمة فائقة ، وطالما اعتبر الأحداث التي يشهدها يهود العراق بانهه مجرد عاصفة لابد أن تهدأ قريبا ، ولذلك ما كان يحبذ فكرة الرحيل، وهو أمر دفع ابنه الشاب الى الشك بانه كان من وشي بالخباز منشي ناؤر الذي كان يخبئ السلاح لديه في المخبز مما أفضى به الى حبل المشنقة بجوار حسقيل العماري الذي ظل متمسكا بايديلوجيته  الشيوعية لرفع شأن عامة الشعب على الرغم من خضوعه للتعذيب وفقدانه لزوجته الشابة راشيل التي وجدت نفسها في معية العراقي المتنفذ الذي قدم للعائلة المساعدة وحاول إنقاذ زوجها من الموت. ويقول إيتان فايس أن هذا الفيلم هو تكريم لثقافة يهود بابل الغنية من مأكل ولغة وعادات وتقاليد.
    قوبل الفيلم بمزيد من اللهفة والإستحسان من قبل يهود الشتات العراقي والجمهور الإسرائيلي عموما . قالت تسيبي على صفحة الفيلم في موقع الإنترنت:" لقد أعادني الفيلم الى بيتي بكل معنى الكلمة. كل الإحترام لإيلي عمير الذي أعاد الى الحياة فصلا من فصول التاريخ العظيم تتجلى فيه اليهودية الليبرالية ووفائها لأرضها فيما أشعل وميض الصهيونية الحنين الى أرض الميعاد".
    وتجدر الإشارة الى أن هذا الفيلم كان ثمرة تعاون بين عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين ذوي أصول عراقية الذين ساهموا بسخاء في ميزانية الفيلم إضافة الى اصحاب سينما سيتي الأخوان إدري وصناديق تدعم الأفلام الإسرائيلية. ومن المتوقع أن يُعرض الفيلم في لندن في الشهر القادم.

    رابط ذو صلة
    فيلم "رح طّيّر حمام" عن يهود العراق على شاشات العرض بإسرائيل
    17/04/2014 - 04:48 الأخبا
    التعليقات
    1 - المطيرجية
    احمد الموسوي    19/04/2014 - 17:26:3
    مساء الخير سيدتي ليندا. تحياتي لك ولكافة العراقيين المعتدين بعراقيتهم وعروبتهم واصلهم وتاريخهم وحضارتهم الممتدة مع حضارة بلاد الرافدين. ان هذا الاعتزاز كما صوره الاستاذ أيلي ومن قبله الاستاذ سامي ميخائيل في اغلب رواياته وبالذات فيكتوريا وكل الأدباء كالدكتور سامي مورية وشمعون بلص وسمير نقاش وأنور شاؤل وغيرهم لهو مدعاة فخر لنا ونتمنى ان يتواصل مع الأبناء والاحفاد لانه لابد ان يعاد لهذا المكون العراقي حقوقه التي سلبت مزيد من النجاح والتوفيق جميعا. تحياتي
    2 - يهود العراق
    Jacob albazi    19/04/2014 - 18:22:5
    فكرة جميلة جدا فيهووود العراق جزا،ً لا يتجز، من العراق وهم لهم الحق في العراق كاي حال الطوا،ف والدينات البقية اتمنا ان الشعب العراقي ان يفهم ان اليهوووود،في العراق هم اصحاب الارض مع حبي واحترامي لكل يهووودي عراقي يعشق عراقيته الدين لله والوطن لجميع مع حبي واحترامي
    3 - intresting
    zuheir    25/04/2014 - 10:50:5
    الحقيقه محد ينكر انه اليهود كانو بالعراق وان فسم منهم يحنون للوطن اللي اريد اكوله انه العراق بلد الجميع
    4 - مطير الحمام العراقي
    علي اياد    03/05/2014 - 16:02:5
    مهاجر اسوة بملايين العراقيين الذين تشردوا في المنافي والبلاد الغربة. واذا كان اليهود قد وجدوا لهم وطنا في إسرائيل، فأن اغلب العراقيين ما زالوا مشردين بلا وطن، ليتهم يستقرون في وطن عراقي ينأى بهم عن العربان ومشكلاته/. تحية لأصدقاء العراق رغم قسوته معهم.
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media