مفاسد المصالح وراء تكليف الكاظمي وستبقى سببا لأستمراره
    الجمعة 8 أكتوبر / تشرين الأول 2021 - 18:49
    مزهر الساعدي

    بعد تردد طويل في كتابة هذه المقالة المتعلقة بتكليف السيد الكاظمي لرئاسة الوزراء،خوفا من ان يحسب البعض انها تقع ضمن التسقيط الشخصي ، الا ان الحقائق والواقائعالتي بانت ولمسها الكثير هي من حسمت هذا التردد ورأيت من الضروري مشاركتها معالناس لكي يبان زيف الشعارات التي يطلقها الكثير من قادة الكتل والاحزاب وليتبينللجميع اننا نقع تحت براثن عصابات تستأسد علينا كشعب لكنها راكعه امام الجهاتالخارجية ، ولا هم لها غير السرقة والسرقة فقط ، لا يردعها دين ولا ضمير

    كلنا يتذكر تلك المسرحيات التي رافقتالتظاهرات بصدد اختيار رئيس وزراء بعد اقالة حكومة عادل عبدالمهدي ، وكيف كانالتسقيط للشخصيات الواحدة تلو الاخرى في مراهنة على عامل الزمن لانهاء تلكالتظاهرات ، كل ذلك كان يجري بتخطيط ومشورات خارجية تتجاوز امكانيات الاحزابوالكتل الذهنية ،

    لكن خلف حملات التسقيط والترشيحات المتلاحقة هذهكان هنالك ماراثون نقاشي يجري لفرض الكاظمي من قبل اميركا  رئيسا بديلا لعبدالمهدي وبين بعض الكتل التي بدأتبوقت سابق بمغازلة الجانب الاميركي وأرسال اشارات له بخروجها من العباءة الايرانيةواستعدادها للألتحاق بالقطار الاميركي طمعا بمكاسب سلطوية وأمكانية ان تكون لهااليد الطولى في تشكيل الحكومة المقبلة ، طبعا ليس حبا ببناء العراق ، سيما وان هذهالاحزاب والكتل كانت شريكة في كل الحكومات الماضية وان شبهات الفساد تطال جلاعضاءها ، لكن الامر يتعلق أما بتصفية حسابات مع اطراف سياسية اخرى أو الاستحواذعلى اكبر قدر ممكن المغانم  ، وعراب هذاالماراثون هو حامي الدستور برهم صالح ، وبوساطة خليجية بطلب من قبل تلك الاحزابوالكتل  

    اما لماذا اختار الاميركان مصطفى الكاظمي ، فأنهاجاءت نتيجة لمعرفتهم التامة بطبيعة شخصيته التي تميل لتنفيذ كل ما يطلب منها مناجل الموقع والشهرة وأسلوبه في ارضاء الجميع حتى ولو على حساب كرامته الشخصية ،لذلك رأوا فيه الشخص المناسب للمرحلة لجني ثمار غزوهم للعراق بعد طول انتظار وأنالفرصة الان مؤاتية بسبب عمق الخلافات الشيعية الشيعية بشكل واضح بسبب الصراع  على السلطة والمال مما ادى الى ضعفهم  امام القوى الداخلية وكذلك الاقليمية والخارجيةومما ادى الى فقدانهم التاثير في محيطهم المذهبي  ، أضافة الى  زيادة النفوذ الايراني بشكل واضح وتأثيره الكبيرعلى ساسة الشيعة والكرد والسنة مما سيجعل تحقيق مصالح اميركا مستقبلا صعب ومكلف للغاية،

