ضربة جديدة لليرة التركية بعد تهديد السفراء و"تحدي سعر الفائدة"
    الجمعة 22 أكتوبر / تشرين الأول 2021 - 21:29
    [[article_title_text]]
    يتوقع اقتصاديون أتراك أن القيمة التي وصل إليها سعر صرف الليرة التركية قد لا تقف عند هذا الحد
    (الحرة) - وصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، الخميس، مسجلة 9.47 مقابل الدولار الأميركي، في "ضربة جديدة" جاءت عقب إعلان البنك المركزي خفض سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس من 18 بالمئة إلى 16 بالمئة.

    كما أنها تبعت تهديدات الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان بطرد سفراء عشر دول من بلاده، إذ قال بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول": "قلت لوزير خارجيتنا لا يمكن لبلدنا أن يكون مرحبا إلى درجة تصل لاستضافة هؤلاء عندنا".

    وكانت عشر دول غربية قد دعت في بيان، الاثنين، إلى "تسوية عادلة وسريعة لقضية" عثمان كافالا، رجل الأعمال والناشط التركي المسجون قيد المحاكمة منذ أربع سنوات، الأمر الذي أثار غضب أنقرة، ما دفعها لاستدعائهم الثلاثاء.

    قرار المحكمة صدر بعد حكم بالسجن على شاب تركي نشر رسما اعتبر مهينا للرئيس رجب طيب إردوغان 
    بعد ضربة الليرة.. إلى أين تسير تركيا؟ وما سر إقالات المركزي؟
    في وقت تضاربت فيه أسباب إقالة هؤلاء سجلت الليرة التركية انخفاضا جديدا في سوق العملات الأجنبية.
    ولم يقدم البنك المركزي مؤشرات تذكر بشأن المسار المستقبلي للسياسات النقدية، لكنه قال في بيان إنه "سيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية تشير إلى انخفاض دائم في التضخم والوصول إلى هدف 5 بالمئة متوسط المدى".

    وأضاف أنه "سيتم إنشاء أرضية مناسبة لاستمرار الاستثمار والإنتاج ونمو العمالة بطريقة صحية ومستدامة".

    "صدمة"
    ويتوقع اقتصاديون أتراك أن القيمة الحالية التي وصل إليها سعر صرف الليرة التركية قد لا تقف عند الحد المذكور، خاصة مع تمسك البنك المركزي بسياسة خفض سعر الفائدة، فضلا عن سياسات تركيا الخارجية التي تنعكس أيضا على سعر الصرف، وهو ما بدا مؤخرا، بعد تلويح إردوغان بعملية عسكرية في الشمال السوري.

    ومنذ عامين يصر إردوغان على مسار خفض سعر الفائدة، في سياسة كانت كفيلة بإقدامه على إقالة أربعة محافظين للبنك المركزي، وأخيرا نائبين للمحافظ الحالي، شهاب قافجي أوغلو.

    ولطالما أبدى إردوغان المؤيد لنمو قوي مدعوم بقروض متدنية الكلفة، معارضته لنسب الفوائد المرتفعة التي يصفها باستمرار بأنها "أصل كل الشرور"، مؤكدا أنها "تشجع التضخم".

    لكن وعلى الطرف المقابل ينظر الشارع التركي، وخاصة المعارض منه إلى تلك السياسة على أن "تحدٍ"، وأنها تعزز عدم بقاء البنك المركزي كمؤسسة مستقلة.

    قبل خمسة أيام زار كمال كلشدار أوغلو زعيم "حزب الشعب الجمهوري" بشكل مفاجئ البنك المركزي، وعبر عن انتقاده للسياسة التي يسير فيها، وقال بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية إنه يجب أن يتصرف "من أجل المصلحة العامة".

    أصدر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان قرارا نشر في الجريدة الرسمية وشطب بموجبه 3 أسماء ضمن المناصب العليا في البنك المركزي.  
    وبعد ذلك بأيام نشرت جمعية "رجال الأعمال والصناعيين الأتراك" (توسياد) تقريرا مفصلا انتقدت فيه بشكل غير مباشر السياسات النقدية التي يسير بموجبها البنك المركزي، وحذرت بشكل ضمني من ارتفاع سعر الصرف وارتفاع الأسعار الجامح.

    "يوم لا يصدق"
    ويستحوذ الحديث الخاص بتدهور العملة التركية على الشارع التركي، سواء المواطنين العاديين منه أو الاقتصاديين ومسؤولي الأحزاب التركية.

    وعقب كل قرار يصدره "المركزي" تتصدر وسوم عبر موقع التواصل "تويتر"، وينتقد المستخدمون عبرها الحالة التي وصلت إليها عملتهم.

    الصحفي، راغب صويلو كتب عبر "تويتر" الخميس: "يا له من يوم لا يصدق". 

