إرحموا العصافير يرحمكم الله!!
    الثلاثاء 26 مايو / أيار 2020 - 10:09
    د. صادق السامرائي
    العصافير في بلاد الرافدين تتعرض لعدوانية سافرة يُخشى عليها من عواقبها الوخيمة , فهي متهمة بما لا طاقة لها به , ويتم تحشيد القوات والقدرات التدميرية للنيل منها بحجة أنها سرقت قوت المواطنين , وأنها إستهلكت أطنانا من الحنطة بين عشية وضحاها , وعلى الجميع أن يلعن العصافير ويقتلها أجمعين , لأنها متفقة مع الكورونا للنيل من الناس المساكين.

    العصفور الطائر الصغير الذي تكفيه بضعة حبات حنطة فتسد حاجته ليوم من الطعام , يجد نفسه متهما بأنه قد سرق بيدر حنطة وابتلعه بشراهة مطلقة , وما اصابته التخمة ولا مات من هذا الحشو المروع لحوصلته بالحنطة.

    فهل هذا عصفور أم عنقاء أهوال وغول؟!!

    يبدو أن المثل القائل "العذر أكبر من الصوج (السبب)" , ربما ينطبق على مسرحية العصافير واختفاء مئات الأطنان من الحنطة , التي تنتظر الطحن والتحول إلى رغيف خبز.

    فبأي آيات الفساد تكذبون , وكيف بهذا السفه تصدقون , وهل من العقل إدانة العصافير , وتبرئة الذين بالسحت الحرام يتمرغون , ولغير ربهم يعبدون , ولألف شيطان رجيم يتقربون , وبالوطن والمواطن يكفرون.

    "اكعد أعوج واحجي عَدِل" , فللفساد تخريجات وتبريرات وفتاوى وتسويغات متجددة , يجتهد فيها البقلاء الذين يضعون على رؤوسهم تيجان غباء , فيتصورون أن الناس على مقاسات رؤوسهم , وبما يتمنطقون به يستشهدون , ولسماحة أفكهم يتبعون , وبهم إلى أربابهم يتقربون.

    فالفساد دين وديدن , والدين تجارة رابحة , بضاعتها الناس المغفلين المنومين بالضلال والبهتان المبين , وكأنهم قطيع رتّع في زرائب المتاجرين بدين.

    وقد أفلح الفاسدون , وفازوا بسرقة حقوق المواطنين , وتعزيز ظلمهم وتأكيد حرمانهم , وأخذ أموالهم , وتدمير وجودهم , وإقناعهم بأن الحياة ضارة بهم , وفي الشقاء والموت حياتهم ذات النعيم.

    ولعنة الله على العصافير التي تزاحم الناس على طعامهم وتمكر بهم وتعاديهم , وتنكر وجودهم , فهي مخلوقات عدوانية أنانية , وبزقزقتها سب وشتم للبشر الذي يقاتلها ويمنعها من الحياة الحرة الآمنة.

    وتبّت يدا كلّ عصفورٍ خوّانٍ أثيم!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media