جرجي زيدان
    الخميس 19 نوفمبر / تشرين الثاني 2020 - 19:14
    د. ميسون البياتي
    [[article_title_text]]

    قبل الحديث عن جرجي زيدان لابد أن نتعرف على كيفية تأسيس النعره القوميه في العالم وهو تأسيس أدى الى القضاء على ما تبقى من الحضارتين المسيحيه والإسلاميه , حيث لم تعد الشعوب تتعايش أو تكتسب من خبرات بعضها , وأصبحت كل قوميه مهما صغر حجمها تنادي بالإنفصال , لا بل أن بعضهم تمادى وأصبح يطالب ب : دين قومي أيضاً

    بسبب الكراهيه الفرنسيه البريطانيه والعداء المستفحل بينهما قامت فرنسا أثناء ثورة الإستقلال الأمريكيه بتطبيع كامل مع الأمريكان وأمدتهم بالمال والسلاح والخبرات وكانت كتائب فرنسيه مسلحه تحارب البريطانيين على الأرض الأمريكيه مع الأمريكان . حين نجحت الثوره وكان الأمريكان تواقين الى تأسيس إمبراطوريتهم الإستعماريه حول العالم رفعوا شعار تصدير الثوره الأمريكيه , وبحكم التطبيع الكامل مع وجود جاليه امريكيه كبيره في فرنسا تغلغلت في أدق مفاصل الدوله وقعت ما تعرف بالثورة الفرنسيه , وخلال 10 سنوات بعد إنتهاء حرب الإستقلال الأمريكيه كانت الثوره الفرنسيه قد هدمت عرش آل بوربون وأعملت المقصله لقطع الرقاب بدءاً من لويس 16 وماري أنطوانيت وصولاً الى أي مواطن يُتهم بمعاداة الجمهوريه
    وسط تلك المعمعه أصبحت فرنسا القفاز الذي يحارب به الأمريكان العالم لتأسيس إمبراطوريتهم فخرجت فرنسا مستكلبه تنادي بنشر مباديء ثورتها في أوربا والعالم , ومن وسط  زحمة الثوره أُبرز وجه ضابط عسكري يدعى نابليون بونابرت غزا أوربا جميعها وسيطر عليها ووصل الى مصر وعقد تحالفات مشبوهه مع الإمبراطوريات الروسيه والعثمانيه والهنديه 

    في الحقيقه أن ما يسمى نابليون بونابرت ليس شخص واحد بل هو 5 أشخاص: نابليون الأول 1769 _ 1821  الذي كان قنصل فرنسا ثم أعلن نفسه إمبراطوراً عليها ,  إبنه نابليون الثاني 1811 _1832 إمبراطور روما الذي نادى به والده إمبراطوراً على فرنسا بعد خلع الأب ونفيه الى سانت هيلانه لكن دعوى الأب لم تلاقِ صدى ومات الولد بعمر مبكر بمرض السل , جوزيف نابليون بونابرت 1768 _ 1844 أخو نابليون الأول الأكبر الذي عينه أخوه ملكاً على نابولي وصقليه ثم نقله وجعله ملكاً على إسبانيا وحين اطاح به الإسبان هرب سارقاً كل مجوهرات العائله المالكه الإسبانيه حيث باعها في الولايات المتحده الأمريكيه التي قضى ما تبقى من حياته فيها , لويس نابليون بونابرت 1778 _ 1846 الأخ الثاني لنابليون بونابرت الأول الذي تم تعيينه ملكاً على هولندا , شارل لويس نابليون بونابرت الملقب بنابليون الثالث 1808_ 1873 ابن لويس أخو نابليون الأول , عينه عمه حاكماً على نابولي وصقليه بعد نقل عمه جوزيف الى إسبانيا , بسقوط نابليون الأول وعودة آل أورليانز الى حكم فرنسا وهم فرع من آل بوربون قام شارل لويس بمحاولتين للإستيلاء مجدداً على الحكم فتم نفيه الى الولايات المتحده الأمريكيه التي قامت بكنزه ليوم موعود