    وأضاف: "أول حلقة للموساد، ثم إردوغان يريد طرد سفراء الدول العشر والآن البنك المركزي يكتسب أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة إلى 16 بالمئة".

    وأشار الصحفي بعد ذلك إلى التدهور الذي طرأ على سعر العملة.

    وكانت الليرة قد عانت من "كدمات" خلال سنوات قليلة، حيث فقدت 59 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية عام 2018.

    وعلى إثر ذلك سحب العديد من المستثمرين الأجانب أموالهم، ووفقا لبيانات البنك المركزي يملك المستثمرون الأجانب 6 مليارات دولار من السندات الحكومية في نهاية الربع الثاني من 2021، مقارنة بـ 61.5 مليار دولار في نفس الوقت في عام 2013.

    زعيم "حزب المستقبل"، أحمد داوود أوغلو كتب عبر حسابه في "تويتر": "بدلا من محاربة التضخم يبدو أن البنك المركزي التركي يخضع لسيطرة السياسة".

    وأضاف: "ألا يكفي أن فقرت الأمة بنسبة 15 بالمئة في شهر واحد؟ ألم يكفي أنك حولت الحد الأدنى للأجور إلى طوابع وجعلت العامل محتاجا؟ ألم يكن كافيا زيادة مدفوعات الضمان لمقاولي الدفع عند الاستلام بنسبة 50 بالمئة".

    سرعان ما انعكس ذلك على سعر صرف الليرة التركية، إذ تراجعت لتلامس حاجز الـ9 ليرات مقابل الدولار الواحد ثم بلغت ما يقرب من 8.80
    بينما قالت الباحثة الاقتصادية، سيلفا ديمرلاب في تعليقها على الخفض الجديد لسعر الفائدة: "أينما تأتي الخسارة فهي ربح. مثل قيم للغاية".

    وأضافت عبر "تويتر": "لا ينبغي أن يصر البنك المركزي على قراراته الخاطئة. يؤدي خفض سعر الفائدة في الوقت الخطأ إلى زيادة التكاليف الاقتصادية والتضخم. ناهيك عن توسيع الاقتصاد، فهو ينكمش".

    أما نائب رئيس "حزب الشعب الجمهوري"، محرم إركي فقد اعتبر في تغريدة عبر "تويتر" أن "الاقتصاد التركي في حالة انهيار كلي، بسبب الإدارة القصيرة النظر".

    وقال نائب رئيس "حزب الجيد"، بهادير إردم: "لقد جن جنون إدارة حزب العدالة والتنمية! البنك المركزي، وهو يعلم أن العملة ستطير، خفض الفائدة وأصبح الدولار 9.50. من الواضح أن شخصا ما يقوم بعملية جني الأموال! فلتكن كل قرش تسرقه من جيب الناس حراما".

    "رواية أخرى"
    في مقابل ما سبق تلتزم الحكومة التركية برواية واحدة بشأن ما تشهده العملة التركية من تغيرات إلى جانب الوضع الاقتصادي العام.

    وسبق وأن أعلن إردوغان أن تركيز الحكومة التركية في المرحلة المقبلة سيكون على الاستثمارات الخارجية، موضحا أنه مصمم على جعل تركيا مركز جذب للمستثمرين المحليين والدوليين، بمخاطر منخفضة وثقة عالية وأرباح مرضية.

    وإلى جانب ذلك، قال إردوغان في تصريحات مؤخرا: "سيرى الجميع أنه عندما يتم الاستثمار على أكمل وجه، سنرتقي إلى مصاف الدول التي توفر أعلى نسبة من الأرباح الآمنة".

    وتشير معظم تصريحات المسؤولين الأتراك إلى أن "هناك فرقا" ما بين تدهور العملة وما بين الاقتصاد ككل.

    وكان وزير التجارة التركي محمد موش قد أعلن، الثلاثاء، أنه "للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية" تتجاوز صادرات بلاده الـ1 بالمئة من الإجمالي العالمي.

    وأشار موش، عبر حسابه على "تويتر" إلى أنّ حجم الصادرات التركية عام 1980 كان يشكل 0.14 من نظيره العالمي، وفي 2000 ارتفع إلى 0.43، مضيفا: ""المنتجات التركية أصبحت تصدر إلى كافة أصقاع العالم، هذا النجاح لكل تركيا".

    من جانبه توقع إردوغان تحقيق بلاده نموا اقتصاديا نسبته 9 بالمئة في عام 2021، وذلك بعد تعرضه لضربة على غرار اقتصادات أخرى في 2020، بسبب أزمة كورونا.

    وأوضح بحسب ما نقلت "الأناضول" أن معدل النمو الذي تحقق في الربعين الأول والثاني من عام 2021 يشير إلى إمكانية نمو الاقتصاد التركي بنسبة 9 بالمئة في عموم العام الجاري. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media