اخراج القوات الامريكية ... يفترض أن يقابله رفض الوجود الايراني أيضا!!
    السبت 11 يناير / كانون الثاني 2020 - 10:29
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    من اجل استعادة العراق لكرامته المهدورة ، ومن اجل التخلص من النفوذ الاجنبي ، فان قرار البرلمان العراقي باخراج القوات الامريكية من العراق يجب ان يرافقه قرارا اخر يضع حدا للنفوذ الايراني في العراق وخصوصا بعد موت قاسم سليماني ، الذي كان الحاكم الفعلي المطلق للعراق. أما ان يكون اخراج القوات الامريكية من اراضيه من اجل ارضاء ايران فقط ، فسيكون ذلك انتكاسة وذلة وانبطاح اكبر من قبل العراق لايران.

    فايران كأي دولة اخرى تبحث عن مصالحها ، وقد وجدت في العراق ضالتها من خلال الاحزاب الدينية الفاسدة التي قايضت فسادها بسير حثيث خلف طمع ايران بثروات العراق تقدمها لها على طبق من ذهب. وهذا يفسر لنا لماذا كان قاسم سليماني ، وهو الذي كان الحاكم الفعلي للعراق، قد اعتمد على وجود حلفائه من لصوص الاحزاب الدينية العراقية التي قايضته دعمها من اجل استمرار سكوته عنها.

    فايران لا يمكن الوثوق بها ، لأن ايران تتعامل دائما مع الربح بدون مقابل، او باشياء لا تخسر فيها كثيرا. وان الاحزاب العراقية الفاسدة وميليشياتها تعتبر ان ايران وطنها الحقيقي . فهي "تفتدي" ايران بالروح والدم ، وان العراق يجب ان يستمر مصدرا لرفد ايران بكل ما يحتاجه ، من سياسات او ثروات.

    أن مسألة خروج القوات الامريكية من العراق تحت قرار من البرلمان ، يأتي وفقا لتوجه اعتباطي ومجامل لايران على الرغم من استمرار ايران بنفوذها المزري في التحكم بالعراق وثرواته ومصيره . ولكن اذا تم اخراج القوات الامريكية  وبقيت ايران بهذا النفوذ والهيمنة السياسية والعملية، فان ذلك سوف يقود العراق الى حرب اهلية وستهدر دماء غزيرة  ، لاسمح الله ، وربما حتى اسقاط النظام العراقي القائم.

    فأذا كانت الحكومة والبرلمان العراقي لا يدركان الى الان ان في العراق ثقلا كبيرا من فئات شعبنا تتعاطف مع الولايات المتحدة، فهذا يعني انه لا الحكومة ولا البرلمان يفقهون ما الذي يدور في فلك العراق من امور عظيمة الاهمية.

    فكمواطن عراقي ، اني على المستوى الشخصي اتمنى ، خروج كلا من الولايات المتحدة وايران معا من العراق من اجل عودة الهدوء الى بلد ممزق لكي يتبنى اخوتنا العراقيين الشرفاء بناء هذا الوطن التليد من جديد بعيدا عن المحاور الاقليمية والتدخلات في الشأن العراقي.

    فكنتيجة لهذا التحدي المستمر للوطن والتهديدات والعنتريات المتواصلة من قبل المليشيات العراقية من اصول ايرانية وفي ولاءها المطلق لايران ، قد تم فرض حكومات ضعيفة انتهازية تميل ولا تزال تعمل من اجل مصالح ايران . كما ونجدها تلجأ لايران في كل صغيرة وكبيرة بسبب ان العراق قد اصبح بنظر ايران مجرد "بقرة حلوب" لا غير. وان وجود هذه المليشيات هو من اجل حماية الاحزاب السياسية الفاسدة للابقاء عليها وتحاشي مسائلتها على فسادها وخياناتها .

