بين انساق الجمال نتجول وبين فضاءات الأبداع نتحرك نترك بصمة هنا، ورمزاً هناك لنحط عند نقطة مشتركة تجمع الفنون هي (الأبداع) بأشكاله وملامحه المتنوعة.
دار الشؤون الثقافية ـ دار الكتاب ودار الأحتفاء بكل ـ الفنون والرموز الحضارية تنفتح اليوم على نسق جمالي آخر يصور الحياة ويعكس واقعها عبر فضاء السينما، فاليوم تحتضن هذه الدار أحد مبدعي الفن السابع لتحتفي بمنجزيه الفلم والكتاب الذي صدر عن هذه الدار العريقة.
فبرعاية الأستاذ (حميد فرج الدليمي ـ مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة وبالتعاون مع كلية الفنون الجميلة ـ نظمت ندوة حوارية بعنوان (المنجز الأبداعي السينمائي يتجلى في فضاء الثقافة العراقية).
فبحضور لفيف من المثقفين يتقدمهم الأستاذ جمال العتابي ونخبة من أستاذ كلية الفنون الجميلة كل من أ. د. صباح الموسوي
وأ. د. أزهر جواد الحسناوي (مؤسس التلفزيون التربوي)
ود. ماجد الربيعي ود. علي صباح ود. مظفر الطيب ود. رياض موسى سكران ود. سافرة ناجي وآخرون ، كانت البداية مع
د. ماجد الربيعي.
البدايات الأولى للسينما
حين نتحدث عن السينما تستوقفنا نقاط مهمة بداية هذا الفن الذي انطلق في عام 1895 في فرنسا وأمريكا ليحتوي الفنون الستة السابقة ليكون هو الفن السابع، أنه منجز ونشاط ثقافي يصور الحياة ويرسمها لتحاكي الوعي والفكر الأنساني قدمت أفلام مختلفة واكبت الأحداث السياسية فالحربين العالميتين الأولى والثانية جسدت أحداثها ووثقت تفاصيلها بأفلام قدمت بشاعة الحروب وتأثيرها الأجتماعي على الشعوب، فالسينما بخطابها وصورها تقدم نسقاً فكرياً وفنياً مزدوجاً، لأنها خطاب عالمي لا تحتاج الى وسيط لغوي هي تخاطب الآخر وتغير فيه، قد يكون التغيير سيئاً أو جيداً وفقاً للأهداف المرجوة، فالأفلام رسائل اعلامية تغزو الأفكار والعقول وترسم المستقبل البعيد كأفلام الحروب وأفلام الفضاء قدمت منذ سنوات واليوم تحقق أغراضها وأفكارها، حين نتحدث عن الأفلام لـ (35) التي قدمت في (بغداد عاصمة الثقافة العربية) البعض منها أخفق في محاكاة النفس والبعض الأخر أعاد رسم وتشكيل الشخصية العراقية وأعاد للسينما العراقية بهاءها ورونقها مثل فلم (السياب) و (صمت الراعي) نماذج رائعة للفلم العراقي الحديث.
السينما... صورة مشرقة لثقافة الشعوب
ـ الناقد الدكتور علي صباح تناول دور السينما في عملية تثقيف الشعوب والتعرف على عاداتهم وتقاليدهم هي وسيلة لتصوير الحياة اليومية وتعميق الصلة بالماضي وربطها بالحاضر وفلم اليوم (صديقة الملايه) سمفونية بصرية تحمل دلالات ومعاني ورموز أبداعية، فالأمكانات العالية التي يتمتع بها المخرج (حكمت البيضاني) تمثلت برؤيته الجمالية للتراث والثقافة العراقية ومزاوجتها برؤية فنية معاصرة.
الأبداع يتحدث
ثم تحدث الدكتور حكمت البيضاني عن تجربته في فلم صديقة الملايه الذي عرض في دار الشؤون الثقافية العامة (العرض الاول) كونه يمثل أختصاراً للتراث والأصالة فبطل الفلم يعشق الصوت الشجي (صديفة الملايه) الصوت النسائي الجميل وهي تجمع حضارة العراق وماضيه لتتجسد بالحاضر المؤلم أستخدمها الكاتب المبدع (حسن العاني) ووظفها المخرج وكاتب السيناريو (حكمت البيضاني) لتعطي دلالات ومعاني محددة.
ثم تناول د. حكمت منجزه الآخر كتابه التوظيف التقني الجمالي للصوت والصادر عن دار الشؤون الثقافية والذي نحتفي اليوم بحفل توقيعه ليعكس أنموذجاً آخر لابداع جديد، فالكتاب هو أطروحة دكتوراه من جمهورية مصر العربية.
أراء نقدية
د. مظفر الطيب
واحدة من تعريفات الفن أنه يخلق كوناً جديداً له قوانيه الخاصه به وهذا ما فعله د. حكمت البيضاني في هذا الفلم الذي عرض (صديقه الملايه) فهو قراءة جمالية ويمتلك معنى خاص بالأبداع فالأحساس بالجمال وجعل الآخر يتذوق هذا الجمال هو الغاية من هذا الفن والبراعة في أستخدام الألوان الثلاثة لليشماغ العراقي تشعرك بنضوج الفكرة.
الشاعر سلمان داود
الفلم برمته حبكة فنية متقنة تحاكي العواطف حركة الصورة، المؤثرات الصوتية، المفردات الفنية كلها حققت المعادلة الحقيقة وقدمت أنموذجاً رائعاً حمل عنوان (صديقة الملاية).
الدكتورة سافرة ناجي، ترى في الفلم مغايرة جمالية تبرز سؤالاً محدداً كيف نبني حضارة ونحن نقمع (الصوت النساني) أو الصوت المكبوت فالنسق الجمالي الذي أنطلق منه متن أبداعي يغوص في عمق الحضارة ليقدم أثراً جمالياً يصور الصراع الأزلي بين السلطة التي تقمع الجمال والجمال الذي يبرز نفسه ويجسدها في هذا الفلم.
لا يسعنا الا أن نذكر ان دار الشؤون الثقافية كانت منبراً للثقافة تتجلى فيها الحضارة، لم ترسم لها حدود، فأرضها هو الفضاء الذي يستقطب ويستوعب كل المبدعين بكل ألوانهم وتطلعاتهم، تحتفي بالابداع تنشر زهوره وباقاته على الجميع لتفوح بعطره على المبدعين في كل زمان وفي كل أرضٍ كانت.