    [[article_title_text]]
    كان نابليون الأول ينتقد بشده سياسة اخويه الملكين جوزيف ولويس لأنه اعتبرهما متراخيين في حكم شعبيهما , بدعوى أن الأهم للحاكم أن يكون مهاباً أكثر من كونه محبوباً وفي حقيقة الأمر لا يوجد شيء يثير النعرة القوميه لدى مواطن قدر ما تثيرها قسوة حاكم غريب عن البلاد
    نظر الأمريكان الى العالم فوجدوا إمبراطوريات أوربا العتيده تحتل القارة اللاتينيه وقارة افريقيا وآسيا . من أجل طردها والإستيلاء على مستعمراتها كان ينبغي ضرب أوربا في أوطانها وفي مستعمراتها في آن واحد معاً . 1845 توجهت سفينتان أمريكيتان محملتان بدرنات بطاطا فاسده معده للزراعه الى آيرلندا أنتجت محصولاً عفناً . عمت المجاعه في ايرلندا ومنها إنتقلت الى عموم اوربا فضربت الطبقات الفقيره بقسوه فإندلع ربيع الثورات الأوربيه عام 1848 وفي هذا العام تذكر الأمريكان أنهم يكنزون شارل لويس بونابرت فإعادوه الى فرنسا حيث إطيح بالعائله الحاكمه الملكيه التي عادت الى الحكم , وتم تعيين شارل لويس بونابرت رئيساً للجمهوريه . عام 1851 قام شارل لويس بالإنقلاب على حكومته وعين نفسه إمبراطوراً على فرنسا بإسم نابليون الثالث وأدخل البلاد في متاهات حتى عام 1870 حيث إطيح به ووضع في السجن الذي هرب منه الى بريطانيا التي مات فيها بعملية جراحيه لإزالة الحصى
    في حقيقة الأمر كان دور آل بونابرت قد إنتهى وتمت الإطاحه بهم , فخلال الفتره من 1848 حتى عام 1870 وهي فترة ربيع الثورات الأوربيه , كانت الولايات المتحده قد فتحت باب الهجره للأوربيين على مصراعيه فهاجر إليها في العام 1848 من ألمانيا وحدها مليون لاجيء تمت تسميتهم ( ألمان 48 ) ومن خلال هذه الجاليه الأوربيه تمت صناعة رموز جديده لقيادة الرأي في المرحلة المقبله ( غاريبالدي ) موحد الأمه الإيطاليه كما يوصف وهو ليس أكثر من بحّار عاش في أمريكا وعاد الى بلاده ليقود مليشيا قاتلت وغيّرت تحالفاتها عشرات المرات , وبسمارك ( موحد الأمه الألمانيه ) وهو عسكري من بروسيا , تم التغني بأمجاد هذين الرجلين , ورُفع شعار حق تقرير المصير الذي لم يجد تطبيقه الفعلي إلا في بيان الاستقلال الأمريكي المعلن يوم 4 يوليو 1776 وبعدها في وثيقة حقوق الإنسان في فرنسا عام 1789 ثم في وثيقة حقوق الإنسان للجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 2625 الصادر في 24/11/1970  وهو حقٌ (حق) ولكن يراد به باطل تم بموجبه تغذية كل النزاعات العرقيه والإثنيه حول العالم . وما يهمنا من بسمارك وغاريبالدي أن التغني بأمجادهما وبطولاتهما أسس النعرة القوميه في أوربا , ومنها إنتقلت الى مستعمراتها فعمّت النعره القوميه كل العالم , كاتبة السطور تم تدريسها بطولات غاريبالدي وبسمارك في درس التاريخ أثناء مرحلة الدراسة المتوسطه في العراق

