الله .. الدم .. النفط
بين يوم واخر تظهر قراءات عن مستقبل العراق، كأنها الحقيقة بعينها، أبرز هذه القراءات كانت محور محاضرة الدكتور عبد علي سفيح لتحويل (اور – منطقة نبي الله ابراهيم) الى عاصمة جديدة للمال العالمي !! قد تبدو هذه الفكرة صاعقة على الذهن العراقي الحاضر وهو يواجه استحقاقات حروب متعددة، لاسيما دعوة الباحث العراقي أبناء جلدته الى اعتماد فكرة ان "تغيير العالم تأتي من العراق”، هكذا بدأت الخطوات الأولى لإدخال منطقة الأهوار الى التراث العالمي لتبدأ محاور تنفيذ نبوءات جاك اتالي، سكرتير الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران بحلول حقبة تاريخية جديدة ترفض الهيمنة اليهودية بنموذجها الصهيوني على المال العالمي الذي يحتاج الى مركز دولي جديد يفترض فيه قبولا إقليميا ودوليا، وهكذا كانت المشاريع الاستراتيجية تتماهى مع المشروع المعلن عن للتنمية المستدامة في الالفية الثالثة للأمم المتحدة، لكن السؤال المطروح لماذا الان يطرح موضوع تحويل منطقة اور الى عاصمة عالمية بدلا من "اورشليم القدس”؟؟ ما فهمته خلال حضوري جلسة الحوار مع الدكتور عبد سفيح في زاوية "شادبا” عند الصحفي المخضرم حسن العلوي، ينتظر عالم الغد متغيرات متصاعدة باتجاه فتح أبواب حضارية جديدة تلغي مخاوف الغرب من الشرق، مركز الحضارة الإنسانية بعد ان نجح اليهود في فرضية الظهور الصهيوني اعتبار”اورشليم – القدس” المكان الأكثر قبولا من المسيحيين الاوربيين والأمريكان كعاصمة عالمية لحركة رأس المالي الدولي، فيما استمرت المخاوف من عمق حضاري مشرقي يهدد أصول الوجود المادي للمدنية الغربية، جعل مراكز بحثية تمول من صناعة القرار المالي العالمي ، ربما تحت مسمى الماسونية او الكارتيلات الصناعية، التفكير في إيجاد عاصمة جديدة لإدارة الشؤون العالمية تتلاقح فيها الحضارات القديمة مع المدنية المعاصرة، وهكذا اعتبرت ” اور – منطقة نبي الله إبراهيم” بكونها الأكثر قبولا من جميع الأديان بما فيها وتم اختبار هذا التكوين الجديد نهاية القرن الماضي في طلب بابا الفاتكان بداية حج من ارض اور الى اورشليم – القدس، لكن طلب النظام العراقي ان يذكر في صلاته التي كان من المفترض ان تكون في ملعب الشعب الدولي رفع العقوبات الدولية عن العراق الى تأجيل الزيارة ومن ثم الغاؤها .
الجديد في طروحات اليوم ، ان ارض وادي الرافدين، حاضنة الأديان السماوية ومنبع حضارات متعددة ، ما زالت تعد عند الكثير من المفكرين الغربيين ، ومنهم جاك اتالي وغيره بوصفها البقعة المباركة التي يمكن ان تتلاقى فيها السياسات الدولية لإدارة المال العالمي، وهي نموذج جسده مشروع المحافظين الجدد بعنوان ” الشرق الأوسط الكبير” الذي يلغي فكرة الدفاع عن إسرائيل في وسط حضاري معادي الى دمج هذا الكيان الغريب لمواجهة العمق الحضاري المشرقي من خلال استثمار معرفي لذات العمق الحضاري بنموذجه الاقتصادي وبعبارة أوضح ” تفاهم المصالح” وهكذا ظهر نموذج التحول في الاستراتيجية الامريكية بعد احتلال العراق من نموذج” الفوضى الخلاقة” الى نموذج "جني الأرباح” في عقود استثمارية طويلة الاجل مع السعودية ومنظومة النفط العربي، كانت جولات التراخيص النفطية في العراق الجزء الاول منها ومن بعدها سلسلة عقود لمشاريع منطقة ” نيوم "كمنطقة استثمارية عابرة للحدود ،بما يطرح السؤال الأهم وابرز هل ينجح العراق في بلورة (مصالحة حضارية) لتكون منطقة ” اور” عاصمة المال العالمي؟؟
لا تبدو الإجابة في هذه العجالة ممكنة لأسباب تتعلق بطيعة حالة ” اللا- دولة” التي مازالت تكتنف الواقع السياسي في العراق، مقابل مفاهيم متضاربة لفهم العلاقة مع الله سبحانه وتعالى من الجهات المتصدية للسلطة، اثقلت الواقع الاجتماعي لتعريف علاقة "الدم” في الأعراق الإنسانية داخل بلاد الرافدين من نموذج التعايش السلمي الى الاحتراب الطائفي والعرقي، مما يتطلب ان يفهم من يتصدى للسلطة معنى رغبة ” المال الدولي” في تجسير فجوة المخاوف المدنية المعاصرة الغربية من العمق الحضاري المشرقي من خلال اعتبار ” اور” عاصمة لإدارة المصالح المالية الدولية، وللحديث صلة.
"الزمــــان"