الشريعةُ هِيَ البُعْدُ القانُونِيُّ في الدينِ
    الأربعاء 3 نوفمبر / تشرين الثاني 2021 - 08:42
    زعيم الخيرالله
    قبلَ الحَديثِ عن الشَّريعَةِ في بُعْدِها القانُونِيِّ ، لابُدَّ لنا أَنْ نُفَرِّقَ بينَ مُفْرَداتٍ ثَلاث ، الدين ، الشَّريعَة ، الفِقه . الدينُ هو مجموعةُ المعارفِ الآلهيَّة ، والشريعةُ : هيَ البُعدُ القانونيُّ والعمليُّ من الدين . هذه هي الشريعة بالمعنى الاخص. أَمّا الفقهُ : فهو الاحكامُ العمليَّةُ التي استنبطها الفقهاء من النصوص والقواعد .

     الدينُ أَوسعُ دائرةً من الشريعةِ ؛ لانَّهُ من خلال الدين يصلُ الانسانُ الى كمالِهِ المنشود . أَمّا الشَّريعَةُ فهي الدينُ في بعدهِ القانونيِّ . الشَّريعَةُ تُمَثِّلُ الحَدَّ الأدنى من الدين ، لايستطيعُ الانسانُ أَنْ يقطعَ أَشواطاً من الكمال فقط من خلال الشريعةِ التي تمثل البعد القانونِيِّ من الدين ؛ لانَّ القانونَ يمكن الالتفافُ عليه ويمكن التلاعبَ فيهِ .

     بنو اسرائيلَ تحايلوا في تطبيق القانون الذي حرَّمَ الله عليهم الصيدَ في يوم السبت ، كما جاء في قوله تعالى :
    (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ). الاعراف:الاية: (163)

    فالشريعةُ أَمرتهم أَنْ لايصطادوا في يومِ السبت ؛ ولكنهم تحايلوا على القانون وجعلوا الاسماك تتجمع في احواض يومَ السبت ، ويأخذونها يوم الاحد .
    القانونُ يمكنُ ان يتلاعبَ به المتلاعبونَ ، وهذا لايؤدي الى تكامل الانسان . في العلاقةِ الزَّوجيّةِ اذا حولناها الى مسألةٍ قانونية ، ومسألَةٍ حقوقيّةٍ ؛ فانَّ هذا ؤدي الى انهيار هذه العلاقة ، بينما اذا تعاطينا مع هذه الرابطة المقدسة وفق مايقوله الله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). الروم: الاية:  (21).

     اذا تعاملنا مع العلاقةِ الزوجِيَّةِ على اساس كونها سكن ومودة ورحمة ؛ فعندها تعمر الحياة وتزدهر وتتسامى .

    الاقتصار على الجانب القانوني من الدين لايحقق رسالة الدين لان الشريعةَ والبعد القانونيِّ من الدين يمثل الحدَّ الادنى ، أَمّا الاخلاق والقيم والمناقبيات والسجايا العاليّة فهي المجال الارحب لتكامل الانسان وتحقيق انسانيته .

     اما الفقه : فهو يَهْتَمُّ بالجانب العمليِّ القانونيِّ أَيضاً ، ولكن الفرق بين الشريعة والفقه هو أَنَّ الشريعةَ مُنَزَّلَةٌ والفقه عمليَّةٌ استنباطيّةٌ يقوم بها الفقهاء من خلال نصوص الشريعة وفي اطار الدين ؛ فحينئذٍ يكون الفقهُ اسلاميّاً ، امّا الاستنباطُ خارجَ دائرةِ الشريعةِ وخارج اطار الدين كما يحلو لبعض الحداثويين الذي قدمو لنا فقهاً خارج دائرة الشريعة وخارج اطار الدين فلايمكن ان نعتبر هذا الفقه فقهاً اسلاميّاً .

     وفي الختام : الدين اوسعُ دائرةً من الشريعةِ ، واذا اراد الانسانُ ان يتسامى في درجات الكمال ؛ فعليه ان لايقتصرَ على البُعدِ القانونيِّ في الدين ؛ لان هذا البعد يمكن التلاعب فيه من خلال الثغرات في النصوص القانونية.
    © 2005 - 2025 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media