    [[article_title_text]]
    مع تأسيس النعره القوميه في العالم كانت الحاجه الى الإستعانه بالعسكر , فهم مدربون على استخدام السلاح ومتواجدون في مقراته ولا يحتاجون سوى تحريكهم ليطيحوا على الفور بالحاميات الأجنبيه التي تستعمر أوطانهم والإستعانه بهم أسرع وأسهل من أي نزاع مدني لطرد الاجانب , بعدها يتم ربط البلاد بمختلف المعاهدات السريه والمعلنه ليسيطر المستعمر الجديد على مقدرات البلاد . ومن هنا جاءت تسمية منظومات الضباط الأحرار في عموم العالم , وهي تنظيمات خيطيه وعنقوديه تبدو متباعده ولاعلاقة بينها , لكنها في الحقيقه على اتصال وتغذي احداها الأخرى . على سبيل المثال في خيطيتها عند مقتل بكر صدقي في العراق عام 1937 حكم على مرافقه ( جميل جمال ) بالإعدام , وخفف الحكم لا تدري لأي سبب ثم أُرسل الى اليمن عام 1939 لتطوير الجيش اليمني فشارك في قتل ملك اليمن الإمام يحيى بن حميد الدين , حيث قام ابنه الإمام أحمد بإعدام جميل جمال الذي كان قد تعرف على شاب يدعى ( علي محمد عبد المغني ) فكفله ودربه وعلمه ووعده أن يجعل منه أحد ضباط الكليه الحربيه اليمنيه , بعد سنوات كان هذا الشاب هو رئيس تنظيم الضباط الأحرار في اليمن يساهم مع عبد الناصر في طرد البريطانيين من حامية عدن لتتحول اليمن الى مستعمره امريكيه 

    أما عنقودية خلايا هذه المنظومه , ففي العام 1945 تشكلت منظومة الضباط الأحرار المصريه وهي عباره عن الجناح المسلح لتنظيم الأخوان المسلمين , في الحال جرى الإتصال والتنسيق مع خلايا في العراق وليبيا واليمن والاردن , والسعوديه التي تأسس فيها تنظيمان هما الضباط الأحرار والأمراء الأحرار , وبعد انقلاب 1952 في مصر كانت هذه التنظيمات تستمد دعمها من عبد الناصر 
    في نفس فترة ربيع الثورات الأوربيه ظهرت مذاهب جديده للإسلام كالشيخيه والوهابيه والبابيه ثم البهائيه والأزليه ثم الدعوه الى تحديث الدين الإسلامي لمواكبة العصر ,  التي بدأها جمال الدين الأفغاني , ثم الدعوه الى التسامح والتعايش التي نادى بها تلميذه محمد عبده , وكان أخطر ما قام به عبده هو تسهيله إنتقال عدد من الصحفيين اللبنانيين الى مصر وتأسيس الصحف والمجلات ودور النشر التي بلورت نضوج النعره القوميه العربيه

    ولد جرجي زيدان عام 1861 لعائله أرثوذوكسيه فقيره والده كان أمياً يدير مطعماً , ترك زيدان الدراسه في وقت مبكر ليعمل في مطعم والده . ثم عمل إسكافياً مدة عامين , علّم نفسه اللغة الإنكليزيه والفرنسيه في مدرسة مسائيه وانضم الى محفل لبنان الماسوني بعمر مبكر فتم إلحاقه بكلية الطب في الجامعه السوريه البروتستانتيه وهي جامعه قامت بتأسيسها بعثه تبشيريه أمريكيه يقودها الأب دانيال بليس الذي أصبح أول رئيس للجامعه التي حصلت على الإعتراف بها من ولاية نيويورك الأمريكيه . من أشهر طلبة هذه الجامعه التي تحول إسمها الى : الجامعه الأمريكيه في بيروت هم : الرئيس سليم الحص , وليد جنبلاط , عبد القادر الحسيني , اسحق فرحان , عبد الرؤوف الروابده , والدكتور سعدون حمادي , الدكتور علي الوردي , الشاعر ابراهيم طوقان وأحمد طوقان وقدري طوقان , احمد محمد الخطيب , جورج حبش , محمد جابر الأنصاري , زها حديد , عبد الله جمعه رئيس أرامكو السابق , علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقه الذريه الإيرانيه , الدكتور عبد الله النفيسي وغيرهم

