وفي جزئنا هذا من مبحثنا سوف نبحث في كون فاطمة الزهراء(عليها السلام)هي سيدة نساء العالمين وليس كما يدعي البعض في أنها امرأة عادية حالها حال بقية النساء وليس لها اي خصوصية حتى البعض من الكتاب ومن هم يسمون انفسهم باحثين وعلماء انها كانت تتخاصم مع الامام علي (ع) وأن تسمية أبو تراب جاءت من أجل ذلك مع العلم أن كنية أبو تراب هي من أحب الكنى إلى الامام امير المؤمنين(ع)وانها تزوجت كبيرة وحتى يزوروا عمر وفاتها ويقولون انها توفت وهي عمر التاسعة والعشرين أو أقل أو اكثر إلى اخر هذه الخزعبلات من الكلام. وحتى في رزية يوم الخميس يقول الخليفة الثاني عندما اشتد المرض بالرسول الأعظم(ص) وليطلب صحيفة ودواة ليقول الخليفة الثاني عن الرسول محمد (ص) : أن النبي يهجر (أي يهذي). وهذه أم المصائب ثم ليكملها عندما أشتد الكلام والهرج والمرج في حضرة النبي(ص) ومطالبة النساء بتنفيذ أمر الرسول وصياحهن ليقول الخليفة ويصف أزواج الرسول بالقول قال عمر: فقلت إنكن صويحبات يوسف إذا مرض رسول الله عصرتن أعينكن، وإذا صح ركبتن عنقه! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (دعوهن فإنهن خير منكم) (1)،
لا أريد الإطالة في عرض الحديث وأسانيده وطرقه المختلفة التي اكتظت بها كتب الصحاح الستة وتواريخهم وفي أسفل المقال تجد المصادر القارئ الكريم.
ولنأخذ هذا المقطع وما يقوله في هذا الأمر وهو كاتب من المستبصرين حيث يقول " ترى من هن صويحبات يوسف. هل هي (زليخة) التي عشقت فتى غير زوجها وراودته عن نفسه. أم زائراتها اللائي قطعن أيديهن وسلمن (لزليخة) في رغبتها في (يوسف) أهكذا (عمر) شبه نساء النبي صلى الله عليه وآله فهل سلمان رشدي أتى بجديد؟ "(2).
ومن هنا ونتيجة التحريف والتزوير في تاريخنا الإسلامي والذي يقر به القاصي والداني كان لابد من التعتيم على السيرة العطرة لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(ع) ومن هنا كان لابد من الوقوف على هذا الموضوع المهم وتقديم الدلائل والبراهين على المنزلة السامية لبضعة رسول الله الزهراء روحي لها الفداء.
فاطمة سيدة نساء الامة واهل الجنة
وروى الطبراني عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: «إن ملكا من السماء لم يكن زارني فاستأذن الله في زيارتي، فبشرني أو أخبرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي»(3).
وهذا الأمر الذي يفهم منه أن هذه الشخصية الجليلة قد تفوقت على جميع النساء من الأولين والآخرين بما فيهم مريم(ع)والتي سنأتي على أحاديث تسند كلامنا هذا لأن الحديث لم يستثن أحد من النساء، بل جاء حديث شامل وعام. وكل ما جاء من أحاديث مدسوسة تستثني أفضلية الزهراء(ع)على غيرها من النساء فهي من المجعولات والتي يراد منها التقليل من مقام أهل البيت(عليهم السلام أجمعين) والتي تحاكي الأهواء الأموية والعباسية والمخالفة والناصبية لأهل البيت(ع)والحديث المروي في المستدرك ومن خلال كلام الرسول الأعظم(ص)هو حديث يقر بسيدة فاطمة في حال وفاته، وبالتالي يلغي جميع كل الأحاديث التي كانت تفضل الزهراء(ع)لو أقررنا بوجود مثل هذه الأحاديث وأن هذا الحديث يدرج فاطمة(ع)في مراتب الكمالات من الفضل وتفوقها على باقي النساء.
وفضائل الزهراء لا تعد ولا تحصى والتي منها مخفي ولا نعرف عنه والتي في الدعاء المأثور( اللهم بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها)(4).
وهذا الدعاء وارد عن الإمام جعفر الصادق(ع)وهو يكشف عن عظمة مقامها وشموخ مرتبتها وموقعها عند اللّه تعالى. أي أن هناك أسرار مستودعة لدى هذه المرأة العظيمة والسامية والتي من ابرزها بشارة النبي(ص) بأنها أول الناس لحوقاً به وأنها أول من تدخل معه الجنة وأنها سيدة نساء الجنة وسيدة نساء هذه الامة وسيدة المؤمنين.
