عندما تحارب الصين الفساد!!
    الخميس 17 أكتوبر / تشرين الأول 2019 - 21:28
    د. صادق السامرائي
    واجهت الصين في الربع الأخير من القرن العشرين  فسادا مروعا وشديدا , لإنتشار الرشوة وغسيل الأموال والإتجار بالمخدرات والسرقة والدعارة وغيرها , فقررت القيادة في حينها إعلان الحرب بلا هوادة على الفساد , وتصارع القادة خوفا على سمعة الحزب الحاكم , لكن الحكمة الصينية إقتضت الحرب العلنية المبينة الواضحة القاسية الشرسة على الفساد.

     وأبت القيادة الصينية أن تتستر على الفساد , وتقوم بإجراءات سرية للحفاظ على سمعة الحزب الحاكم , وأصرّت بقوة أن تكون الحرب في وضح النهار.

    وتعرّت فضائح الفساد من أكبرها إلى أصغرها , وتم محاكمة أساطين الفساد الكبار أولا وعلنا , وشاركت وسائل الإعلام بتسليط الضوء على الفاسدين مهما كان شأنهم في الحكومة , وتحقق التصدي العزوم للمجرمين الكبار ولمافيات الفساد الفظيع بصرامة وحزم وتطبيق أقسى العقوبات القانونية بحقهم , وكانت المحاكمات علنية.

    وقد إعترفت الدولة بأنها كانت تتستر على اللصوص الكبار وتقدم الصغار للمحاكمة , لكنها ووفقا لمقتضيات الحكمة والحرص الوطني , أدركت أن التستر لا يمكنه أن يدوم , وأن على الشعب الصيني أن يكون مطلعا على ما يحصل ,  لكي تتعزز وطنيته ويتنامى إجتهاده وإبداعه وحرصه على العمل النافع للبلاد.

    فالفساد لا يمكن التستر عليه , والظلام لا يدوم , فالحياة الحرة الكريمة العزيزة المقتدرة تستدعي نهارا وشمسا ساطعة.

    وقد نجحت الصين بالقضاء على الفساد المروع وبالضربة القاضية , فانطلقت في مشوارها الإنتاجي والإبداعي بحرية لا تعرف حدود العطاء والنماء.

    وعليه فأن القول بالقضاء على الفساد في البلاد بتشكيل لجان تحقيقية وهيأة نزاهة وغيرها , لن يجدي نفعا إن لم تُشن حرب واضحة صريحة وعلنية على رؤوس الفساد الكبيرة ومواجهتها بقوة وحزم , لا أن يتم التفاعل مع الصغار الذين يديرون مشاريع الكبار.

    فلكي تقضي على الفساد عليك بسحق رؤوسه الفاعلة في البلاد , وإن لم تتوفر الجرأة والإرادة الوطنية الصادقة , والإخلاص الوطني والحرص على مصلحة البلاد , فكل حديث عن القضاء على الفساد يذهب مع الريح.

    فهل لنا أن ننتصر على الفساد لكي نكون؟!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media