     من خلال ارتباطه الماسوني  طوّر زيدان اهتماماً بمفاهيم الفردية مثل اقتصاد عدم التدخل ( وهو مبني على مبدأ التجاره الحره الذي تتبناه الرأسماليه والليبراليه الإقتصاديه التي ترفض تدخل الحكومات في تجارة السوق ) . واعتقاد الماسونيين في التنوير الشامل ، والداروينيه الاجتماعيه . تأثر زيدان بشكل خاص بكتاب صمويل سمايلز ، المساعده الذاتيه الذي نُشر عام 1859 لتركيز الكتاب على الفردية والذاتيه في تطوير الإقتصاد ، وهو مفهوم جديد نسبياً في الفكر الإقتصادي العربي ، لهذا كرّس له زيدان مساحه واسعه في رواياته التاريخيه اللاحقه . مثلما ظهر في فتاوى وأحاديث وكتابات محمد عبده في موضوع ( المعاملات ) وكما سيظهر لاحقاً في كتاب ( الإقتصاد) الذي كتبه محمد اقبال

    وقت انتساب زيدان للجامعه التحق بها يعقوب صرّوف (1852-1927) وهو ماسوني أيضاً قام بترجمة كتاب المساعده الذاتيه إلى اللغة العربية تحت عنوان : سر النجاح وأسس لاحقاً مجلة المقتطف  1876 التي نشر فيها أفكاراً لتحديث العالم العربي والتأكيد على النجاح الفردي من خلال العمل الجاد

    [[article_title_text]]
    قام ( كورنيليوس فان ديك ) الأستاذ الأمريكي في علم الأمراض في الكلية السوريه البروتستانتيه المعروف بترجمته للكتاب المقدس إلى العربية عام 1847 ، بتشجيع صرّوف على ترجمة المساعده الذاتيه , كما أثر في نظرة زيدان للعالم ودفعه إلى تبني فكرة التعليم الواسع من خلال الإصلاح الداخلي الواسع وتحديث جميع جوانب الحكومات العربيه والحياة اليوميه , وهكذا أصبح زيدان ينتقد معاصريه الذين يهتمون فقط بالحصول على الاستقلال من النفوذ الأجنبي . جادل زيدان بأن الإصلاح يجب أن يسبق الاستقلال لضمان نجاحه , لكن الإصلاح له وجهات متعدده .. وتحت تسميته يمكن بث أفكار هي أبعد ما تكون عن الإصلاح
    في عام 1882 ، طُرد أحد أساتذة الكلية البروتستانتيه السوريه لمدحه نظرية داروين في خطاب ألقاه أمام طلاب الكليه لأن نظرية التطور كانت مثيرة  للجدل عند البروتستانت وكان ممنوعاً إدراجها في أي منهج دراسي , من هو الإستاذ بالتحديد ؟ ولماذا فعل هذا وهو يعرف نظام كليته .. هذا ما لن يجيب عنه أحد وربما الحكايه مفتعله برمتها لطرد عدد من الطلاب وجعلها سبباً لمغادرتهم البلاد ونشرهم في محيطهم الإقليمي
    الشيء الجيد بالنسبه للكليه السوريه البروتستانتيه ولطلبتها الماسونيين هو قيام بريطانيا بنفي محمد عبده 6 سنوات من مصر الى لبنان عام 1882 . كان محمد عبده ماسونياً والكثير من رجال مصر وقادتها من الماسون بضمنهم الخديوي توفيق نفسه , فكانت سنوات النفي بالنسبه لعبده من أخصب سنوات عمله , اذ قام بمساعدة الكثير من ماسون لبنان على الإنتقال الى مصر وتأسيس صحف أو مجلات أو دور نشر تحدثت عن الوعي والتعليم ومحاسبة الحكّام والتنوير والنهضه , فكانت هذه الكتابات ذات الطابع الثقافي ( البعيدة المرمى ) السبب في إثارة النعره القوميه العربيه وكان من باكورة إنتاج النعره ظهور شخصيات مثل عبد القادر الحسيني والشريف حسين بن علي وغيرهم الذين كانوا مستعدين للتحالف مع الغرب للتخلص من الحكم العثماني متوهمين أن الغرب سيساعدهم فإذا به يأتي لإستعمارهم , ولم يتعضوا , اذ حالما تحولت الأقطار الى مستعمرات بريطانيه وفرنسيه استعانوا بالأمريكي ليغيروا مستعمراّ بمستعمر , وهاهي أقطارنا اليوم تنعم بالإنقلابات والحروب والمصاعب الإقليميه حتى تحولنا من كبريات الدول المنتجه للنفط الى كبريات الدول التي تعاني من الجوع والتخلف والفساد

