المرسوم الطائفي!!
    السبت 25 يوليو / تموز 2020 - 04:42
    د. صادق السامرائي
    يفخر أكلة الأمة والطامعون بإفنائها , بأنهم قد وصلوا إلى ذروة النجاح في خططهم وبرامجهم الهادفة لتقطيعها إربا إربا , ووجدوا في لعبة الدين بمذاهبه وطوائفه غايتهم المنشودة , فانطلقوا بتخريبها إبتداءً من القرن التاسع عشر , وبعدها تعلموا فأسسوا الأحزاب المؤدينة , التي سفكت روح الأمة والدين , وتوالدت وتناصرَت وتعسكرَت وتسلطت حتى أحرقت الهوية الوطنية والقومية.
    فديدن الأحزاب المؤدينة مقرون بفقه الغنيمة , وعدم الإعتراف بالوطن ككيان سياسي وقوة ذات قيمة حضارية , وإنما تطلعاتها عولمية ورؤاها تضليلية بهتانية ماحقة.
    فهي تقول ما لا تفعل , وتنال من الواقع الديني والإنساني  بموجب فتاوى ورؤى نابعة من فقه الغنيمة , الذي تتمسك به وتعمل بموجبه فتنال من حقوق الآخرين , وتعدهم بجنات النعيم , ولها نعيم الدنيا والآخرة معا , لأنها مخصوصة بهذه الحقوق من ربها , الذي أوجدته على مقاسات أهوائها وأطماعها.
    ويبدو أن الطائفية أمضى سلاح ضد وجود الأمة , ولهذا تحقق الإستثمار الفائق فيها وتعزيزها بقدرات مادية وعسكرية وسلطوية , رسّخت دورها وتأثيرها وما تأتي به من تداعيات وإنهيارات سلوكية قاسية , وفي مقدمتها الفساد المشرعن المؤزر بالفتاوى والتبريرات العدوانية على الدين والحياة.
    فالطائفية أسقطت القيم والأخلاق الإجتماعية , وحوّلت الناس إلى موجودات رقمية تحركها العمائم المستأثرة بما تسميه دينا , فتعمل على إشاعة العماء والشقاء بين الناس , لكي تقبض على مصيرهم وتتاجر بهم.
    كما أنها أوجدت حالات متطورة وراسخة من الإستعباد الفردي والجماعي , الذي يصل في بعض حالاته إلى كونه سلوك طقوسي مقدّس , فيحقق إستمرارية متنامية للتبعية وإستلطاف الوجيع والذل والهوان.
    وهذا ما تعيشه وتشهده العديد من المجتمعات , التي أجلست العمائم على الكراسي , وتوّجتها بمميزات إلهية ,أضفتها على بشر مشحون بالرغائب والدوافع الغريزية.
    وتلك مصيبة أمة بدين , ودين بطائفيات تُهين!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media