كتاب "التقارب الخليجي-الاسرائيلي بعد2003.. الاسباب-الانعكاسات-المستقبل" للبروفيسور جاسم يونس الحريري
لم يعد الحديث عن التقارب بين بعض دول مجلس التعاون الخليجي مع (اسرائيل)يدخل في أطار التعتيم ، والسرية ، بل أن الامر تجاوز هذا الغموض ، والضبابية ، والحديث غير المباشر بين تلك الاطراف ، حيث أزدادت الاشارات ، والتلميحات سواء من (اسرائيل)، أو من البحرين ، والامارات، والسعودية بصورة علنية تؤكد على وجود أتصالات ، ولقاءات ، مباشرة بين المسؤولين بين تلك الاطراف سواء داخل المنطقة الخليجية ، أو خارجها ، لترتيب الاوضاع ، وتهيئة الاجواء لخلق علاقة طبيعية ترتقي الى العلاقات الدبلوماسية ، ألا أن الوصول الى هذه الحالة تحتاج أيجاد أرضية داخل البحرين ، والامارات ، والسعودية لتقبل التواجد الاسرائيلي ، لاسيما أن التيار الشعبي الخليجي في تلك الدول يقف بالضد من أي تقارب ، وتطبيع مع (اسرائيل)وهذا لن يتبلور من فراغ ، بل هو موقف شعبي خليجي بعد أدراكه المخاطر ، والتداعيات جراء التطبيع مع (اسرائيل)، ناهيك أن مايتعرض له الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة ، والمعاناة السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والخسائر البشرية التي تكبدها الفلسطينيون جراء الصراع مع (اسرائيل)، التي تريد أن تندمج داخل المحيط الخليجي ، تمهيدا للاندماج في المنطقة العربية بأكملها تضغط على المجتمع البحريني ، والاماراتي ، والسعودي لعدم الاندفاع نحو (اسرائيل)تضامنا مع الموقف الفلسطيني الرافض للوجود الاسرائيلي في المنطقة.
أهمية الموضوع:-
يشكل التقارب الخليجي-الاسرائيلي موضوعا مهما ، لانه أنعطافة جديدة في العلاقات بين الطرفين ، لان البحرين ، والامارات والسعودية تريد أن تكون الدول التي تمكن (اسرائيل) المرور عبرها الى منطقة الخليج بعد أن نجحت في أحداث أختراق في سلطنة عمان ، وقطر، وهذا التوجه البحريني –الاماراتي -السعودي في حالة نجاحه سيكون له أثر على الانكشاف الخليجي تجاه (اسرائيل)ومن ثم أحداث خلل في طبيعة العلاقات بين طرفين غير متكافئين طرف يحتل أراضي عربية تحت ذرائع دينية ، وتاريخية ، وأخر يتمسك بذرائع ، وتهديدات صادرة برايه من ايران ، ويجعلها هي مصدر التهديد الرئيس في المنطقة ، ويغيب (اسرائيل)من قائمة التهديدات الاقليمية تجاه المحيط الخليجي ، والعربي وهذا تطور خطير بأعتبار أن تلك الدول من المنطقة هي التي تعبر عن حاجتها للتطبيع مع (اسرائيل)وليس مجرد تمنيات ، ورغبات اسرائيلية للولوج في علاقات طبيعية معها وهو تحول جيوسياسي ، وجيوأستراتيجي لاحتضان أحد أطراف الصراع العربي-الاسرائيلي ، وأعتباره عنصر سلام في المنطقة يجب التعاون معه لمجابهة التحديات الايرانية من وجهة نظر تلك الدول الخليجية وفق مبدأ ((عدو عدوي صديقي)).
فرضية الدراسة:-
بنيت هذه الدراسة على فرضية مؤادها ((يعتبر التقارب الخليجي-الاسرائيلي عاملا مهددا للامن الخليجي ، والامن القومي العربي ، والامن الاقليمي ، وحتى الدولي نتيجة للاكلاف السياسية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، والامنية التي ستفرزها تلك العلاقات ، وستزيد من مشاعر الغضب الشعبي الخليجي ، وأحداث أحتقان داخلي جراء ذلك التقارب يمكن أن يهدد الامن الداخلي الخليجي ، فضلا عن الاحتقان العربي الذي يعارض أي نوع من التقارب مع(اسرائيل)التي ستستفاد من هذه الخطوة الخليجية المنفردة لصالح ترسيخ وجودها في المنطقة ، وأطباق الهيمنة عليها عبر القوة الناعمة بجانب القوة العسكرية)).
الخاتمة والاستنتاجات:-
أصبح التقارب الخليجي-الاسرائيلي قضية قابلة للجدل ، والتقييم ، والتحليل لما لها من تداعيات خطيرة على الامن الخليجي خصوصا ، والامن القومي العربي عموما، لان المخططات الاسرائيلية لاختراق المنطقة الخليجية لها أهداف معلنة ، وغير معلنة ، الاولى تدعو الى نبذ العنف ، والارهاب في المنطقة ، ألا أن (اسرائيل)لازالت تستخدم العنف ، والارهاب ضد الفلسطينيين ، والاعتداء على سيادة دول المنطقة تحت ذرائع واهية مثل القصف الجوي الاسرائيلي لقواعد عسكرية في سوريا ، ولبنان ، والعراق تحت ذريعة كونها قواعد عسكرية ايرانية .
المهم أن (اسرائيل)ماضية في التقارب مع بعض دول الخليج الستة في مجلس التعاون الخليجي كالبحرين ، والامارات ، والسعودية من أجل دفع الدول الثلاثة الاخرى لاعادة روح العلاقات الدبلوماسية معها ، كقطر ، وسلطنة عمان ، بالاضافة الى الكويت.
الاستاذ الدكتور
جاسم يونس الحريري
الخبير الدولي المعتمد في الشؤون الخليجية