    [[article_title_text]]
    كانت هناك علاقه بين محمد عبده وجرجي زيدان من خلال المحافل الماسونيه في لبنان التي يجتمعان بها ومن خلال الصحف التي ينشران بها وهكذا سرعان ما إنتقل جرجي زيدان الى مصر وانتسب الى كليه الطب جامعة عين شمس ثم وجد له عملاً مع المخابرات البريطانيه العامله في مصر فرافق بعثتها الى السودان التي ذهبت لنجدة الجنرال غوردون الذي حاصرته قوات المهدي ثم قتلته , ومن يعرف شيئاً عن ما يسمى ( التدحرج نحو افريقيا ) يعرف أن ثورة المهدي في السودان وثورة قبائل زولو في جنوب افريقيا ما هي أكثر من صراع مبطن أمريكي _ بريطاني للسيطره على أجزاء من افريقيا

    صدر كتاب زيدان الأول عام 1889 ( تاريخ الماسونيه العام ) لرغبة زيدان الى تصحيح المفاهيم الخاطئه عن الماسونيين الذين كان هو واحداً منهم
    https://www.hindawi.org/books/50573515/
    في عام 1890 ، نشر كتاب ( تاريخ التمدن الإسلامي  ) وهو تاريخ ضئيل الأهميه إلى حد ما تحدث عن آسيا وإفريقيا مع التركيز على الشرق الأوسط . ومع ذلك ، يُستشهد به كواحد من أوائل كتب التاريخ التي كُتبت باللغه العربيه وكانت غير دينيه , الجزء الأول من الكتاب 
    https://foulabook.com/ar/book/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D8%AF%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-pdf
    أما الجزء الثاني
    https://foulabook.com/ar/book/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D8%AF%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A-pdf
    قام زيدان بتدريس اللغة العربية وافتتح دار نشر أطلق عليها اسم ( دار الهلال) تُعد أقدم مؤسسه ثقافيه صحافيه مصريه وعربيه تأسست عام 1892 في مصر، بينما تعد مجلة الهلال التي تصدر عن الدار من أقدم المجلات العربيه التي تعمل في مجال الثقافه , صدر العدد الأول منها في عام 1892 بافتتاحيه كتبها زيدان أوضح فيها خطته وغايته من إصدارها
     
           مؤسسة دار الهلال بمبناها المميز الذي بني على أنقاض حديقة غنّاء كانت مستشفى لقوات الاحتلال البريطاني , وكانت مؤسسة الهلال التي أنشئت 1892  تُصدر مطبوعه واحده هي مجلة الهلال من مبنى صغير ومتواضع في شارع الفجاله , سبب نقلها في مكانها الضخم الحالي هو عمل زيدان مع المخابرات البريطانيه في مصر وطبعه للإنكليز بعض منشوراتهم  وربما علمهم بماسونيته فكافأوه بأن منحوا له مبنى مستشفاهم ليجعله مقراً لدار نشره

