العشائرالتي كانت "ترقص" لصدام... تستأسد اليوم ..وتنسى عارها بالامس!!
أ. د. حسين حامد حسين
: ((بغداد اليوم) البصرة
(طالب عضو اللجنة القانونية في مجلس محافظة البصرة، احمد عبد الحسين، الاربعاء (4 ايلول 2019)، القيادات الأمنية بحل النزاعات العشائرية بالطرق القانونية، لا عن طريق مبدأ "العطوة" العشائرية.
وقال عبد الحسين في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "تدخل القيادات الأمنية في قضايا العطوة والفصول العشائرية، سيؤدي الى تفاقم ملف النزاعات العشائرية "، مشددا على "ضرورة تطبيق القيادات الامنية المواد القانونية ومحاسبة المتسببين بأثارة النزاعات العشائرية."
وأضاف أن "اعتماد مبدأ العطوة في حل النزاعات العشائرية سيضعف من هيبة الدولة"، محذرا من "تمرد العشائر على الدولة بشكل اكبر بعد جلوس القادة الامنيين معهم والتوسط لأخذ الهدنة العشائرية.) ...أنتهى.. "
لم يبقى من وطننا الغالي شيئا نفخر به سوى اسمه الخالد ، فقد تغير كل شيئ تقريبا على مستوى الحياة ، بما في ذلك القيم الانسانية والحياتية فضلا لانعدام التربية البيتية وفقدان الاصالة وكبرياء الذات واصبح التعمد في الدوس على الاعراف الاجتماعية وقيم النخوة والاباء والتضحيات أشياءا تبعث على السخرية. فحتى الشرف العراقي قد تعرض للثلم. ولكن العراق رغم كل ذلك سيبقى خالدا باسمه وحضارته التليدة التي علمت الانسانية الحرف لاول مرة في الحياة، بسبب ان ليس بمقدور الشعوب والاوطان مهما ضعفت وابتلت بالبلاء ، فانها عادة ما يبقى فيها من يحمل ضميرا حيا يستمر بلدغ صاحبه لكي يختار اما أن يموت كمدا او ان يخرج الى الشارع شاهرا سيفه.
هذه التحديات الخارجية والداخلية المسعورة لمزيد من تدمير لعراقنا ، والتي لا تزال تساهم بها انظمة غربية وعربية وغير عربية ، ستستمر بلا خوف بسبب انها لا تجد أي رد فعل من جانب العراق ، بحيث تدفعه اصالة شعبه لنزع "الحذاء" وقذفه بوجوه تلك الانظمة ، تماما كما فعل ذلك العراقي برمي حذائه على رئيس اكبر واقوى دولة في العالم، وبذلك خلد هذا الرجل ذكراه بين جميع العراقيين الاحرار. فالدولة العراقية "تجامل" كثيرا وتداهن على حساب كرامة شعبنا. فعلى الرغم من كل ما جرى ويجري في العراق ، بسبب هذه التحديات ، لم نرى ردود افعال حكومية رسمية حتى لمقاطعة هؤلاء أعداء العراق من دول خليجية وغير خليجية. لكن الذي لا نزال نشاهده دائما، التظاهرات الشعبية العراقية من اجل الخبز ، تجابهها قوات حكومية تستخدم نفس الاسلحة التي حاربت بها داعش!!.
معظم العراقيين ينتمون الى عشائر عراقية ،وكنا في ازمان مضت نجد في العشائر تعبيرا عظيما عن اصالة الانسان العراقي الذي كان يحرص بحماس ان يبقي نفسه مثالا لتلك الاطر النبيلة والصفات القيمة من خلال انتماءه لعشيرته. فكانت "الدواويين" ، هي المدارس الصغيرة والحلقات التراثية اليومية لتثوير القيم العراقية والاستمرار بالالتزام باصولها كنوع من فخر للعائلة والعشيرة. فكان العراقي وعندما يراد مدح اصالته وخلقه وباقصى ما يستحقه من صفاة المدح ، كان يوصف بأنه(تربية الدواوين)...!!!
ولكن الدكتاتورية التي حكم بها المقبور صدام العراقيين كانت قد افرغتهم من كل كرامة، والى درجة، أن اصبح العراقي يتعامل مع شرفه وكبرياءه بلا قيم ، حيث اصبحت قيمه اشياءا لم تعد تهمه ازاء محاولته اثبات ولاءه للمقبور. فكعراقيين كنا نرى انذاك من خلال التلفزيون ، كيف ان العراقي الذي تم اعدام ولده كنتيجة لهروبه من الحرب العراقية – الايرانية الدائرة ، ان والده الجالس مع صدام ، كان يقدم زيف شخصيته وبشناعة فيقول لصدام: (أن ولده فدى لصدام) ...!!
وبعد انتهاء الاحداث الجبارة للانتفاضة الشعبانية في 1991، وقيام المقبور بتدمير ألاف العوائل العراقية ، رأينا كيف ان العشائر العراقية كانت تقدم "ولاءاتها" بذلة ورخص الرجولة من خلال "الرقص" الذليل وقصائد التمجيد لبطولات المقبور من اجل ان يزداد نشوة ، ويدفع لهم حفنة من دنانيره القذرة ، ثمنا لرقصهم!!