    الكتلتان اللتان كانتا تتفاوضان عبر وسطاءخليجيون هما الحكمة وسائرون ، ولكل منهما هدف الوصول الى رئاسة الوزراء، فالكتلةالصدرية التي لها جمهور واسع تخشى الفيتو الاميركي على تسلمهم المنصب ، نتيجة عدمثقة الاميركان بنوايا السيد مقتدى وتقلبات مواقفه ، اما عمار الحكيم المعروف بلعبة مسك العصا من الوسط  فقد ادرك ان تلك السياسة لا توصله الى هدفه وهومنصب رئاسة الوزراء الذي لا يزال يعتبرهاستحقاقا حزبيا وفق اتفاق سابق افضى الى تكليف المالكي في رئاسة الوزراء عام 2006 علىامل ان تكون الثانية من حصة آل الحكيم وقد صرح بذلك ابو رغيف احد اعضاء مكتبهعندما المح الى ان الحكمة لم تستلم رئاسة الوزراء ، ولأن رصيد الحكمة الجماهيري رغمكل الدعايات المكلفة لا يداني الكتلة الصدرية ولا دولة القانون او الفتح ، فلابدمن سبيل اخر لتحقيق تلك الامنية ، فحاول ان يكون له حضورا في احتجاجات تشرين ، الاانه رُفض لكونه شريكا في كل الحكومات و جزءا من منظومة الفساد ، ولم يجد مناصا غيران يستمر في لعبة اخرى قد بدءها قبل سنوات وبالتحديد عند انفصاله من المجلس الاعلىوتكوين كتلة الحكمة التي تبيح له ان يتحرك بحرية اكثر بعد خلاصه من الحرس القديموالاتيان بشباب طوع بنانه ، وهي أستمرار طرق ابواب دول الخليج مبتغيا الوساطة معالاميركان لكونهم اصحاب القول الفصل في المنصب الاهم في العراق مقابل ضمانات منها الغاءالحشد الشعبي والحد من التأثير الايراني واستبداله بعلاقات متميزة مع تلك الدولوأعطاء الاميركان الافضلية في التعاقدات وخصوصا في المجال النفطي والكهرباء ، وقدسبق لعمار ان كلف عام 2017 الكاظمي باعتباره مقرب من الادارة الاميركية وصبيهاالمعول عليه لتنفيذ اجندتها لتلطيف الاجواء مع الاميركان والغاء نظرية ان المجلسالاعلى وآل الحكيم أيرانيوا الهوى،  وقدأكد هذه التوجهات بليغ ابو كلل احد ناشطي الحكمة قبل ايام مع عدنان الطائي انيركان حلفاء واصدقاء للاميركان  جليا موقفالحكمة من الاميركان عبر تصريحات ابو كلل بوصفه الاميركان اصدقاء وحلفاء ليس الا .

    لذلك لم يكن غريبا ان يكون الفاصل الزمني بينالترشيح والموافقة على الكاظمي لا يتعدى ساعادت معدودة على عكس المرشحين الاخرين ،رب سائل يسأل هل كان العامري وهوالطرف الثالث المؤيد للترشيح كان ضمن الجهودالمسبقة لكتلتي سائرون والحكمة سيما وان الفتح التي يترأسها  تتهم الكاظمي بضلوعه في عملية اغتيال سليمانيوالمهندس ، والجواب قطعا لم يكن  ، الا انايران اوعزت للفتح بابداء عدم الممانعه  بعد ان ايقنت ان ترامب يفرض مرشحه ، رغبة منهالتخفيف حدة التوتر مع اميركا مع الزام الكاظمي بتكليف الاعرجي لاحد التشكيلاتالامنية ، كما ان العامري اضاف شرطا اخر وهو ان يكون ناصر الشبلي العامري وزيراللنقل في التشكيلة الوزارية، لقرابته منه وليكون امينا على المصالح  

    وحال التكليف أبدى الكاظمي اندفاعا مفضوحا دون ان يضع لحسابات الحكمة والاتزان فيالسلوك والتصرف باتجاه ارضاء اميركا حتى انه في اول زيارةلاميركا مدح ترامب واثنى على جهوده في القضاء على داعش مما دعا الاخير الى تنبيههان الامر كان في زمن اوباما  متناسيا دماءالعراقيين التي اسيلت لتحريرالمدن من براثن داعش، ثم توالت خيباته خلال مواجهاتهمع بعض الفصائل المسلحة طبقا لاوامر اميركية ، الا انه عاد واعتذر او اطلق سراحممن اعتقلهم ، والغريب ان بعضا من هذه المواجهات كانت تنقلها وسائل اعلام اميركيةوغربية قبل المحلية

     ولبيان الامور المهمة التي اوكلت للسيد الكاظميلأنجازها خلال فترة توليه رئاسة الوزراء للفترة الانتقالية وأحتمالية استمرارهبالتكليف لما بعد الانتخابات وفق تعهد من بعض الكتل الشيعية والكتل الكرديةوالسنية ،

    1-      بيع اصول الدولة المهمة مثل الطاقة وفتحالباب للأستثمار في حقول النفط وجعل اهم مدينتين نفطيتين في العراق وهما البصرةوكركوك مناطق حرة للأستثمار ، وقد ضمن هذه الجريمة بحق الشعب العراقي في مسودةموازنة 2021 ،  على البرغم من ان حكومته هياشبه ما تكون حكومة تصريف اعمال مهمتها الاعداد للانتخابات المبكرة ،

    2-      المضي قدما في التهيئة للتطبيع من خلال سلسلةمن الخطوات السياسية تضمنت التقارب مع دول الخليج والابتعاد عن المحور الايراني ،وبعث أشارات طمأنه ان لم تكن هنالك اتصالات سرية وسيأتي اليوم الذي تتوضح فيهطبيعة تلك الاتصالات ، ومع ان الشعب بأكمله مع مبدأ التقارب من اجل مصلحة العراق اولاوالابتعاد عن سياسة المحاور التي تضر ولا تنفع العراق ، وأن العراقيين في غالبيتهميرفضون تدخل الاخرين في شؤونهم وتكليف من المسؤولين دون رغبتهم  ، ويرفضون ان يكونوا  مع طرف ضد طرف اخر ويختارون مصلحتهم اولا فيعلاقاتهم مع الاخرين

