محطة رقم 2 الفرزة السادسة
    الأحد 11 أغسطس / آب 2019 - 09:53
    عطا يوسف منصور
    أقول أخذنا الحاج أحمد حبيب الوائلي عـم والدتي وكُـنّا [ أبي وأمّي وأمها والعمة أم صادق وانا معهم ] ومعنا عائلته وآخرون من الأقارب أخـذنا الى بغـداد وكان  وصولنا المغرب فقصدنا زيارة الامام الكاظم عليه السلام والصلاة ثم قضينا ليلتنا  في مـنزل للزائرين وفي نهار الـيوم الـتـالي توجهنا لصـلاة الظهـر وفي الطـريـق توقـفت عند بسطة أحـد باعـة لُـعَبٍ للاطفالِ حيث أخـذ زاويـةً في فرعٍ من فـروع الـشـارع الـرئـيـسي وعـنـده تـسـقط عيني على طائرة صغيرة تـسـير بواسطة مفتاح زُمْـبرك يقوم  بدفع الطائرة الى الامام فـتـتحرك مروحـتان معلـقـتان بـجـناحـيها إسـتهوتني فطلـبتُ من  والـدي شـراءها إلا أنّـهُ رفض وبـدأ مـشـوار الاصـرار على شـرائها فهم يحـاولون سـحبي  وإقـناعي بـشـرائها بعـد إداء الصلاة وأنا أزداد عـنـادًا مع الـتهـديـدِ بالهـرب عـاد أبي وأمي وعمّها لـيُـسـاومـوا صاحب الـبضاعةِ فـأعـطاهم سـعراًعالياً وهو 250 فلساً أي ربع
    الدينار وهـذا مـبلغ يـكفـيهم إيـجـارَ حُـجرةٍ لإسـبـوع في تـلكَ الايـام [ أربعينيات القرن العشرين ] طالـتْ المـسـاومة مع إصرار الـبائع على نـفـس المبلغ فاقـتـرحوا سـحبي  بالاكراه وصُراخي وبكائي بمـرارة ، أمسكني الـعم أحـمد من يـدي بقـوةٍ لكني إسـتعملتُ ما لم يتوقعوا وهي أسـناني فأطبقتُ بها على يده فـتـركني لأفـلـتَ من يده راكضاً من أحـد الفـروع حيث تَـبـيّنَ أنّـهُ يـؤدي الى مـقـبـرةِ الـهـبـنـةِ التي اُزيـليتْ وهي الآن منطـقـةٌ  سـكنـيـةٌ ، إنطلقتُ وهم يركضون ورائي ويستغيثون [ تعال نشتريها إلك ] ولأني لم أصدق أو لم أثق في تلكَ الـسـاعة واصلتُ الجـريَ الى داخـلِ الـمـقـبرة حيث بلغـتُ بـدايـة الـقـبور فـقابـلـني شــابٌ حـاولـتُ الـزوغان والـتخلص مـنه لـكنّي لم أفـلح  وقـد أمـسـكَني من ذراعـيَّ من الخلف وسـلمني الى جماعتي وأنا مُصرٌ على شـراء الطيارة مما دفعهم الى الموافقه فذهبنا الى بائع الالعاب وتـمّ شـراءُها وكانت فرحتي ودخـلـنا الى صحن الامام موسى الكاظم عليه الـسلام وبعـد أن سـلّـموا الكـشـوان أحـذيـتهم  تـركوني في الـصحنِ الـخارجي الطارمة جـلـسـتُ مـبـتهجـاً وحرّكتُ المفتاح الزنبرك حتى إمتلأ  ثم وضعتُها على أرضية الكاشي للطارمه وإذا بالطائرة ترتفع عن سـطح الارض  طـارتْ الطائرة بارتـفاع أكـثر من شـبرٍ فـدفعـني الخوف عـليها بأن ألـقـي بـنفـسي عليها بـقـيتُ ممسكاً بها وهي في حِجري ، والغريب أنّ المكان قـد لفّه الـسكون ولم يدخل  أو يخرج أحـدٌ من الناس لِـوقـتٍ لا أسـتطيع الآن تـقديرهُ ، بـقـيتُ محـتضناً طائـرتي ومنـتـظراً خروج جماعتي وما أنْ خـرج والـدي ووالـدتي حتى بادرتُ لأخبرهما بماحصل  فاسـتخـفوا بقولي وعلى وجوههم ضحكة ساخرة ولكن كل هذا لم يُغير عندي حقيقةَ ما حصل وأنا مُصِرٌ على قولي والى الآن بأن الطائر طارت عن الارض وهي كرامةٌ أرانيها الامام عليه وآله افضل الصلاة والسلام فَمَنْ صدّقَ فهو الواقع ومَن يُصدق فلا لوم عليه لأن القناعة لا تُفرض .