    عام 1891 نشر روايته التاريخية الأولى ( المملوك الشارد ) لاقت الرواية نجاحاً جعله يتفرغ للكتابه وإستمر ينتج روايه واحده في العام تقريباً حتى وفاته عام 1914
    https://www.hindawi.org/books/81407240/
    بدأ بنشر أكثر مشاريعه تأثيراً وهي مجلة الهلال 1892 وكانت تحتوي في الأصل على خمسة أقسام : تاريخ أشهر الرجال والأحداث , مقالات له أو غيره من الكتّاب ، مسلسل رواياته التاريخيه ، الأحداث الشهريه وأخبار العالم ومصر وسوريا ، وعبارات التقييم والنقد للأدب المعاصر, مع تركيزها على التاريخ الإسلامي والمفاهيم الجديده في الحضاره الغربيه ، اتخذت المجلة في كثير من الأحيان نبرة موسوعيه , وبقي هدفها الأساسي ثابتاً طوال فترة نشرها : تزويد عموم العرب بما يقوي نعرتهم القوميه من أجل استغلال ذلك في زحزحة الأوضاع في بلدانهم لتغيير مستعمريهم 
    غالباً ما كانت شخصياته الأدبيه أحادية البعد ، لا يعطي  فكره جيده على مهاراتهم أو خلفيتهم أو تصورهم لزمانهم أو المجتمع من حولهم . لم كما لم يطوّر شخصياته أبداً وغلب على كتاباته الأسلوب الصحفي المباشر , وغالباً ما كان يزين الحدث التاريخي الذي يرغب الحديث عنه بقصة حب بين عاشقين يربطها قسراً  بالأحداث , لم يزل تقليده هذا متبعاً في أغلب الدراما المصريه التي لا تخلو من ( الحب والجواز والخِلفه ) حتى اليوم
    تعرضت كتاباته الى نقد لاذع وصل الى حد السب من قبل إسلاميين وعرب بسبب ما إحتوته من تفاصيل لم يعتد القراء المسلمون والعرب قراءتها سابقاً تأخذهم الحمية الدينيه على إسلامهم وزيدان يكتب عنه بتبسط , أو تأخذهم الحمية على خلفائهم كالمنصور وهارون الرشيد وهو يسرد عنهم قصصاً لم يسمعوا بمثلها من قبل

    توفي زيدان 1914 أثناء جلوسه للكتابه , فجأه ودون الشكوى من أية عله , تاركاً خلفه 22 روايه منشوره ، والعديد من الأعمال العلميه ، ومجلة الهلال التي وُزّعت في بلاد فارس والهند واليابان وغرب إفريقيا وزنجبار وأستراليا ونيوزيلندا وجزر الهند الغربيه وأمريكا الشماليه والجنوبيه . أثّرت كتاباته في طه حسين ونجيب محفوظ والشاعرة فدوى طوقان وغيرهم من أدباء القرن الماضي . وحتى وقت قريب ، لم تكن أعمال زيدان متوفرة باللغة الإنجليزية ، لكن تمت ترجمتها إلى 12 لغه مختلفه من قبل مؤسسة زيدان ، التي أنشأها حفيده د. جورج زيدان ومقرها في الولايات المتحده , من أجل الترويج للثقافه التي نشرها جده
    https://www.zoominfo.com/c/the-zaidan-foundation-inc/397698991
     كلّف جورج زيدان بترجمة الروايات التاريخيه ال 22 فبدأ العمل في عام 2009 ، وصدرت مابين أكتوبر2011 و فبراير 2012

    د. ميسون البياتي 

    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media