والاسرار المستودعة في الزهراء(ع) هي من الأسرار الإلهية التي يعجز عقلنا القاصر عن فهمها فهي أسرار إلهية قد وضعها الله في شخص سيدة نساء العالمين فاطمة(روحي الله لها الفداء)والذي يحاول البعض من المتشدقين مناقشة هذا الأمر بلا فهم ولا وعي ولاحتى أي دليل مادي لديه.
" ولهذا قضية الزهراء سلام اللّه عليها بهذا المستوى من العظمة والأهميّة ، غاية الأمر أنّ كلّ إنسان يفهم منها بقدر عقله ، ومستوى فكره ، ومدى سعة إنائه لتقبّل حقائق هذا الكون ، فإنّ هذه القلوب أوعية وخيرها أوعاها. فبعضهم يفهم من الزهراء سلام اللّه عليها أنّها أمّ نموذجيّة أو زوجة مثاليّة ، أو قدوة لنساء العالم ، أو .. أو .. وكلّ هذا إنّما هو على حدّ فهمه وشعوره ، وعلى قدر عقله. إلّا أنّ قضية الزهراء سلام اللّه عليها أعظم من كلّ ذلك بكثير ، فعند ما نبحث عن أسرار اللّه المودعة في الروح الفريدة للزهراء سلام اللّه عليها ذات التكوين الجسدي الفريد نصل إلى أن روحها خلقت من نور عظمة اللّه تعالى ، وهنا نصل إلى قول الإمام الصادق سلام اللّه عليها : { إنّما سمّيت فاطمة ، لأنّ الخَلق فُطموا عن معرفتها }.فأنّى للخَلق أن يعرفوا فاطمة ؟ ليس فقط « الناس » بل « الخلق » الذي يشمل « الإنس » و « الجنّ » و « الملائكة » ، فالكلّ مفطومون وعاجزون وقاصرون عن أن ينالوا معرفتها. فأيّ شخصيّة هذه التي عَزَّ مقامها عن أن تنال الخلائق معرفتها ؟ "(5).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ ومن بين أولئك البخاري في صحيحه في باب مرض الرسول وفي كتاب العلم. كما أخرجه مسلم في باب الوصية، المعجم الأوسط 5 : 288، وعنه في كنز العمّال 5 : 644.، ومن المؤرخين ذكره الطبري في التاريخ، وسعد في الطبقات بسنده عن سعيد بن جبير عن بن عباس - وذكر البخاري في باب جواز. الوفد من كتاب الجهاد والسيرة من صحيحه: حدثنا بن عينية عن سلمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس إلى أن قال) فقالوا: هجر رسول الله.
2 ـ من هامش كتاب لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي الصفحة 133. منشورات المكتبة الشيعية .
3 ـ قال الهيثمي: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مروان الذهلي، ووثقه ابن حبان". السيدة فاطمة الزهراء (ع) - محمد بيومي - الصفحة ١٥٥. منشورات المكتبة الشيعية. الخصائص ص34 ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج9 ص201. قال الحاكم: هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه هكذا. واعترف الذهبي في التلخيص بصحته.
4 ـ التوسّل بهذه العبارة ، فقد ذكره الشيخ الهمداني في كتابه « فاطمة بهجة قلب المصطفى » ، وهو الذي تشرف برؤية المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف. وفي بعض الكتب انّ الشيخ الأنصاري قدّس سرّه كان يصلّي على فاطمة بهذه الكيفيّة ، وهو من أعاظم علماء ومراجع الشيعة ، بل هو الشيخ الأعظم مجدّد المذهب واستاد أساتذة المراجع العظام في العصر الأخير ، وقد كان مرتبطاً بالإمام الحجّة عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، ومن المحتمل انّ هذا الدعاء صادر من الناحية المقدّسة. راجع « الصحيفة المهدية » للسيّد مرتضى مجتهدي سيستاني.
5 ـ مأخوذ من مقال بعنوان(ماذا يقصد بـ « السّرّ المستودع فيها » ؟)السيد علي الحائري. باب فاطمة الزهراء عليها السلام . أسئلة وردود. موقع العقائد الإسلامية. من اصدار شبكة رافد للتنمية الثقافية.