    عُدتُ مع العائلة الى مدينتنا الكوت والطائرة معي وسارعتُ بالذهاب الى إبن خالتي نصرت صديقي الحميم وحكيتُ له عن الطائرة وكيف أنها طارت ومن خوفي أمـسـكتُ  بها فقال لي تعال الى بـيـتـنـا لنرى كيف طارت وفي الـبيت حاولتُ معها مرةً ومرتين  وثلاث إلّا أن الطائرة بقيتْ تـنـساب على الارض المرصوفة بالقاشي مما دفـع إبن  خالتي بالـتهكم والضحـك مـن قولي الذي لا يُـصدقه أحدٌ غيري ، والى الان حين  أروي لبعض الاهل أو الابناء هذه القصة منهم من يسكتْ بين مصدق ومكذب  ومنهم من يُعلق على الموضوع ساخراً بقوله الظاهر الامام كان يعجبه يلعب معاكَ  بالطائرة فأضحكُ من قـوله الساخر لأنّـه لـم يُصدقـني فيـما شـاهدتُ وأردُّ عـليه وعلى المـتشـككين قائلاً لهم هـذه هي الحقـيقة لا اُماري فيها ولا احتاج الى مَنْ يُصدقها .  وفي بيت جاني كاد ينشب حريقًا في السرداب وكان عندنا طاقم قنفات موضوعٌ فيه   كنتُ ألعب عليها أصعد وأطفر وأبي مضطجع على حصيرة البردي على الأرض وهو   يقـول لي لا تطفر ستصبح عندكَ فتوق فأجيبه [ شو ما صارت فتوق ] وبعد أن فرغتُ من اللعب وجـدتُ أبي يُـخـرجُ أوراقًا ويُـشـعلها تحت القنفة الكبيرة وقد أخذت  النار بالصعود صعدتُ خائفًا وأخبرتُ أمي الى السرداب ولولا وجود طاسة ماء كبيرة مليئة تداركتْ بها أمي الموقف وسيطرتْ عليه وبعد أيام من الحادث تُـباع القنفات ولم يـشـترِ  أبي بعد الحادث غيرها ، لأن أبي إلتهى باقامة الدعاوى على ابن خالته عديله وصديقه الاعز الحاج حسون والتي خسر بها ابي كما يقولُ مثلنا الدرج العيش والطبشي وسـوف أتناول أسباب هذا الخصام في محطة أخرى تأتي مناسبتها إن شاء الله كما أني لم أنسَ ذلكَ الموقف من أبي وهو ينزع من يد أمي وهي عند باب السرداب بالقوة سوارها الذهبي الذي كان يُـسمى دبابه وهي تقول له إشـترِ بفـلوســه لنا بيتًا   أحـسن ما تـخـسـر الدعوة وتروح علينا مثل ما راحت فلوسنه السابقه فـيُـجـيـبُها هـذي آخـر دعـوه وَعَدَني المحامي أنها مصوكره اي كاسبها ميمه بالميه 

    الدنمارك / كوبنهاجن                                              
    الحاج عطا الحاج يوسف منصور   
      الثلاثاء 30 / تموز / 2019    

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media