أ. د. محمد الدعمي
نظرا لشغفي بمعرفة طبيعة الإنسان وميولاته ونزواته وإسقاطاته، إن كانت نمطية عادية، أو كانت شاذة غير طبيعية، ونظرا لاهتمامي بحركة "التحليل النفسي”، منذ زمن طويل، أي تلك التي أطلقها سيجموند فرويد Freud، تعمدت أن أقترح عناوين غير تقليدية ولا نمطية للإنشاءات التي كنت أطلبها من تلاميذي بجامعة بغداد، ومنها عناوين من نوع: "أغرب تجربة مررت بها”، "أكثر شخص أثّر على حياتك”، "أفضل كتاب قرأته”، بضمن محاولاتي إزالة طبقة الغبار التي تلف النفس البشرية، منقبا في أعماقها وكنوزها الخفية، ناهيك عما يظفر به كل معلم إنشاء من طرائف وغرائب هي مدعاة للتندر وللسخرية أحيانا، درجة أن زوجتي كانت تستغرب انفجاري بالضحك فجأة، فتأتي إلى مكتبي لتطمئن على سلامتي!
من غرائب أوراق الإنشاء التي اطلعت عليها وصوبت ما شابها من أخطاء لغوية وأسلوبية إنما كانت تلك التي خطها أحد تلاميذي، وأظنه أنه لم يبق متماسكا عقليا بعدما درسته، ودليل ذلك هو اعترافه بالفرح والسعادة الغامرة بسبب وفاة والده! إذ يعلن بأن الأرض لم تسعه من السعادة حين عاد إلى منزل أسرته من الكلية يوما، فوجد عشرات الأفراد والجيران المزدحمين على باب دارهم، وعندما سأل أحد المستطرقين عن سبب ذلك التجمهر، أجابه صاحب الدار (أي والد تلميذي) قد توفي فجأة. هذا كان سبب سعادته!
ومن النماذج غير القابلة لنسيان معلم الإنشاء هو ورقة إحدى تلميذاتي التي كشفت عن وقوعها في شباك حب غير ممكن، أي مع أحد ممثلي هوليوود، قاطعة العهد على نفسها بأن تعلن عن حبها لذلك الممثل الوسيم ولكن على ورقة الإنشاء، متعهدة بأن تكرس سني حياتها بعدئذ للفوز بلقاء الممثل العالمي الشهير، وربما العيش معه بقية حياتها! لست أدري إن كانت تلميذتي قد حققت حلمها، ولكني متأكد بأنها الآن أم فاضلة.