واليوم ، لا ندري كيف تحول ذلك الاذلال الطوعي للمقبور الى "بطولات" ، من خلال جرائم كبرى تزيد في اضعاف العراق وتخلق له مزيدا من تحديات الارهاب ، فتستغلها هذه العشائر العراقية نفسها ، وهي التي كانت "ذليلة الامس". فبدلا من ان هذه العشائر تعض على لسانها "وتخرس" لعل العراقيين ينسون مواقفها الذليلة بالامس، أويمكن أن نجدهم قد تطوعوا كدروع حديدية مدافعة عن حياض الوطن العراقي في محنه التي لا تعد ولا تحصى، لكننا نجدهم بنفس تلك الذلة الاجتماعية والاحتقار التي ينظر بها اليهم شعبنا، بعد أن تحولوا الى عصابات لذبح بعضهم بعض والجور على المجتمع العراقي المظلوم اساسا واضطهاد المرأة العراقية السامية !! ولكن الفرق بين الامس واليوم، ان هذه الحكومات العراقية المتتالية والتي لا تستطيع حتى الدفاع عن نفسها، تعطينا مثالا ناصعا لما يقوله المثل العراقي الاصيل : (ألامام الذي لا يشور...يسمى أبو ألخرك)....!!!!
الظروف السياسية بعد الغزو في 2003، والتي تم فرضها بهذا النوع القسري المدمر على العراق وشعبنا، لولا أن بقية باقية من الشرفاء العراقيين ، لانهارت الحياة العراقية تماما منذ الحرب الاهلية والقتل على الهوية انذاك في اعوام 2007- 2008. ولكان العراق قد تم تقسيمه لدول ثلاث كما تم التخطيط له، ولكن ، نظرا لمواقف بعض الوطنيين الاصلاء من العراقيين، لا يزال في العراق قوى وطنية عسكرية وحشد شعبي يقفون بكل إباء كمصد ودروع بشرية في عدم السماح لانهيار كامل للحياة .
ولكن لا تزال من بين الاشياء الاكثر ايلاما والتي تجري على المسرح الحياتي العراقي لفقدان الكبرياء و"الغيرة" العراقية ، هو وجود اعدادا هائلة من العراقيين يعيشون غبطة هذا الخراب المهين لانفسهم وعوائلهم ووطنهم. بل ويسعون من اجل اي مصدر للمال الحرام، حتى وان عملوا كجواسيس "لداعش" اوحتى وأن امتهنوا أقذر المهن المخلة بالشرف ، حتى ليظن المراقب أن ما يجري منذ 2003، هو بسبب أن الانسان العراقي هذا، قد كشف عن زيف قيمه الحياتية كانسان لا يستحق حتى الحياة . فالعراقي ربما وعلى ما يبدوا، انه قد وجد في هذا الانهيار الاخلاقي والحضاري السائد في المجتمع العراقي، فرصة من اجل "الثأر" لنفسه بعد ان عاش سنين طويلة تحت الاضطهاد السياسي والاجتماعي والحرمان الذاتي الذي اضطره ان يعيش طويلا تحت هوان نظام المقبور،ومنذ 1963 وحتى اليوم. لكن هذا العراقي ، وعندما وجد لنفسه ظروفا كتلك التي رافقت الغزو الامريكي للعراق ، قد حركت في ذاته كل النذالات للانتقام من بني جنسه والثأر لجرحه القديم . وفي ذلك ربما سببا للكشف عن الكثير من العراقيين الذين تعاملوا بلا شرف مع الاحداث المصيرية ، ولا يزال الكثير منهم لا يستحق ان يسمى عراقيا . وكنتيجة لكل ذلك، وجدنا ان العراقي وبعد الفوضى التي سادت من خلال الغزو الامريكي وما تبع ذلك ، كان فيه امتحانا لشرفه وقيمه . ولكن الكثيرين جدا من العراقيين وللاسف قد فشلوا في ذلك الامتحان المصيري ، فخسروا اغلى ما يمتلكه الانسان "شرفه ودينه".
هذه العشائر العراقية اليوم نفسها، قد اصبحت مصدر تهديدات لمجتمع اساسا تسود فيه الفوضى والتحدي للحكومة بعد ان امتلكت الاسلحة والاعتدة للتجاوز على امن المجتمع العراقي بلا خوف او رهبة من حكومة او برلمان او سلطة قضائية او رئاسة الجمهورية. هذه العشائر الذليلة الخانعة بالامس، تحاول اليوم ان تقاوم ذلتها وعقدتها النفسية التي خلفها اذلال كراماتها بالامس من خلال جرائم تهدد امن المجتمع!!
فيا أنتم ، يامن تسمون انفسكم اليوم "بمسؤلي الدولة"، يجب ان تعلموا ، اننا كعراقيين لا نزال ننظر اليكم تماما ، مثلما كان المقبور ينظر لتلك العشائر الراقصة، "فهل انتم منتهون"؟؟؟؟!!!
حماك الله يا عراقنا السامق...
9/5/2019