    3-      ان يكون العراق مصدر تمويل لبعض متطلباتالادارات الاميركية ، فبعد ان اُثقلت اميركا بصرفيات الحروب حول العالم ومعاستمرار التزامها بمنح الدول السائرة في فلك سياستها الاموال سنويا ، فانها وجدتفي العراق الدولة الغنية نفطيا مصدرا لتمويل تلك المنح اسوة بدول الخليج التياختصت بتمويل الجماعات المسلحة في فترة ما يعرف بالربيع العربي ولا تزال ، والشامالجديد ، الاسم البراق لآخر تقليعه اميركية التي اوجبت على ان يقوم العراق بتمويلمد انبوب نفطي الى الاردن ومصر واقامة مصافي نفطية وتزويد محطات توليد كهربائيةهناك وتنفيذه منخلال تحمل العراق قرض سيادي قيمته 45 مليار دولار اميركي ومن ثم بيع نفطه باسعارتفضيليبة تقترب من نصف السعر المعلن من قبل اوبك على ان يلتزم العراق باستيرادالكهرباء والمنتجات النفطية من تلك المصافي ومحطات الكهرباء، اي بين مزدوجين ان لايفكر العراق اطلاقا باعادة بناه التحتية في بناء محطات توليد كهرباء ومصافي نفطيةحتى لا يستفاد من بيع نفطه للتنمية وجعل العراق بلدا عاجزا عن الرقي حتى الى مستوىالدول الافريقية الاشد فقرا ، وطبعا في البدء سيكون المعلن الاردن ومصر ثم لاحقااسرائيل وسوريا بعد تغيير نظامها السياسي لكي تنتفض لبنان وتلتحق للمساهمة بالنهبلثروات العراق ، الكاظمي سيمضي قدما بهذه الخطوة لانه لا يرقض اي طلب اميركياطلاقا ، وهذه ستكون وصمة عار في جبين كل سياسي التزم الصمت ووصمة عار لشعب ارتضىمعادلة يخسر فيها ثرواته، اما الكاظمي فليس جديدا عليه مثل هذه الاعمال ، فقد سبقله وان اشترك في تسليم ارشيف الدولة العراقية الى الاميركان ،

    4-      المحافظة علىالحالة الكردية وجعلها مستثناة من النظام السياسي وغير ملتزمة بالدستور من خلالالسكوت عن عدم التزامها بتسليم وارداتها المالية الى الحكومة المركزية مع وجوبتدفق الاموال التشغيلة لادارة كردستان المستقلة ، وذلك كمكافئة من الاميركانلالتزام قيادات كردستان في تنفيذ الاجندة الاميركية في المنطقة

    5-      منع التفكيربان يكون العراق قويا ومستقلا من خلال جعل القوات الامنية بجميع صنوفها تخضعللتوافقات في الادارة وفق محاصصة فاضحة تتعدى الحزبية والمذهبية والعرقية لتكونحصص للأشخاص كما تم ذلك من خلال موافقة الكاظمي لتدخلات الحلبوصي في الامن الوطنيوالمخابرات مع ان سلطة الاخير تشريعية ، الا ان الامر مفروض اقليميا ودوليا

    وما خفي كاناعظم

     ونتمنى ان لا يستمر تكليف الكاظمي أنقاذا للعراقوشعبه من مستقبل مجهول يزيد معاناته المستمرة منذ اكثر من اربعين سنة ، وأن مايجري من تلميع لشخصية الكاظمي داخليا من خلال سيطرة الجهات الداعمة له علىالوزارات والقرارات المهمة ، اما عربيا ودوليا ، فأن الاثمان بدت واضحة وجليةوبشكل علني خلال أستجداء العراق للقمة الهزيلة الاخيرة التي لا يُعرف لغاية الانمغزى عقدها وماهي نتائجها على الوضع العراقي ،وما اشيع من احالة عقد اثار الكثيرمن اللغط والشبهات الى شركة توتال الفرنسية الا مثالا من عدة امثلة اخرى والذي كانسببا لحضور ماكرون لهذه القمة

    والكاظمي في الحقيقةمسكين لطموحات الشهرة التي عرف كيف يستغلها مستشاروه المختلفين في كل شيء ،الا انالمشترك الوحيد الذي يجمعهم هو الحصول على المكاسب الشخصية لفرصة لن تتكرر في انيكونوا بهكذا مواقع  

    مزهر الساعدي

    alsaader3@yahoo.com

    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media