    لقد فقدت ايران في موت قاسم سليماني ، انها فقدت أحد ركائزها الكبرى في العراق والذي كان يمثل "خليفة العراق" وحاكمه الفعلي . فقاسم سليماني قد برهن من خلال مواقفه الوطنية لبلده ايران ، أنه كان نموذجا للرجل الذي يعشق وطنه ، الى درجة انه كان مستعدا بالتضحية بالعالم باجمعه من اجل ايران . لكن ، شخصية سليماني وتوجهاته السياسية في العراق ، لم تكن سوى ترويضا للحكومات العراقية المتعاقبة بنوع من الامر والنهي الايراني من اجل سير العراق على خط السير المرسوم لمصيره. فكان يقابل ذلك ، انبطاحا من قبل الحاثالات العراقية التي تنتمي الى احزاب وكتل سياسية وجدت في قبول ترويضهم من قبل سليماني ثمنا لاستمرار فسادها مع عبوديتها لايران . الامر الذي وجد فيه قاسم سليماني مصادرا يسيرة من اجل خدمة ايران واهدافها في العراق . وهكذا كان سليماني يأمر وينهى في العراق وسوريا واليمن وافغانستان وغيرها ، كأي بطل او فاتح اسطوري ، باثا الرعب تارة والسياسة الناعمة تارة اخرى. 

     سليماني في الحقيقة كان الحاكم المطلق للدولة العراقية ، ووجوده كان يتمثل تحت غطاء "دعم وتعزيز المذهب" ، وهي اكذوبة ، حيث لا قيمة لذلك لدى سليماني ولا النظام الايراني البراغماتي. المذهب وتأثيراته كانت مصادره فئات الشعوب الايرانية، لا الحكومة . ولذلك، فقد تعامل سليماني مع العراقيين كرقع شطرنج يضعهم ويزيحهم اين ما يشاء وكيف ما يشاء.  إذ لم يكن  ليحصل اي قرار لتعيين اي رئيس للوزراء او رئيس الجمهورية او رئيس مجلس النواب او اي موقع في الدولة ، إلا من خلال اختيار" قاسم العراق" الشخصي . فمن خلال تحكمه بكيان ومصير العراق ، وفي تعميقه هيمنة الوجود الايراني على العراق باسم "التكاتف الشيعي" ، بقي النظام الايراني ولا يزال يضحك على ذقون العراقيين وعلى حساب جميع القيم والاخلاق والكرامات لشعب جائع ومحطم الوجود بلا أمال في الحياة تستغله فئات من لصوص.

    فلو كان لسليماني هذا اهدافا نبيلة تجاه العراق حقا، وحرصا على وحدة المذهب لكان قد اختار شخصيات اكاديمية وطنية عراقية تتسم بالامانة والاصالة وازاح الطغمة الفاسدة من اللصوص وسماسرة ايران في العراق والذين كان يفرضهم فرضا على الجميع "كرجال دولة". 

    وهكذا بقيت استراتيجية سليماني التي نفذها في العراق تتسم في الابقاء على العراق بكل الفضائح والفساد والحكومات الفاشلة المتعاقبة ولصوصية الاحزاب الشيعية وميليشياتها وارهابها ودوسها على القوانين والدستور.  فهذه امور تخدم ايران واهداف قاسم سليماني في الابقاء على الفوضى العراقية ، وهو انتصار دائم ونهائي لايران على العراق.

    لقد ضقنا ذرعا بالاستعمار الايراني والاستعمار الامريكي معا لعراقنا السامق، ووطننا المنهوب والمسلوب الارادة. فالاستعمار الايراني والاستعمار الامريكي كلاهما يسعى الى تقاسم الثروات العراقية ويمارس قتل العراقيين بالمجان ويتصرف بلا انسانية.

     لقد ذقنا ذرعا بهذا الاحتلال الايراني - الامريكي للوطن العراقي الذي كان سببه هذه الاحزاب السياسية التي تعيش في الحضيض وفي انحطاط اخلاقها الفاسدة. 

    فحتى متى يبقى عراقنا تتحكم فيه دولا اجنبية بينما تبقى الاحزاب والمليشيات تبيع نفسها برخص من اجل ايران أوالولايات المتحدة وهما يدوسان على كرامة العراق وشعبنا ولم تعد تأنف هذه الاحزاب بالتمرغ بوحل ذلتها؟
    سؤال نطرحه لغير الخونة من العراقيين!!

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    Jan/8/2020

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media