مقدمة :
هذه الورقة هدفها الأساس تعريف القاريء (بالعربيّة) على مُفكر مصري معاصر إسمه علاء الأسواني!
في الواقع هو أشهر من نار على عَلَم ,أنا شخصيّاً اُسميّه (فولتير ثورة يناير المصرية 2011) مع ذلك أخشى أن يكون مِنَ الناطقين بالعربية مَنْ لم يسمع أو يقرأ عنه أو يشاهد ندواته الفكرية الرائعة!
على كلٍ غالبيتنا سمع بهِ على الأقل عند عرض فيلم عمارة يعقوبيان .
كان هو كاتب هذه الرواية البديعة الأكثر مبيعاً عربياً على الإطلاق!
هو طبيب أسنان وروائي ومفكر مصري وِلد في القاهرة عام 1957 !
والده (عباس الأسواني) كان مُحامي وروائي إنتقل من أسوان الى القاهرة عام 1950 .كان إضافةً الى ممارسة مهنته بالمحاماة يكتب مقالات في روز اليوسف تحت عنوان (أسوانيّات) .وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في الرواية والأدب عام 1972 !
والدة علاء الأسواني (زينب) من عائلة إرستقراطية ,كان عمّها وزيراً للتعليم قبل إنقلاب العسكر عام 1952 .
علاء الاسواني أنهى دراسته الثانوية في مدرسة الليسيه الفرنسية بمصر.
ثمّ حصل على بكالوريوس طبّ الأسنان من جامعة القاهرة عام 1980.
بعدها غادر الى الولايات المتحدة حيث حصل على شهادة الماجستير في طبّ الاسنان من جامعة إلينوي في شيكاغو .
ثمّ عاد الى القاهرة وإفتتح عيادته في جاردن ستي !
يتقن الأسواني ثلاث لغات عدا لغته العربية الأمّ هي الإنكليزية والفرنسية والإسبانية!
أشهر رواياتهِ / عمارة يعقوبيان ,نادي السيارات ,شيكاغو ,جمهوية كان!
له العديد من القصص القصيرة والمقالات الإسبوعية والشهرية!
نال جوائز عالمية أكثر من أن تُحصى ,منها على سبيل المثال :
فرنسيّة / جائزة الدولة الكبرى (تولون) ,وسام الفنون والآداب (رتبة فارس) ,جائزة جاك أوديبرتي الأدبية .
إيطالية / جائزة الثقافة (نابولي) ,جائزة جرينزاني كافور (تورينو) ,
جائزة تيزيانو تيرزاني الأدبية , جائزة البحر المتوسط للثقافة .
ألمانية / جائزة فريدريك روكيرت (هو أوّل مَنْ نالها) ,جائزة يوهان فيليب بالم لحرية التعبير .
نمساوية / جائزة برونو كرايسكي لحقوق الإنسان .
أمريكية / جائزة الإنجاز من جامعة إلينوي (هذه أرفع جائزة تمنحها الجامعة لخريجيها)!
وهناك جوائز اُخرى كندية ويونانيـّة وسعوديّة وغيرها!
ندوتهِ الجديدة / ماذا قال آينشتاين عن نظام السيسي ؟
يبدأ الأسواني حديثهِ بالتأكيد على فكرتهِ الأساس من هذهِ الندوات بأنّه يبغي التفكير مع مَن يصغون إليه ,لكن ربّما بطريقة مختلفة!
يشرح بإختصار جميل فكرة العالِم الإنكليزي الأشهر على مرّ العصور (تشارلس داروين) التي جاء بها عام 1859 في كتابهِ (أصل الأنواع)!
أهمّ نظرية في هذا الكتاب ولا أظنّ أحد يجهلها هي (نظرية الإنتخاب أو الإنتقاء الطبيعي) .مختصرها أنّ الكائن الذي لا قدرة له على التعايش و التطوّر مع الظروف المحيطة به سوف ينقرض ,بينما يبقى ويستمر ذلك الذي يتكيّف ويتطوّر بإستمرار (زمن التطوّر قد يقاس بملايين السنين)!
في الواقع أنا أؤمن بأنّ هذه النظرية تنطبق على كلّ شيء في حياتنا حتى الأفكار والعقائد ,ولي مقال بهذا المعنى عناونه بذرة الفناء ,اُورد مثلاً على إنتهاء الشيوعية وهي عقيدة شمولية بمعنى الكلمة خلال أقل من قرن على نشوئها ,كونها لم تستجب للتطور الإجتماعي في هذه الحالة!
