التشحيط الديمقرطي!!
    الأربعاء 20 أكتوبر / تشرين الأول 2021 - 06:13
    د. صادق السامرائي
    التشحيط: صوت القتيل يدفق الدم ويضطرب فيه , أي يتمرغ بدمه .
    والمقصود هنا أن بعض الأوطان مذبوحة من الوريد إلى الوريد , وتتمرغ بدمها النازف , وأبناؤها لا حول ولا قوة عندهم سوى الكلام , الذي يدينون به الظواهر الفاعلة فيهم , والممزقة لوطنهم , ولا يستطيعون القيام بعمل جاد , ومؤثر في مداوة الوطن الذبيح , ويحسبون ما يقومون به سلوكا ديمقراطيا.
    والمثال أن بعض البلدان الغنية تُنهب ثرواتها , ويعم فيها الفساد والظلم والقهر والتبعية والخنوع , والتأمين الفاضخ لمطامع المفترسين للبلاد , من القوى التي تمسك بعنق الوجود فيه , والناس ترى أنها ببوحها وإنتقادها الكلامي قد أدّت واجبها , ودعهم ينهبون ويفسدون ويتبعون ويخونون , المهم أن الديمقراطية قد أتاحت للناس القول , أما الوطن والحياة وتأمين حاجات المواطنين , وإحترام قيمة الإنسان وحقه في الحياة الحرة الكريمة , فهذا أمر مستهجن , ولا يجوز التفكير به.
    وهكذا تسود وسائل التواصل الكتابات التي تدين , وتقول هذا فعل كذا , وذلك سرق كذا , والبلاد تغرق بالثروات , التي يسمع عنها المواطن ولا يراها , ولا يجد أثرا لها فوق التراب , فجميعها مهربة ومصمّدة  , ولا يحق لمن يدّعي ملكيتها أن يضع يده عليها أو يتصرف بها إلا بسلطان , وموافقات معقدة.
    فهذه أموال في البنوك الأجنبية , وعليها أن تخضع لقوانينها وضوابطها , ولا يجوز الإخلال بذلك , لأنه يعني سلوكا منحرفا , ومحاولة لمساعدة جهات غير مرغوب فيها , ومن السهل أن تحجز الأموال أو تصادر خدمة للمصلحة الإنسانية , أو أن تكون مودعة باسماء رمزية , أو أرقام وهمية , فلا يجوز المطالبة بها , لأنها مسجلة تحت إسم مجهول لا دليل على وجوده.
    وبهذه الطريقة يتحقق سرقة أموال الشعوب , بتولية الأغبياء والجهلاء عليها , وإيهامهم بما لا يعرفون , ودفعهم لإيداع أموال البلاد في البنوك التي تستثمرها لصالح مواطنيها , وتمنعها من العودة إلى أهلها.
    وهؤلاء هم أعداء الوطن الحقيقيون , والناهبون لأموال الشعب , والذين يأنسون لترك الحبل على غاربه للناس يفضفضون عن همومهم , وهم ينهبون ويسلبون , وبالأرقام المليونية والمليارية يترنمون , وكل منهم ينادي " الشاطر من يضع في السكلة رقي" , ودامت شطارتهم الديمقراطية , الموبوءة بالفساد والتبعية والخنوع , وعاشت إرادة المواطنين الحرة الكريمة!!
    فتلك هي ديمقراطية المجتمعات المقهورة بالكراسي المرهونة بأسيادها!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media