بعد انقلاب 8 شباط 1963 والاطاحة بالزعيم عبد الكريم قاسم والنظام الجمهوري, واجه كوادر الحزب الشيوعي الاعتقال والتصفيات الجسدية على يد الحرس القومي, وبعد تولي عبد السلام عارف للسلطة في تشرين الثاني 1963 واعلانه عن اصلاحاته الاقتصادية وانتهاج الطريق اللارأسمالي ظهر خط آب داخل صفوف الحزب الشيوعي العراقي واتخذ القرار من قبل قادة الحزب بالتصويت بالأغلبية لصالح خط آب, وجد عامر عبد الله ضرورة العودة إلى بغداد نهاية عام 1964م.
بعد انقلاب 17 تموز 1968م وتسلم البعث للسلطة, واصدار مجلس قيادة الثورة قراراً في الخامس من ايلول 1968 بالأفراج عن عدد من المعتقلين الشيوعيين, واعادة معظم المفصولين لأسباب سياسية لوظائفهم ودعوة الحزب الشيوعي من قبل قادة الانقلاب لإقامة الجبهة الوطنية بعد عودة عزيز محمد من موسكو, وظهر ذلك بوضوح في المؤتمر الثاني الذي عقد في ايلول 1970م, والذي انتخب فيه عامر عبد الله عضواً مرشحاً في اللجنة المركزية, إلا أن الحزب الشيوعي العراقي وافق على دخول الحكومة في الرابع عشر من آيار عام 1972م, إذ اسندت وزارة الدولة إلى مرشح اللجنة المركزية عامر عبد الله, بينما اصبح مكرم جمال الطالباني وزيراً للري, وفي ظل تطورات الاحداث وسياسة التقارب بين الحزبين توج ذلك بتوقيع الجبهة الوطنية والقومية التقدمية في 17 تموز 1973(32).
من ضمن المهام التي كلف بها عامر عبد الله عام 1972 عندما اصبح وزيراً للدولة وتكليفه بتسلم وزارة العدل وكالة رفضه التوقيع على احكام الاعدام ومن ضمنها قضية اعدام ظافر حسن النهر أحد كوادر الحزب الشيوعي, ومن ضمن المهام التي انيطت بوزير الدولة عامر عبد الله اختياره عضواً في لجنة الصمود الهادفة إلى حل المشاكل الاقتصادية التي يتطلب حلها تعبئة شعبية من خلال دعم اجراءات تأميم النفط, وزياراته المستمرة لأغلب محافظات العراق والاطلاع على مشاكل الوحدات الادارية, ومشاركته في ندوات التخطيط التي عقدت في بغداد, ومشاركته للندوة المفتوحة بعنوان (ندوة بحث معوقات العمل واسباب انخفاض الانتاجية) التي اقامتها الحكومة العراقية في ايلول 1976, كما كلف في اواسط عام 1978 بمهمة الاشراف على وزارتي الصناعة والتخطيط إلا أنه اعتذر بسبب تدهور العلاقة مع حزب البعث(33).
على الرغم من موقف عامر عبد الله الايجابي مع الرئيس احمد حسن البكر رئيس الجمهورية, إلاّ أنه انتقده في مسألة توقيعه على احكام الاعدام بكوكبة من الشيوعيين الذين اتهموا بإقامتهم تنظيمات داخل صفوف الجيش بلا اكتراث أو تمهل, ومن المهام الثقيلة التي وقعت على كاهل عامر عبد الله هي الدفاع عن رفاقه الشيوعيين أمام الاتهامات التي لاحقت عدداً منهم والعقوبات الصارمة التي وصلت لحد الاعدام على بعضهم, وبسبب الخناق الذي ساد على الحزب وتنظيماته وقادته سافر عامر عبد الله وعائلته أواخر عام 1978 الى الولايات المتحدة الامريكية ومن هناك إلى العاصمة الكوبية هافانا بدعوة من راؤول كاسترو, ومن ثم سافر إلى براغ, وفي مطلع عام 1979 دعا عزيز محمد اللجنة المركزية للاجتماع في براغ للتباحث بشأن سياسة الحزب الجديدة, إذ كان هناك نوع من التردد في القطيعة مع حزب البعث, وكان من بين الحاضرين عامر عبد الله ورفع شعار (انهاء الدكتاتورية), ولم ينه الحزب الجبهة رسمياً إلاَ في تموز عام 1979م بعد تولي صدام حسين رئاسة الجمهورية في 17 تموز من العام نفسه(34).
بعد خروج عامر عبد الله من العراق استقر مع عائلته في دمشق عام 1980م, وفي اوائل التسعينيات قدم طلباً للحصول على اللجوء السياسي من بريطانيا, وساعده على ذلك عبد الحسين شعبان باسم المنظمة العربية لحقوق الانسان التي كان رئيسها في لندن, أرخ الجواب من وزارة الداخلية بالموافقة في 14 تموز 1992, وكان يتندر عندما يذكر هذا التاريخ بقوله (يريدون أن يذكروني بهذا اليوم على طريقتهم)(35).
استمر عامر عبد الله عضواً اصيلاً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي (1976-1985), إذ لم يعد انتخابه في المؤتمر الرابع تشرين الثاني 1985, بسبب الانخراط في الكفاح المسلح وتقليص حجم القيادة.
وجد عامر عبد الله متوفياً بشقته بصعقة كهربائية في اثناء تشغيله المدفأة, بحسب ما ذكره المصدر الرسمي في 29 كانون الثاني 2000 عن عمر ناهز السادسة والسبعين عاماً ودفن في مقبرة (هاي غيت) في شمالي لندن(36), وقد نعى الحزب الشيوعي العراقي عامر عبد الله في جريدة طريق الشعب بعد أن استعرض اهم محطات حياته الاجتماعية والسياسية والفكرية(37).
المصادر
32- سيف عدنان ارحيم القيسي. الحزب الشيوعي العراقي وموقفه من التطورات الداخلية والخارجية 1968-1979. بغداد 2013. ص222.
33- عامر عبد الله. مذكرات عامر عبد الله. ص46.
34- عزيز سباهي. عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي. دمشق. 2002. ج3. ص177.
35- عبد الحسين شعبان. عامر عبد الله النار ومرارة الأمل.. فصل ساخن من فصول الحركة الشيوعية. ص183.
36- سعود الناصري. ورحل رفيق آخر. مجلة رسالة العراق. لندن. العدد 63 في آذار 2000.
37- رسالة العراق العدد 7 في شباط 2000. نعي. الرفيق عامر عبد الله وداعاً.