يضيف الأسواني مايلي :
هناك نظرية موازية لنظرية التطوّر في المجتمعات إسمها بالإنكليزية
Meritocracy
بالعربية / ميريت أوكراسي أو حكم الإستحقاق أو الجدارة!
ثمّ يشرح مايعنيه مصطلح حُكم الإستحقاق أو طريقة الوصول للحُكم والمناصب في دولة ما !
عندما يكون طريق الوصول هو نفسه طريق الإستحقاق فالدولة تنجح!
بينما لو إختلف طريق الوصول عن طريق الإستحقاق فالدولة تفشل!
ويعطي أمثلة كثيرة من مصر الجميلة ذاتها !
مثلاً / عبد الحكيم عامر كونه صديق جمال عبد الناصر وصل الى قمّة الهرم العسكري بلمح البصر ,بعدها نتجت أكبر هزيمة عسكرية في تأريخ مصر في يونيو 1967 .
أولاد القضاة والمستشارين لهم الأفضلية في العمل في القضاء.
أبناء أساتذة كليات الطبّ يصبحون مُعيدين بعد تخرجهم حتى لو تخرجوا بدرجة مقبول.
رئيس الجامعة يتعيّن بترشيح من أجهزة الأمن (السياديّة).
أغلب الوزراء ينالون مناصبهم ليس بالإستحقاق لكن بالتزكية من رئيس الدولة أو الأجهزة الأمنية ... والأمثلة كثيرة لا تنتهي!
هذا يعني أن الكفاءة ليست معياراً مهماً لنيل أعلى المناصب في الدولة !
بمعنى آخر هذه الدولة تصبح طاردة للكفاءات الوطنية ممّا يضطرها للهجرة الى الغرب لتحقيق الذات ,فتخيّلوا الخسارة الكبيرة للوطن!
يضيف الأسواني ما يلي:
بصراحة هذه المشكلة لم تبدأ في عهد السيسي ,بل بدأت منذ إنقلاب 1952 وسيطرة العسكر على الحُكم وإستمرارهم الى يومنا .
في الواقع الشعب لم يكن ضدّ الديكتاتورية من حيث المبدأ ,لكن فقط إذا ساءت الأمور بدرجة رهيبة (كما حصل في ثورة يناير 2011)!
بينما شعوب العالَم الحُر هي دائماً ضدّ الديكتاتورية كونها تعلم أنّ حكمها سيقود الى كوارث لا محالة ولو بعد حين!
ثمّ يصل الى النتيجة التالية :
لا يمكننا جعل طريق الوصول هو طريق الإستحقاق في ظلّ الأنظمة الديكتاتورية ,لأنّنا نحتاج :
1 / قواعد عادلة تنطبق على جميع الناس!
2 / إنتخاب وإختيار للمناصب المهمة حسب الكفاءة!
3 / محاسبة ومراقبة حقيقية فعّالة!
هذه الاشياء الثلاثة لا يمكن توّفرها في ظلّ أيّ نظام ديكتاتوري!
هذا حالنا في مصر (يقول الأسواني) منذ 1952 الى يومنا ,نفس السيناريو يحصل مع كلّ حاكم ,فكيف نأمل بنتائج مختلفة أفضل؟
في هذا الخصوص ينطبق علينا قول شهير للعالم آينشتاين ,يقول:
[ ما لا أفهمهُ حقّاً أنّ يُكرّر الناس نفس التصرف في نفس الظروف ,ثمّ يتوقعون نتائج مختلفة ]!
***
الخلاصة :
روايات الاسواني تُرجمت الى 37 لغة مختلفة ونُشرت في أكثر من 100 دولة .لكن يا للأسف هو مضطر حالياً للعيش في المَهجر كونه مُعارِض للسلطة الديكتاتورية حدّ النخاع!
رغم الجوائز العديدة التي نالها علاء الأسواني إنّما تبقى في ظنّي جائزة نوبل للأدب إستحقاق شخصي لم ينلهُ بعد رغم أنّه رُشّحَ أكثر من مرّة!
لي حدس في هذا المجال كون إسلوب الأسواني متأثّر بإسلوب الكولومبي العالمي الشهير (غابرييل غارسيا ماركيز) ,قد يدفع القائمين على هذه الجائزة ,الى إرجاء منحها له مؤقتاً!
أدعو كلّ باحث عن المتعة الفكرية الراقيّة الى متابعة كتابات وندوات الاسواني دون إنقطاع !
***
الرابط !
ندوة علاء الأسواني بتأريخ 27 ديسمبر 2020
ماذا قال آينشتاين عن نظام السيسي!
رعد الحافظ
28 ديسمبر 2020